السراج المُنير في جبل شنشيف ( القديس أنبا توماس السائح )

[walaa farouk]

[ أولئك ياربُ الذين أشرقتَ عليهم بشعاع حُبك ..
لم يحتملوا السُكنى بين الناس؛ بل القوا عنهم كل حبٍ جسدانىٍ
وتغربوا عن كُل شئٍ فى طلب المحبوب ..
نفضوا كل لذة جسمية ونبذوا كل تمتع بشرى..
نزعوا كل أفراحهم وذهبوا يلتمسون طريق الحبيب بالدموع ..
بكوا لما وجدوا أنفسهم فى الطريق غير مُستأهلين لجمال المحبوب..
ولما لم يجدوا عندهم شيئاً يقدمونه إليه ..
قَدموا ذواتهم بالحب على مذبحهُ ..
آه منكَ أيها الحبيب .. لقد سلبتَ منهم كُل شئٍ . ]
الشيخ الروحاني

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

مع بدايات القرن الرابع إنتشرت في ربوع بلادنا المصرية
دعوات كتير لترك العالم بكل اللي فيه من مباهج ومشغوليات ووسائل للراحة والترف ..
والإتجاه ناحية الأماكن الصحراوية المُقفرة الغير مأهولة بالسُكان ..
كان هدف الدعوات أو الحركات دي هو الحصول علي فُرص أكبر
للعبادة والنُسك والتأمل في محبة الله..
ناس كتير تركوا بيوتهم وباعوا ممتلكاتهم واتجهوا ناحية
البراري والمغاير اللي ف الصحرا الممتده في كل أطراف مصر ..

أبونا القديس أنبا توماس كان ليه نفس الدعوة وعنده نفس التوجه ده ..
لكنه كان ناسك مُتعبد في حياة الوحدة .. مش راهب في حياة ديرية ..
فمكنش من الأباء المشهورين زي انبا انطونيوس، انبا مقار، أنبا باخوميوس، أو أنبا شنودة اللي ليهم مدارس في الرهبنة وليهم مئات وألوف من التلاميذ والتابعين ..
لكن حياته كانت أقرب لحياة أنبا بولا أو أنبا كاراس ..
إنسان عابد .. متوحد .. ناسك .. عايش بمفرده ..

وبنفس الكيفية اللي الله أرسل بيها ..
- الأنبا أنطونيوس عشان يعرفنا بسيرة أنبا بولا .. ويهتم بدفن جسده ..
- والأنبا بموا عشان يعرفنا بسيرة أنبا كاراس .. ويهتم بدفن جسده ..
- أرسل الله أنبا شنودة رئيس المتوحدين ومعاه تلميذه البار أنبا ويصا عشان يعرفونا بسيرة أنبا توماس .. ويهتموا بدفن جسده ..

* كان في علاقة محبة روحية كبيرة بين أبونا أنبا توماس .. وأبونا أنبا شنودة الكبير.. تخيل كمية التعب والمشقة اللي محتاجهم أبونا أنبا شنودة وهو شيخ طاعن في السن عمره أكبر من 120 سنة عشان يتحرك من ديره في جبل أدريبة (غرب سوهاج) لزيارة صديقه أبونا أنبا توماس في جبل شنشيف (شرق سوهاج) مسافات طويلة ما بين المشي في الصحاري المقفرة والتنقل علي الدواب وركوب مركب لعبور نهر النيل من الغرب للشرق والعكس .. مشقة كبيرة لكنها تهون مع المحبة ..

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

في الأيقونة ..
شيخ طاعن في السن (يُعتقد ان أنبا توماس عاش من 120 إلي 130 سنة )
ملامحهُ هادئه بعد أن تزين بزينة الروح الوديع الهادئ .. مُلتحفاً بإسكيم النُساك المتوحدين .. بيدهُ اليمني الصليب .. سلاح الغَلبة .. ويده اليُسري مفتوحة لا تقبض علي شئ .. في وضع أيقوني تقليدي رمزاً للكفاية والحاجه إلي الواحد.

* إهتم كاتب الأيقونة بالرجوع للأيقونة الأثرية ..

- فحرصَ علي الحفاظ علي الألوان المعتادة لملابس ق.أنبا توماس (جلباب أحمر ورداء أبيض ) وعوض عن الأكمام الخضراء في الأيقونة الأثرية تم التعويض عنها بكنار من اللون الأخضر مُزين بالصُلبان القبطية الصغيرة .

- علي جانبي الأيقونة من الأسفل ..
* مغارة صغيرة إشارة للمغاير الموجودة حتي الآن في جبل شنشيف خلف الدير الأثري اللي يُعتقد أن انبا توماس كان يتعبد في واحدة منها ..
* والكنيسة الأثرية اللي بتتبارك بوجود جسد ق.أنبا توماس فيها الآن .

- في الأيقونة الأثرية يرتدي أنبا توماس طاقية سودا .. ممسكاً ب"سبحة " في الغالب ده من تأثيرت البيئة المحيطة الغير مسيحية في فترة كتابة الأيقونة .. اللي بيرجحها البعض للقرن العاشر الميلادي .

السلام لأبينا القديس أنبا توماس السائح ..
السراج المُنير في جبل شنشيف.