" أيها الأحباء اطلب اليكم كغرباء و نزلاء أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التي تحارب النفس " (1بط 2 : 11)
توجيهات روحية فى محاربة الشهوات الجسدية
ليس من الغريب أن يجد الإنسان نفسه مكبلا بشهوات شريرة تعوق انطلاقه واتحاده الدائم بالرب ، لأن هذا هو المفترض أن يصادفه فى طريق الملكوت والسعادة الدائمة ، ولكن الغريب هو طاعة الإنسان لهذه الشهوات والتعبد لها رغم يقينه بأن الطريق بعد ذلك مظلم والنهاية دمار وهلاك أبدى ..
حقا ان العيش فى عفه وانضباط يحتاج لمزيد من التغصب والجهاد والحكمة ، ولكن لا يمكن إغفال حقيقة أن الباب ضيق والطريق كرب ، و ربما تُلزمنا الحرب ضد الشهوة أن نقبل أوضاع لا تتوافق و ميولنا البشرية الخاطئة وأن نقدم تنازلات عن بعض ما نملكه ، ولكن لا يجب أن نغفل عن حقيقة أن ملكوت الله لا يدخله إنسان مستعبد للجسد وشهواته ورافض لسلطان الروح على حياته ، والقول بغير ذلك جهلا بالحقائق وتحريفا للانجيل ..
أمور كثيرة يبنغى على الإنسان فعلها فى حربه ضد الشهوات الجسدية ، سوف نتناولها تباعا فى صورة توجيهات روحية ،لا غنى عنها لمن يرغب فى حرية الروح و حياة مقدسة كل حين ، وهى كالتالى :
+ لا يمكن فصل الهروب من العثرة و الشر عن الحياة فى سلامة وطهارة واستعداد للوقوف أمام الرب بلا لوم أو عيب فى القداسة ، أما الذين راحوا يقولون بإمكانية الحياة فى أمان و عفاف وبركة بعد الوقوف أمام الشر والسير فى طريق العثرة فهؤلاء هم المخدوعين من الشياطين ، لأنه مكتوب " أيأخذ إنسان نارا في حضنه و لا تحترق ثيابه. او يمشي إنسان على الجمر و لا تكتوي رجلاه (ام 6 : 27 ، 28)..
+ إن سبب ضعف الإنسان أمام نداءات الشهوة ليس فى قوة جاذبيتها ، و إلا ما كنا قد سمعنا عن منتصرين وأناس عاشوا كل حياتهم فى كمال وعفاف وبر ، ولا فى قدر ما يعانى منه الإنسان من كبت وحرمان ، ولا فى كثرة ما يخرج به الإعلام من إثارة و تحفيز على السقوط والانحراف ، وإنما ضعف استعداد الإنسان للحياة مع المسيح وحسب الإنجيل هو السبب وراء استجابته الدائمة والسريعة للسقوط والانحراف وإنكار الإيمان ، ولا شىء يستطيع أن يقوى من استعداد الإنسان للحياة فى تقوى صادقة ، ومن ثم عدم ضعفه أمام الشهوة ، سوى الصلاة ، نعم الصلاة هى الكفيلة بأن تهب للإنسان الحصانة من كل انزلاق ردىء وميل باطل نحو الشر والرذيلة والسلوك بغير استقامة ... لأجل هذا أوصى الانجيل قائلاً : " صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة .. ينبغي ان يصلى كل حين و لا يمل ( لو 22 : 40، لو 18 : 1).
+ من المعروف أن الاتضاع يظهر حيل الشياطين ويفضح أعمالهم وتدابيرهم ، ولو جعل كل إنسان أمر السعي فى أخذ المشورة والإرشاد أمر لا غنى عنه فى الحياة لبطلت أغلب حيل المضاد ولنجى الكثيرين من السقوط والندم والانحراف ، لان مع المشورة السلامة والنور والنجاة ، كما أن النفس التى تبغض الاتضاع تبغض المشورة واللجوء إليها ، بل و تبغض الذين يلجأون إليها ويلتمسونها أيضا .
+ إن الحرية الحقه حسب تعاليم الإنجيل والمسيحية ليست فى الحياة برفاهية وتلذذ وخضوع لرغبات الجسد ، بل فى الانتصار على كل هذا وذاك ، لأنه اى حرية ستكون للروح عندما نقبل الانشغال عنها مهتمين بالجسد ومتطلباته ؟ وأى حرية نافعة لحياتنا ستُعطى لنا عندما نستعبد لما يحرمنا من سعادة الحياة الأبدية وبركات الرب فى حياتنا على الارض ؟ وأى حرية تذكر لإنسان جعلته الشهوة فى عجز دائم عن إرضاء الرب والحياة حسب الحق ؟!
+ ما أجمل الإيمان الذى يدفعنا للتشبه بالأطهار والقديسين الذين بالإيمان رفضوا مغريات هذا الدهر وأمجاد العالم ، انتصروا على كل تدابير الشرير ، قهروا شهواتهم ، ملكوا الرب السيد على قلوبهم ، صلبوا أفكارهم ، سلكوا بالروح ، أبغضوا أفكار الجسد ورغباته ، جاهدوا من أجل العفة والاستعداد للحياة السعيدة ، اقتنوا الفضائل وامتلئوا من ثمار الروح ، صنعوا العجائب والمعجزات ، ردوا الكثيرين إلى البر ، نالوا رضا الرب وبركات السماء ، استحقوا أمجاد الدهر الآتى وأكاليل لا تفنى ولا تضمحل ...
صديقى : إن حرب الشهوات كائنة ضدك طالما كنت فى الجسد ، ولكن بمقدورك أن تنتصر وتتحرر إذا كانت فيك الرغبة الصادقة للحياة حسب الانجيل وفكر الروح و إرداة الله ، والنفس التى تتحرر من سلطان الجسد هى التى تستطيع ان تفرح وتتبارك من الرب ، أما النفس التى لا ترفض سلطان الجسد بل ترتضى بأفكاره فلا يمكن أن تحظى برضا الرب وبركات الروح وأمجاده . لك القرار والمصير .
اذكرونى فى صلواتكم