رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إن الفرح من ثمار الروح القدس كما يقول الرسول بولس .. "وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام .."(1)، والمطلوب من الإنسان المسيحى أن يحيا حياة الفرح الناتج من الإيمان بالرب يسوع .. ونقصد هنا الفرح الروحى، وليس الفرح العالمى .. والفرح العالمى هو فرح وقتى ومزيف، أما الفرح الروحى فهو فرح حقيقى .. وسوف نتكلم أولاً عن الفرح العالمى لنميزه عن الفرح الروحى، وهو عدة أنواع : أ- المال .. قد يفرح البعض بكثرة المال لديهم، ويعتقدون أنه أساس الفرح، ولكن الكتاب يقول "محبة المال أصل لكل الشرور، إن إبتغاه قوم ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة"(2). ب- السلطان أو المركز العالمى : قد يعتقد الإنسان أنه لو وصل لمركز عالى سينال أموراً تجعله يفرح، ويتمتع بأشياء كثيرة، ولكن الإنجيل المقدس يذكر لنا مثلاً عن هيرودس الملك "ففى يوم لبس هيرودس الحلة الملوكية، وجلس على كرسى المُلك، وجعل يخاطبهم، فصرخ الشعب هذا صوت إله لا صوت إنسان، ففى الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يعطى المجد لله، فصار يأكله الدود ومات"(3). ج- الأصدقاء الكثيرين .. وصفه أيوب الصديق بأنهم "معزون متعبون كلكم"(4)، لأنهم لم يقولوا الحقيقة وقت التجربة، ولم يعطوه كلام تعزية وصبر، بل وبخوه بشدة فزادوا فى آلامه. وأصدقاء الإبن الضال كانوا حوله عندما كان معه أموالاً كثيرة، وعندما نفذ المال منه تركوه "وكان يشتهى أن يملأ بطنه من الخرنوب الذى كانت الخنازير تأكله"(5). (1)-(غلا5: 22). (2)-(1تى6: 10). (3)-(أع12: 21). (4)-(أى16: 2). (5)-(لو15: 16). د- الشهوات والملذات الأرضية : إن القديس لوقا يحدثنا عن الغنى الذى كان يتمتع بكل الشهوات الأرضية، تاركاً لعازر المسكين يموت جوعاً "ويشتهى أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغنى. وكانت الكلاب تأتى وتلمس قروحه. فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم. ومات الغنى أيضاً ودفن. فرفع عينيه فى الجحيم وهو فى العذاب ورأى إبراهيم من بعيد ولعازر فى حضنه. فنادى وقال يا أبى إبراهيم إرحمنى وارسل لعازر يبل طرف إصبعه بماء ويبرد لسانى، لأنى معذب فى هذا اللهيب. فقال إبراهيم يا ابنى إذكر أنك إستوفيت خيراتك فى حياتك"(1). لذلك يقول القديس بولس الرسول "أما التقوى والقناعة فهى تجارة عظيمة، لأننا لم ندخل العالم بشئ، وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشئ. فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتفى بهما"(2). ه- وهناك فرح صبيانى مثل فرح يونان النبى باليقطينة التى أنبتها الله له لتظلل عليه(3) أو فرح الابن الأكبر الذى اشتهى جدياً ليفرح به مع أصدقائه(4) أو فرحة التكلم بالألسن.. يقول بولس الرسول لهؤلاء "لا تكونوا أولاداً فى أذهانكم"(5). و- هناك أيضاً فرح بالخمر أو المكيفات، وهناك يقول لهم سليمان الحكيم "الخمر مستهزئة المسكر عجاج ومن يترنح بها فليس حكيم"(6)، وبولس الرسول يقول "لا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح"(7). ز- هناك الفرح الخاطئ وهو أخطر أنواع الفرح .. وهو أن يفرح الإنسان بسقوط عدوه ويقول سليمان الحكيم "لا تفرح بسقوط عدوك، ولا يبتهج قلبك إذا (1)-(لو16: 19). (2)-(1تى6: 6). (3)-(يون4: 6). (4)-(لو15: 29). (5)-(1كو14: 18). (6)-(أم20: 1). (7)-(أف5: 18). عثر. لئلا يرى الرب ويسوء ذلك فى عينيه"(1) أو تفرح بالإثم "فالمحبة لا تفرح بالإثم، بل تفرح بالحق"(2). ولكى تعيش حياة الفرح الحقيقى حاول تطبيق التدريبات الآتية : 1- أهم فرح لحياتنا الروحية هو الخلاص الذى صنعه رب المجد من أجلنا لذلك يقول أشعياء النبى"فرحاً افرح بالرب. تبتهج نفسى بإلهى. لأنه ألبسنى ثياب الخلاص كسانى برداء البر, مثل عريس يتزين بعمامة ومثل عروس تتزين بحليَها"(3). وداود النبى يقول"قوتى وتسبحتى هو الرب وقد صار لى خلاصا"(4). وبشارة الملاك للرعاة "ها أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب .إنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب"(5). 2- الفرح لتوبة الخطاة, لأن المحبة تجعلنا نفرح للخطاة الذين تابوا "إنه هكذا يكون فرح فى السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارأّ لا يحتاجون إلى توبة"(6). 3- نفرح بعشرة الرب لنا .. لأنه أحبنا وبذل نفسه عنا .. لذلك نفرح : أــ بكلامه : يقول المزمور "فرحت بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة"(7). ويقول أرميا النبى "وجدت كلامك (كالشهد) فأكلته , فكان كلامك لى للفرح ولبهجة قلبى"(8). ب ــ باسمه : يقول داود النبى "محبوب هو اسمك يارب. فهو طول النهار تلاوتى"(9). ج ـــ ببيتــــه : "فرحـــــت بالقائلـــــين لى إلى بيت الــــرب نذهـــــب "(10)، وأيضـــــــاً (1)-(أم24: 17). (2)-(1كو13: 6). (3)-(اش61: 10). (4)-(مز117: 14). (5)-(لو2: 10). (6)-(لو15: 7). (7)-(مز119: 162). (8)-(ار15: 16). (9)-(مز119: 97). (10)-(مز121: 1). "مساكنك محبوبة يارب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسى للدخول إلى بيت الرب"(1). د- بأولاده : "بهذا نعرف أننا نحب الله, إذ أحببنا الله وحفظنا وصاياه"(2). ه ــ بخدمته : " بالمحبة إخدموا بعضكم بعضاً, لأن كل الناموس فى كلمة واحدة ويكمل. تحب قريبك كنفسك"(3). و- بتجاربه : "إحسبوه كل فرح يا إخوتى عندما تقعون فى تجارب متنوعة, عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبرا , وأن الصبر فليكن له عمل تام لكى تكونوا نامين وكاملين غير ناقصين فى شئ"(4). 4- أفرح بالاستعداد للحياة الأبدية : "الحياة أظهرت وتشهد وتخبركم بالحياة الأبدية التى كانت عند الآب وأظهرت لنا, ونكتب إليكم هذا, ليكون فرحكم كاملاً"(5). 5- ويقول القديس أغسطينوس [ إن شئت أن يكون فرحك ثابتاً إلتصق بالله السرمدى إذ ذاك التى لا يعتريه تغيير, بل يستمر ثابتاً على حال واحد إلى الأبد ]. ويقول القديس بولس الرسول" إفرحوا بالرب كل حين وأقول أيضاً إفرحوا. لا تهتموا بشئ, بل فى كل شئ فى الصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله"(6). أــ لذلك يجب أن تداوم على الصلاة : يقول داود النبى "تقدمت فرأيت الرب أمامى فى كل حين لأنه عن يمينى فلا أتزعزع. من أجل هذا فرح قلبى وتهلل لسانى. تملأنى فرحاً أمام وجهك. البهجة فى يمينك إلى الإنقضاء"(7). (1)-(مز83: 1). (2)-(1يو5: 20). (3)-(غلا5: 13). (4)-(يع1: 2). (5)-(يو1: 2، 4). (6)-(فى4: 4). (7)-(مز15: 8). ب ـــ التسبيح والترنيم : التسبيح يضفى إلى النفس البشرية الفرح والبهجة لذلك تستخدم الكنيسة القبطية سفر المزامير كمنبع أول للتسابيح والترانيم .. لذلك يقول المزمور "سبحوا الرب تسبيحاً جديداً. سبحى الرب يا كل الأرض. سبحوا الرب وباركوا اسمه.. قولوا بين الأمم أن الرب قد ملك على خشبة .. فلتفرح السموات ولتبتهج الأرض"(1). ويقول أيضاً "هلم نرنم للرب .نهتف لصخرة خلاصنا. نتقدم إليه بحمد وبترنيمات نهتف إليه"(2). ويقول داود النبى "أما نفسى فتفرح بالرب وتبتهج بخلاصه"(3). 6- أعيش حياة الشكر الدائم .. فالإنسان الذى يشكر الله على كل حال ومن أجل كل حال يشعر بالفرح الدائم، بعكس الإنسان المتذمر فلا يشعر إلا بالحزن والإكتئاب، لذلك يقول القديس بولس الرسول "إتبعوا الخير بعضكم لبعض للجميع.. اشكروا فى كل شئ، لأن هذه هى مشيئة الله فى المسيح يسوع من جهتكم"(4). 7- أعمل الخير مع كل الناس، فالذى يساعد الآخرين يشعر بفرح دائم، وتسمى الخدمة العاملة بالمحبة، وقيل عن المسيح أنه "جال يصنع خيراً"(5). ويقول إنجيل متى أن الدينونة الأخيرة ستكون على أساس عمل الخير مع الناس "يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا إلىّ يا مباركي أبى رثوا الملكوت المُعد لكم منذ تأسيس العالم. لأنى جعت فأطعمتمونى. عطشت فسقيتمونى. كنت غريباً فآويتمونى. عرياناً فكسوتمونى. مريضاً فزرتمونى ومحبوساً فآتيتم إلىّ"(6)، ويقصد هنا مساعدة أو خدمة إخوة الرب (الفقراء). (1)-(مز96: 1- 11). (2)-(مز95: 1). (3)-(مز35: 9). (4)-(1تس5: 14). (5)-(أع10: 38). (6)-(مت25: 31). 8- لكى تعيش فى فرح دائم مع أسرتك حافظ على العلاقات الأسرية : فبولس الرسول يقول "لا تخرج كلمة ردية من أفواهكم، بل كل ما كان صالحاً للبنيان .. يرفع من بينكم كل خبث، وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين، كما سامحكم الله أيضاً فى المسيح"(1). ويجب أيضاً أن يكون هناك ثقة متبادلة بين أفراد الأسرة الواحدة ومع الآخرين أيضاً، فبولس الرسول يقول "إطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه، لأننا بعضنا أعضاء بعض"(2). 9- اجعل وجهك بشوش على الدوام .. فالإنسان البشوش يشيع الفرح والبهجة لكل من يقابله .. لذلك فالوصية التى تقال للزوجة يوم الإكليل هى [ يجب عليك أن تقابليه بالبشاشة والترحاب، ولا تضجرى (تكشرى) فى وجهه] وينطبق هذا على الزوج أيضاً. لأن الإنسان البشوش : يشيع المحبة والفرح حوله. يعطى التعزية للقلوب الثقيلة بهموم فيريحها. يعطى الطمأنينة والسلام لكل من يقابله. يعيش في الرجاء والفرح المقبل، منتظراً الحلول التى يقدمها الله لكل مشاكله لأنه متكل عليه. 10- هناك أمور يجب الإبتعاد عنها لأنها تسبب الكآبة والحزن وتبعدك عن الفرح وهى : الحقد والحسد والغيرة .. ونحن نعرف قصة حسد قايين لأخيه هابيل التى فى نهايتها قتله(3). (1)-(أف4: 29). (2)-(أف4: 25). (3)-(تك4: 8). الهم والغم والقلق .. والمسيح ينبهنا إلى هذه الأمور قائلاً "لا تقلقوا فإن هذه كلها تطلبها الأمم.. بل إطلبوا ملكوت الله، وهذه كلها تزاد لكم"(1). الشك والظن السيئ .. من الأمور التي تجلب الحزن داخل الأسرة .. بل وداخل المجتمع وكلنا نعرف شك توما من ناحية قيامة المسيح، وكيف أن المسيح أزال شكه، وثبت إيمانه، وجعله يفرح مع التلاميذ(2). الكلام السيئ وعدم احترام الآخرين .. هناك أناس ألفاظهم نابية، مملوء بالشتيمة والسخرية والإستهزاء، وهذه كلها تستفز الآخرين، ويفقدك السلام الأسرى ولا يشعرون بفرح الروح القدس داخلهم، وهذه يحذر منها القديس بولس الرسول إذ يقول "الأمور التى إن زاغ قوم عنها إنحرفوا إلى كلام باطل"(3). الحزن من كل شئ .. وهناك مزمور جميل ممكن أردده "الرب نورى وخلاصي ممن أخاف. الرب ناصر حياتى ممن أجزع. إن يحاربنى جيش فلن يخاف قلبى"(4). الفشل واليأس : يقول القديس بولس "لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القدرة والمحبة والنصح"(5). وفى اليأس يقول "مكتئبين فى كل شئ لكن غير متضايقين. متحيرين لكن غير يائسين"(6). ويقول بولس "وأخيراً يل إخوتى افرحوا فى الرب. إنى أحسب كل شئ خسارة من أجل فضل معرفة المسيح ربى الذى من أجله خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية لكى أربح المسيح"(7). (1)-(لو12: 29). (2)-(يو20: 27). (3)-(1فى1: 9). (4)-(مز26: 1). (5)-(2تى1: 4). (6)-(2كو4: 8). (7)-(2تى1: 4). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تداريب صوم العذراء |
تـــــدبــــر لــي أمـــري |
تداريب وسائط روحية أخرى أثناء الصوم |
تداريب على الصلاة |
تداريب روحية تصلح للبصخة وتليق بآلام المسيح ..!! |