رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا شنودة الثالث محبة تسبب ضررًا لا شك أن المحبة هي الفضيلة الأولى في المسيحية. وقد جعلها السيد المسيح علامة للمسيحيين فقال "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، عن كان لكم حب بعضكم نحو بعض" (يو 13: 35). والقديس بولس فضل المحبة على الإيمان والرجاء فقال "هذه الثلاثة، ولكن أعظمهن المحبة" قال "إن المحبة لا تسقط أبدا" (1كو 13: 13، 8). ومع ذلك فقد توجد محبة ضارة. ويذكرنا هذا بقصة استشهاد القديس أغناطيوس الأنطاكي، حين أحضروه إلى رومية، لكي يلقى إلى الأسود الجائعة فتأكله. فلما عرف ذلك المسيحيون في رومية، أرادوا أن يخطفوه لينقذوه من الموت، فأرسل لهم القديس أغناطيوس رسالة روحية مؤثرة، منعهم من ذلك قائلا: "أخشى أن محبتكم تسبب لي ضررًا". لقد وصل إلى نهاية المطاف في غربته في هذا العالم، وعما قليل سينال إكليل الشهادة ويصل إلى الفردوس ولكنهم بخطفهم له -ولو بعامل المحبة- سيعطلون مسيرته عن الوصول إلى تلك المتعة الروحية، التي تنتظره بعد الاستشهاد.. فتكون محبتهم له ضارة روحيا. ولعل من أسباب المحبة الضارة، أن تكون بغير حكمة، أو بعيدة عن الروح، أو تتصف بالذاتية، أو متعارضة مع محبة الله. الأسلوب الخاطئ في المحبة لا يستطيع أحد منا أن ينكر محبة الأم، حتى أنه يضرب بها المثل في الحنان وفي العمق. ومع ذلك يمكن أن أما تحب ابنها بطريقة ضارة! لقد أحبت رفقة ابنها يعقوب بطريقة ضارة. كانت تريده ينال بركة أبيه إسحق قبل أن يموت. والمفروض أن عيسو كان البكر الذي ينال البركة. فدبرت رفقة حيلة يخدع بها يعقوب أباه إسحق (الضرير وقتذاك) مدعيا أنه عيسو! ولما أدرك يعقوب خطورة هذا الخداع، وخاف أن يكشف الأمر فخدعه، فقال لأمه في خوف "فأجلب على نفسي لعنة لا بركة". أجابت أمه "لعنتك على يا ابني. اسمع لقولي" (تك 27: 6 - 13).. وسمع لقولها، وخدع أباه، فماذا كانت النتيجة؟! لقد أضرته أمه بمحبتها. وكما خدع أباه، دخلت الخديعة إلى حياته!! فخدعه خاله لابان، وزوجته ليئة بدلًا من راحيل (تك 29: 25). واضطر أن يتزوج الاثنتين وقاسى من تنافسهما وغيرتهما الواحدة من الأخرى. وخدعه خاله أيضًا فغير أجرته عشر مرات (تك 31: 41)،وخدعه أولاده. قالوا له إن وحشا افترس ابنه يوسف، وأروه قميص يوسف بعد أن غمسوه في الدم. فناح عليه وبكى "ورفض أن يتعزى" (تك 37: 31-35). وأخيرًا لخص يعقوب حياته بقوله لفرعون "أيام سنى غربتي.. قليلة وردية" (تك 47: 9). ونال يعقوب جزاء طاعته لمحبة أمه الضارة. * لعل من أساليب المحبة الضارة بأسلوب الطريق الخاطئ: الأخطاء الخاصة بالتزويج: إما الإسراع بالتزويج قبل النضوج، أو قبل التوافق.. أو اختيار زوج تطن فيه الم بكل الحب أنه صالح لابنتها، فتدفعها إلى الزواج به دفعا. ويكون في ذلك ضرر لها كل الحياة.. المديح الضار لقد أعجب الشعب بالفتى داود في انتصاره على جليات الجبار. وهتف النسوة قائلات في إعجاب "ضرب شاول ألوفه، وداود ربواته". وكان هذا المديح سبب غيرة سبب غيرة شاول الملك وحسده وحقده على داود. وفي ذلك يقول الكتاب "فاحتمى شاول جدًا، وساء هذا الكلام في عينيه. وقال: أعطين داود ربوات، وأما أنا فأعطينني الألوف. وبعد فقط تبقى له المملكة" (1صم 18: 7، 8). وكان مديح النساء لداود سب تعب لداود سبب تعب لداود، إذ عمل شاول الملك على قتله.. طارده من برية على برية إلى برية. وعاش داود مشردا مستهدفا طول فترة حياة شاول كلها. لأن المديح الذي مدحته به النساء لم يكن بحكمة، وصادف مشاعر رديئة عند الملك. مثال آخر: مديح الشعب لهيرودس. لبس هيرودس الحلة الملوكية، وجلس على عرشه يخاط الشعب. فصرخ الشعب هذا صوت إله لا صوت إنسان" (أع 12: 22). وصادف هذا الهتاف كبرياء دفينة في قلب الملك، فلم يعتف منه. لذلك ضربه ملاك الرب في الحال، لأنه لم يعط مجدًا لله، فأكله الدود ومات.. ويماثل المديح الخاطئ في ضرره، الدفاع عن الأخطاء. إنسان تدافع عن أخطائه -بدافع من الحب الخاطئ له- يجعله ذلك يثبت في أخطائه. وقد يؤدى ذلك إلى هلاكه..! وقد يحدث هذا في جو الأسرة والأصدقاء، أو في تملق الملوك والزعماء. كما حدث أيضًا في المجال الديني من أتباع الهراطقة والمبتدعين. لولا دفاع الهراطقة عنهم، والتفافهم حولهم ن ما نما خطرهم وهلكوا.. ويحدث هذا مع اتباع أي شخص، حينما يؤلهونه أو يعصمونه من الخطأ، ويدافعون عنه بكل قوة،فيستمر في الخطأ ويهلك. إنها محبة خاطئة، بل محبة ضارة. سواء كانت عن ثقة واقتناع، أو عن تملق رخيص. إن الأنبياء الكذبة لما تملقوا آخاب ملك إسرائيل، تسببوا في موته. كان خارجا للحرب ضد الأراميين. وكان يسأل الأنبياء: هل سيكون الله معه وينتصر أم لا؟ وميخا النبي تنبأ له بالصدق إنه إن حارب سينهزم. بينما الأنبياء الكذبة مدحوا الملك وبشروه بالانتصار "وَعَمِلَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قَرْنَيْ حَدِيدٍ وَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: بِهذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَفْنَوْا»" (سفر الملوك الأول 22: 11). وأطاع ملك إسرائيل كلام أولئك المادحين، وخرج للحرب. وانهزم ومات (1مل 22: 37 - 39). تسهيل الشر في يوم من الأيام رجع الملك آخاب حزينًا إلى بيته، إذ كان له شهوة في الاستيلاء على حقل نابوت اليزرعيلي، فساعدته زوجته الملكة إيزابل على تحقيق رغبته الخاطئة. شرحت له كيف يدبر مؤامرة يتهم فيها نابوت ظلما بأنه جدف على الله، ويحكم عليه بالرجم، ثم يرث حقله. وتمت المؤامرة بشهود زور. وورث آخاب الحقل.. وحققت إيزابل وعدها لآخاب: "أنا أعطيك كرم نابوت اليزرعيلي" (1مل 21: 7).. وكانت محبة ضارة تسببت في هلاك آخاب. وأرسل الله إليه إيليا النبي قائلًا "هل قتلت وورثت أيضًا؟.. في المكان الذي لحست فيه الكلام دم نابوت، تلحس الكلاب دمك أيضًا" (1مل 21: 19). ومثل هذه المحبة الضارة تسهيل كل إجراء غير شرعي: مثل تسهيل زواج غير شرعي، أو طلاق خاطئ، أو تزويج مطلقين ضد تعليم الكتاب.. ومثله أيضًا طالب يغشش زميله في الامتحان بدافع من الشفقة والمحبة!! أو يكتب شهادة مرضية وهمية.. أو صديق يشهد شهادة زور تأييدًا لصديقه.. أو محاسب يساعد ممولا على اختلاس حقوق الدولة في الضرائب.. أو أستاذ باسم الرحمة أو المحبة يخفض المقرر لتلاميذه، ويقدم لهم في الامتحان أسئلة تافهة، لكي ينجحوا ولم ينالوا من العلم شيئا. ويكون قد أضر بهم علميا، وأعطاهم ما لا يستحقون.. |
|