النبوة في الكتاب المقدس:
الثابت أن الكتاب المقدس يعتبر أن النبي هو من يتكلم بما يُوحى به إليه من الله، فأقواله ليست من بنات أفكاره، ولكنها من مصدر أسمى . والنبي هو في نفس الوقت “الرائي“ الذي يري أمورًا لا تقع في دائرة البصر الطبيعي، ويسمع أشياء لا تستطيع الأذن الطبيعية أن تسمعها. فكلمتا “النبي“ و“الرائي“ مترادفتان (1 صم 9: 9). أما من يتكلمون “برؤيا قلبهم لا عن فم الرب“ “فمن تلقاء ذواتهم.. الذاهبين وراء روحهم، ولم يروا شيئًا “فهم أنبياء كذبة" و"الرب لم يرسلهم" (إرميا 23: 16-18، حز 13: 2-7). فالأنبياء الحقيقيون إنما يتكلمون بما يضعه الله في أفواههم، أو يكشفه لبصائرهم الروحية (ارجع إلى إش 2: 1)، فليس من الضروري أن يأتي كلام الرب للنبي بصوت مسموع لأذنه الطبيعية. ولكن الأمر الأساسي هو أن يكون قادرًا تمامًا على التمييز بين صوت الله وصوت قلبه أو أفكاره الذاتية. فبهذا وحده يستطيع أن يقول إنه يتكلم باسم الرب أو "هكذا قال السيد الرب" (حز 4: 16، 7: 1). وفي هذا الحال يدرك أنه لابد أن يتكلم، كما يقول عاموس النبي: الأسد قد زمجر، فمن لا يخاف؟ السيد الرب قد تكلم، فمن لا يتنبأ؟" (عا 3: 8)، لأن كلمات الرب تشتعل في قلبه "كنار محرقة" إلى أن ينطق بها (إرميا 20: 7-9).