رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"فقال لهم يسوع: أنا هو خبز الحياة، من يقبل إلي،ّ فلا يجوع، ومن يؤمن بي، فلا يعطش أبدًا" اعتاد السيد المسيح في أحاديثه الأخرى أن يقدم شهودًا أنه يعلن الحق، تارة يعلن أن الآب يشهد له، وأخرى يقتبس نبوات الأنبياء، وأخرى يقدم آياته وعجائبه. أما هنا فكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم لم يورد شهودًا وهو يعلن عن نفسه أنه الخبز النازل من السماء، لأنهم شاهدوا ولمسوا كيف أشبعهم بخبزات قليلة. يقول القديس إنه يعلن عن لاهوته، فمن يقترب إليه يشبع ولا يجوع قط. *قال لهم "أنا هو خبز الحياة" لكي يوبخهم، لأنهم عندما ظنوا الطعام عاديًا جروا إليه، وليس عندما تعلموا أنه من نوع روحي القديس يوحنا الذهبي الفم *الآن أنا حاضر أحقق وعدي في حينه. "أنا هو خبز الحياة"، ليس خبزًا جسدانيًا، فهو لا يسد الإحساس بالجوع فقط، ويحرر الجسم من الهلاك الناشئ عنه، بل يعيد تشكيل كل الكائن الحي بأكمله إلى حياة أبدية. ويصير الإنسان الذي خلقه ليحيا إلى الأبد سائدًا على الموت. يشير بهذه الكلمات إلى الحياة والنعمة التي ننالهما بواسطة جسده المقدس، الذي به تنتقل خاصية الابن الوحيد هذه، أي الحياة. *حينما دُعينا إلى ملكوت السماوات بالمسيح - لأن ذلك حسب ظني هو ما يشير إليه الدخول إلى أرض الموعد، فإن المن الرمزي لم يعد بعد يخصنا، لأننا لسنا نقتات بعد بحرف موسى، بل لنا الخبز الذي من السماء، أي المسيح، هو يقوتنا إلى حياةٍ أبديةٍ، بواسطة زاد الروح القدس، كما بشركة جسده الخاص، الذي يسكب فينا شركة الله، ويمحو الموت الذي حلّ بنا من اللعنة القديمة. *إني اتفق معكم أن المن قد أُعطي بواسطة موسى، لكن الذين أكلوا آنذاك جاعوا. وأقر معكم أنه من جوف الصخرة خرج لكم ماء، لكن الذين شربوه قد عطشوا، وتلك العطية التي سبق الحديث عنها لم تعطهم سوى تمتعًا مؤقتًا، لكن "من يقبل إليَّ فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدًا". ما الذي يعد به المسيح إذن؟ إنه لا يعد بشيءٍ قابلٍ للفساد، بل بالأحرى بذلك السرّ -الألوجية- في شركة جسده ودمه الأقدسين، فيستعيد الإنسان بكليته عدم الفساد، ولا يحتاج أبدًا إلى أي شيء من تلك التي تدفع الموت عن الجسد، أعني الطعام والشراب. إن جسد المسيح المقدس يعطي حياة لمن يكون الجسد فيهم، فيحفظهم كلية في عدم فساد، إذ يختلط بأجسادهم، لأننا ندرك أنه ما من جسدٍ آخر سوى جسده له الحياة بالطبيعة، هذا الذي لا يعادله جسد آخر. *إذ نقترب إلى تلك النعمة الإلهية والسماوية، ونصعد إلى شركة المسيح المقدسة، بذلك وحده نقهر خداع الشيطان. وإذ نصبح شركاء الطبيعة الإلهية (2 بط 1: 4) نرتفع إلى الحياة وعدم الفساد. القديس كيرلس الكبير *أنتم تطلبون خبزًا نازلًا من السماء، إنه أمامكم لكنكم لا تريدون أن تأكلوا. "ولكنني قلت لكم إنكم قد رأيتموني ولستم تؤمنون" القديس أغسطينوس |
|