|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
غرض التأديب «يُدَقُّ القَمحُ لأَنهُ لاَ يَدرُسُهُ إِلَى الأبَدِ، فيَسُوقُ بكَرَةَ عَجَلَتِهِ وخيلَهُ. لاَ يَسحَقُهُ» ( إشعياء 28: 28 ) التدريبات الإلهية قد تكون مؤلمة، لكنها نافعة جدًا، ولا يمكن أن تكون بلا قصد. ولمعاملات الله قصد ثلاثي الأوجُه: أولاً: وجه شخصـي: لإنماء وتهذيب النفس: إن الله يهمه أولاً حالتنا الروحية أكثر من الأعمال التي نقوم بها. إن الغرض التدريبات هو قداستنا. إن الله يهمه أن نتقدَّس في كل سيرة وسريرة، لكي نكون مُشابهين لصورة ابنه، فتظهر فينا الفضائل المسيحية مُجسَّمة أمام الناس. وليس هناك من بديل؛ فحيث لا تأديب، لا يكون حصاد في القداسة الشخصية أو في مُشابهة المسيح. إن الله يريد نضوجنا الروحي، فلا ينطبق علينا القول: «أَفرَايمُ صارَ خُبزَ ملَّةٍ لَم يُقلَب» ( هو 7: 8 )، أي أنضجته النار من أحد وجهيه، لكن الوجه الآخر بقيَ غير ناضج، لأنه لم يُقْلَبْ. الله لا يرضى بهذه الحالة لأولاده، ولا يكتفي بأن يرانا مُقدَّسين جزئيًا، أي حاصلين على نمو ونُضج في أمر، فيما ينقصنا الكثير في الأمور الأخرى. وهو، لكي يُصلح عدم التوازن هذا، يُعرِّضنا لنار الامتحان لإنضاج الجانب غير الناضج من أخلاقنا وشخصياتنا. وهكذا نتكمَّل في كل ناحية من حياتنا الروحية؛ نتكمَّل في المحبة، والطاعة، والتكريس، والقداسة، والحكمة، وفي كل الفضائل المسيحية. ثانيًا: وجه عملي: لتقديم الطعام للآخرين: يدرس الفلاح القمح ليفصل الحَبّ عن القش أو القشـر اللاصق به، ولكنه بعد أن يفعل ذلك «لا يَدْرُسُهُ إِلَى الأَبَدِ». فبعد الدراس لا تبقى حاجة إلَّا لأن «يُدَقُّ القَمحُ»، ويُسحق ويُطحن. ومكتوب عن ربنا يسوع أنه «مَسحُوقٌ لأَجل آثَامنا»، وذلك لكي يُصبح لنا خبز الحياة. «لَيسَ التلميذُ أَفضَلَ منَ المُعَلِّم، ولا العَبدُ أَفضَلَ مِن سَيِّدهِ. يَكفي التلميذَ أَن يكُون كمُعَلِّمهِ، والعَبدَ كَسَيِّدهِ» ( مت 10: 24 ، 25). فيجب ألَّا نتعجب إذًا إذا وجدنا أن الانسحاق هو الثمن الذي لا بد من دفعه في الخدمة الروحية. ثالثًا: وجه نهائي: لإعداد المؤمن للسماء: ما هذه الحياة إلا صف الحضانة الذي يعدّنا لنرتقي إلى السماء. كل الأشياء التي في العالم ستزول، لذلك فإن الله يُدرّبنا كي يخلع قلوبنا من هذا العالم، وينزع محبة العالم من قلوبنا، ويرفع أبصارنا إلى السماء، ويُشوِّقنا للبيت الأبدي السعيد. فيسمح لنا بالتدريبات المؤلمة، لأنه لا يوجد تاج في الأبدية دون أن يسبقه صليب هنا. والضيقات تُنشئ لنا ثِقَلَ مجدٍ أبديًا. . |
|