رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
زيارة مريم لأليصابات «قَامَت مَريَمُ ... وذهَبَتْ بِسُرعَةٍ ... وَسَلَّمَت علَى أَلِيصَابَاتَ» ( لوقا 1: 39 ، 40) حيثما وُجِد عمل النعمة تجد النفوس ترتبط معًا بحبال المحبة الإلهية. وهكذا كان ما حدث بين مريم وأليصابات. فقد كشف الملاك جبرائيل لمريم أن الله افتقد نسيبتها أليصابات، وهكذا بملء الشعور بما عمل الله معها، فقد حثها شعورها إلى صديقة وحيدة تسكب نفسها في محضـرها، وكانت تلك هي أليصابات. لقد كانت مريم مُثقلة بأخبارها السارة التي أُخبِرت بها عن أمانة الله تجاه كلمته، ومحبته غير المتغيرة تجاه شعبه. ولم يكن ممكنًا إلا أن تقوم مريم ”بِسُـرعَةٍ“، وتذهب إلى أليصابات. ويا لها من أفكار ملأت قلبها الساجد العابد، بينما هي تمضـي مُسرعة! أما أن زيارتها لأليصابات كانت من ترتيب الرب، فنراه في التحية التي قبلتها؛ تحية ذات طابع خاص، ثبَّتت ولا ريب إيمانها. فما أن سمعت أليصابات تحية قريبتها، ذكَّرها الرب بما صار لها هي شخصيًا، وفي ذات الوقت امتلأت من الروح القدس، وأُوحيَ إليها أن تُذيع البركة والحظوة التي نالتها مريم بالنعمة «وصرَخَت .. وقَالَت: مُبارَكَةٌ أَنتِ فِي النِّساءِ ومُبارَكَةٌ هيَ ثمَرةُ بَطنكِ! فَمن أَينَ لِي هذا أَن تأتِيَ أُمُّ ربي إليَّ؟ فهُوَذَا حينَ صارَ صَوتُ سَلامكِ فِي أُذُنيَّ ارتكضَ الجَنينُ بابتهَاجٍ فِي بَطني» ( لو 1: 42 -44). وقبل الخوض في إجابة مريم على أليصابات، ثمة ملاحظات قليلة بشأن كلمات أليصابات اللافتة. فلأول وهلَة نلحظ أنها ”امتلَأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ“، فكانت في شركة تامة مع فكر الرب تجاه مريم. كان الملاك قد قال لمريم: «مُباركَةٌ أَنتِ فِي النِّساءِ» ( لو 1: 28 ). والآن تقول أليصابات: «مُباركَةٌ أَنتِ فِي النِّسَاءِ»، ومُضيفة «ومُباركَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطنِكِ!» ( لو 1: 42 ). وبعينين فتحتهما قوة الله، رأت ما رآه الله، وأذاعت تقديره الخاص للمرأة التي اختارها الله، وحباها – دون كل النساء – هذه النعمة. وإذ امتلأت من الروح القدس، تُقرّ أليصابات - بوداعة واتضاع - بتفوق مريم، قائلة: «مِن أَينَ لِي هذا أَن تأتِيَ أُمُّ رَبِّي إِليَّ؟» (ع43). فمع كونها غرض إحسان إلهي، إلا أنها تأخذ المكان الأقل أمام المرأة التي على وشك أن تصير أُمًا لربها. يا ليت هذا التعليم يغوص عميقًا في قلوبنا؛ إنه عندما يعمل روح الله في النفوس، تختفي مشاعر الحسد والخصام والغيرة، وتفيض المحبة بجريان لا يعوقه عائق. وما التواضع إلا ثمرة هذه المحبة. . |
|