رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من هو الفاعل؟ أما أسباب هذا الحريق الجبار، فلم يعط التاريخ فيها حكما قاطعا. لكن كل الشائعات التي ترددت والشهادات وكتابات المؤرخين القدامى تشير إلى نيرون على أنه الفاعل، وأنه أراد أن يستمتع بمنظر طروادة أخرى تحترق ويشبع طموحه وجنونه في أعاده بناء روما على نسق أضخم ويدعوها نيروبوليس أي مدينة نيرون. وحينما اندلعت ألسنة النيران كان هو على شاطئ البحر في أنتيوم مسقط رأسه. ولم تلبث أن امتدت النيران إلى قصره الخاص. حتى يبعد الشبهة عن نفسه في جريمة الحريق وفي الوقت نفسه يستمتع بقسوة شيطانية جديدة ألصق التهمة بالمسيحيين المنبوذين، الذين أضحوا في تلك الآونة -خاصة بعد خدمة بولس الناجحة في روما- مميزين عن اليهود. كان المسيحيون بلا ريب يحتقرون الآلهة الرومانية، واتهموا زورا بارتكاب جرائم سرية كانت الشرطة والناس -تحت سيطرة الفزع الناشئ من الكارثة المروعة- على استعداد لأن يصدقوا أشر الافتراءات. ومن ثم طالبوا بالضحايا. وماذا كان ممكن أن ننتظره من الجموع الجاهلة إذ كان بعض الرومان المثقفين من أمثال تاسيتوس وسيوتونيوس وبليني وصموا المسيحية بالعار، كخرافة مفسدة دنيئة. لقد نظروا إليها على أنها أشرّ من اليهودية. ويقول تاسيتوس المؤرخ المعاصر -بعد أن ذكر خبر القبض على بعض المسيحيين واعترافهم بإيمانهم- (ولم يستذنبوا كثيرًا بتهمة الحريق، بقدر اتهامهم بتهمة كراهية الجنس البشري) وموضوع اتهام المسيحيين الأبرياء بحرق روما يعيد إلى أذهاننا حادثًا مماثلًا حدث في روما أيضًا لكن قبل حريقها بسنين طويلة. واتهم فيه قوم أبرياء ليس لثبوت التهمة ضدهم بل لمجرد اعتبارهم أعداء، علي نحو ما فعل بالمسيحيين... كاد معبد فستا بروما أن يحترق يوما، باندلاع نار شبت في المنازل المجاورة، فروعت روما إذ شعرت أن مستقبلها في خطر. فلما انقضي الخطر حث مجلس الشيوخ القنصل على البحث عن مدبري الحريق وسرعان ما اتهم القنصل بعض أهالي كابوا الذين كانوا وقتئذ في روما لا لأنه كان لديه أي دليل على إدانتهم، بل لأنه قدر التقدير الآتي (هدد الحريق معبدنا، وليس من الممكن أن يوقد هذا الحريق الذي كاد يؤدي إلى تحطيم عظمتنا ووقف مصائرنا، إلا يد أشد أعدائنا قسوة. وحيث أنه ليس لنا أعداء ألد من أهالي كابوا -تلك المدينة التي هي في الوقت الحاضر حليفه هانيبال عدونا الأول والتي تتطلع إلى أن تكون في مكاننا عاصمة لإيطاليا- إذن فهؤلاء الناس هم الذين أرادوا أن يقضوا على معبد فستا Temple of Vesta.. ويبدو أن هذه هي الطريقة التي ألفها ودرج عليها حكام روما. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من مهن في الكتاب المقدس «الفاعل» |
ولكن يصدمنا الفاعل |
يصدمنا الفاعل |
كَلُوب الفاعل |
الشباب والإيمان الفاعل |