رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في ترنيمة موسي عقب ذلك، والتي يصف فيها ما حدث، يقول : " بريح أنفك تراكمت المياه " ( خر 15 : 8 )، ثم يقول في العدد العاشر :" نفخت بريحك فغطاهم البحر ". وهكذا يتكرر ثلاث مرات، القول بأن الرب قد استخدم الريح لشق طريق في المياه. وقدر ة الريح علي ازاحة المياه من الممر الذي يصل بين خليج السويس والبحيرات المرة – علي أساس أن عمقه لم يكن يتجاوز بضعة اقدام – قد ثبتت تماماً من واقع المشاهدات الحديثة، فيقول " الميجور جنرال تولك " من الجيش البريطاني، بأنه قد شهد بنفسه كيف أزاحت الرياح المياه حتي انخفض مستوي سطحها مسافة ستة اقدام حتي جنحت السفن الصغيرة علي القاع الموحل. ويقول تقرير لشركة قناة السويس أن الفرق بين أقصي ارتفاع وأدني ارتفاع للماء في القناة هو عشرة أقدام وسبع بوصات، وذلك بفعل الريح حيث أن حركة المد والجزر لا تاثير لها علي ا لبحر الاحمر. ويلاحظ بقوة، تأثير الريح علي ازاحة المياه في بحيرة " ايري " في الولايات المتحدة الامريكية، حيث أنه بناء علي تقرير من إدارة مجاري المياه العميقة في 1896 ( ص 165، 168 )، يحدث كثيراً أن الريح الشديدة من الجنوب الغربي تخفض مستوي سطح الماء عند " توليدو " في ولاية أوهايو علي الطرف الغربي من البحيرة إلي ما يزيد عن سبعة أقدام، وفي نفس الوقت ترفع مستوي سطح الماء عند " بافلو" علي الطرف الشرقي، بنفس المقدار، بينما التغير في اتجاه الريح في أثناء مرور الاعصار الواحد، يعكس الأوضاع، أي أن التغير في مستوي سطح الماء في الموقع الواحد يلبغ نحو أربعة عشر قدماً في خلال يوم واحد. ولا شك أن الأمر يستلزم اعصاراً أقل شدة ليكشف قاع المجري الضحل الذي يفترض أنه كان يفصل في ذلك الوقت بين مصر وشبه جزيرة سيناء. ولقد ثارت اعتراضات كثيرة علي هذه النظرية لايسعنا إلا تناولها بإيجاز : أ - يقول البعض إن بني إسرائيل كانت تعترضهم عقبة لايمكن تخطيها، وذلك في تقدمهم فوق شواطىء شديدة الانحدار علي كلا الجانبين. والحقيقة هي أنه لم تكن ثمة شواطىء شديدة الانحدار، بل كان هناك ممر قليل الانحدار يؤدي إلي المنخفض، ويقابله علي الجانب الآخر طريق صاعد في يسر. ب - كثرت التعليقات علي العبارة : " والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم " ( خر 14 : 22 ). ولكن عندما ندرس الإستخدام البلاغي لكلمة " سور "، نجد أنه ليس ثمة مشكلة، إذ نقرأ في سفر الأمثال ( 18 : 11 ) : " ثروة الغني مدينته الحصينة، ومثل سور عالي في تصوره "، وفي إشعياء ( 26 : 1 ) أن الله " يجعل الخلاص أسواراً ومترسة "، ثم في ناحوم ( 3 : 8 ) يقول عن " نومصر " إن حصنها هو " البحر ومن البحر سورها "، فالمياه المحيطة بها كانت كسور لها يحيمها. فالمياه لم تترك الفرصة أمام فرعون للقيام بحركة لتطويق بني إسرائيل واعتراض طريقهم. ويجب في مثل هذه الأسإليب الشعرية المجازية، ألا تؤخذ الكلمات بمعناها الحرفي بل بالمعني المجازي، كما في عبارة " تجمدت اللجج في قلب البحر " ( خر 15 : 8 ). جـ- كما يقولون إن الريح الشرقية ليست هو الاتجاه الصحيح لتحقيق الهدف المطلوب. والواقع هو أن الريح الشرقية، لا سواها، هي التي استطاعت إزاحة المياه من ذلك المجري، أما الريح الشمإلية فإنها تدفع مياه البحيرات المرة إلي الجنوب مما يزيد من عمق المياه في الممر الضيق في طرف خليج السويس، فالريح الشرقية وحدها هي التي كانت تستطيع تحقيق الهدف المنشود. د- يقولون إن هذا التفسير يستبعد الجانب المعجزي في الحادثة. ولكن يجب ملاحظة أنه لايكاد يذكر شيء عن المعجزة في القصة ذاتها، بل هي سرد للأحداث كما وقعت، مع ترك الجانب المعجزي لاستخلاصه من طبيعة الاحداث نفسها، وهذا النمط من المعجزات هو ما يسمية "روبنسون " "معجزة الواسطة " أي معجزة نري فيها يد الله تستخدم القوي الطبيعية التي لايستطيع الإنسان التحكم فيها أو توجيهها. وإذا جرؤ أحد علي القول إنها كانت مجرد صدفة أن تهب الريح الشرقية في نفس اللحظة التي وصل فيها موسي إلي مكان العبور، فالرد هو ان هذا التوافق الغريب في التوقيت لم يكن ممكناً أن يحدث علي هذه الصورة إلا بتداخل إلهي، فلم يكن هناك مكتب أرصاد جوية للتنبؤ بقرب هبوب العاصفة، ولايتعرض البحر الأحمر كحركة منتظمه للمد والجزر، ولكنها معجزة النبوة التي جرؤ موسي معها علي التقدم بجحافله إلي المكان المناسب في الوقت المناسب، والتدخل الإِلهي فيما حدث، أمر لايجدي فيه التخمين وهو لا يحتاج إلي دليل. قد يكون انشقاق البحر أمراً مقرراً من قبل لمسار قوي الطبيعة التي لا يعلمها إلا الله وحده، وفي هذه الحالة يظهر التدخل الالهي في توجيه الأدوات البشرية لقيادة الشعب إلي حيث يستطيعون الإِفادة من الفرصة التي أتاحتها قوي الطبيعة التي ليس في قدرة الإنسان أن يحركها كيفما أو وقتما يشاء. بقي أن نقول كلمة هامة بخصوص هذا التطابق الكامل بين القصة الكتابية، وبين الأحوال الطبيعية المعقدة المتصلة بها والتي لم تستجلِ غوامضها إلا الأبحاث الحديثة، فأصبحت القصة حقيقة راسخة وطيدة لاتحتاج إلي دليل، فليس في مقدور إنسان أن يخترع قصة بمثل هذه الدقة والتطابق مع كل هذه الأحوال والظروف المعقدة، فهي ليست قصة مبهمة يمكن أن تنطبق علي الكثير من الظروف، بل هناك مكان واحد في كل العالم، ومجموعة واحدة من الظروف في كل التاريخ، تنطبق عليها كل تفاصيل القصة. إن في هذا دليل علمي ليس هناك ما يعلو عنه، فالقصة واقعة حقيقية وليست من نسج الخيال أو من نتاج أوهام الميثولوجيا أو من تلفيقات الأساطير. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من الطبيعية في الكتاب المقدس البحر |
البحر الميت في الكتاب المقدس |
وصف البحر الاحمر في الكتاب المقدس |
اسم البحر الاحمر في الكتاب المقدس |
البحر الاحمر في الكتاب المقدس |