فالإيمان إذن “عطية الله” و “فضيلة فائقة الطبيعة يسكبها من عنده”[19] تتطلب تبعية مزدوجة: لله الذي يوحي وللحق الذي أوحى هو به، وذلك انطلاقاً من مصداقية الشخص الذي يقدم هذا الوحي. لهذا لا يجب أن نؤمن بأي أحد آخر سوى بالله؛ الآب والابن والروح القدس”[20]. يجب التمييز بقوة بين الإيمان اللاهوتي والاعتقاد في الديانات الأخرى. فالإيمان يعني قبول النعمة الموحى بها بوساطة النعمة التي تسمح “بالولوج إلى السرّ واستيضاحه”[21] أما الاعتقاد عند الديانات الأخرى فيعني مجموعة الخبرات والتحليلات والأفكار التي تشكّل كنزاً بشرياً من الحكمة والتدين، عاشها الإنسان وفكّر فيها طوال مسيرته في اكتشاف الحقيقة عن الإله وعن المطلق[22]. هذا التمييز بين الإيمان والاعتقاد غائب عن التفكير المعاصر، لذلك كثيراً ما يحدث الخلط بين الإيمان اللاهوتي الذي يعني قبول الحق الموحى به من قبل الله الواحد والثالوث، وبين المعتقدات عند الديانات الأخرى التي تشكّل خبرة دينية ما زالت في طور البحث عن الحق المطلق وعاجزة عن الوصول إلى الله الذي يكشف عن ذاته. وهناك من يدعو إلى تخفيض الاختلافات بين المسيحية وباقي الأديان حتى المحو.