كان إبراهيم يشرب من نهر الشركة العميقة مع الله،.. لم نسمع أنه بنى بيتاً يسكن فيه، بل كان ينصب خيمته حيثما حل، وينقضها كلما ارتحل،.. ولكنه في كل مكان كان يبني مذبحه، ويقدم ذبيحته، ويقترب إلى الله العلي في خوف وخشوع وجلال،.. وفي بيت إيل بنى المذبح ودعا باسم الرب، وعند بلوطات ممرا حيث انتقل إلى هناك بنى مذبحاً للرب، وعند غرس شجر الأثل في بئر سبع دعا هناك باسم الرب الإله السرمدي،.. كان الدين عند إبراهيم ليس أكثر أو أقل من الصداقة القوية العميقة مع الله، وكان الله له الخل الوفي في السراء أو الضراء كما يقولون، وعلى حد سواء.. أجل لم يسر قط في رحلته بعيداً عن صحبة الله، ومشورة الله، ومعونة الله، وشركة الله، أو في لغة أخرى أنه لم يسر الطريق وحيداً منفرداً بل سار في معية الله، وحمايته، وقوته، وعونه، وشدته،.. ومع أنه في مصر، وفي جرار، جرب بالخوف من فرعون وأبيمالك، من جهة سارة امرأته، لكن صديقه العظيم لم يتركه في المحنة والتجربة والضعف، بل وآزره على النحو الكريم الطيب المعروف من إله لا يصنع معنا حسب خطايانا أو يجازينا حسب آثامنا لأنه يعلم أننا تراب،.. وقد دنا منه إبراهيم وتكلم، وهو يعلم! "شرعت أكلم المولى وأنا تراب ورماد".. ومع هذا كله كانت عظمة الصداقة الإلهية تظهر في ألوانها المتعددة في حياة من دعاه الله "إبراهيم خليلي".. كانت حياة دكتور ج.ر. ميلر تتمثل في جملة واحدة "المسيح وأنا صديقان" وكل من عرف هذا القديس الكريم كان يعلم أن هذه العبارة تلخص حياته أجمل تلخيص،.. وقد كتب دكتور ميلر ذات مرة إلى صديق يقول له: "إن ما أود أن أعينك على فهمه أن تدرك أن المسيح أصدق وأفضل صديق، وأنك كمسيحي لابد أن تكون صديق المسيح، وأنك إذ تقبل حبه، وتدعه يدخل قلبك وأعماقك، لابد أن تبادله حباً بحب، فالديانة عندما نركزها في كلمة واحدة، نجدها لا تزيد عن القول: أنا والمسيح صديقان".. وليست الصلاة له، إلا بمثابة الحديث مع أرق صديق، وأحن صديق، وأحب صديق، كما يمكن أن تكلم أي صديق مخلص لك على هذه الأرض!!