يسوع هو ماء الحياة
« قال لها يسوع : أعطني لأشرب »
القول ينضح بالمفارقة الصارخة. ينبوع ماء الحياة يطلب أن يشرب من ماء مُعطش ومن يد امرأة جف منها ماء الحياء! ولكن دائماً أبدا تقف مفارقات الله مع الإنسان لحساب الإنسان. فالرب دائما يحتاج إلينا ليعطينا.
« أجاب يسوع وقال لها : لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب ، لطلبت أنت منه فأعطاك ماءً حياً» .
المسيح هنا يفتح أمامها الباب لكي تنكشف بصيرتها وتستعلن الشخص الجالس أمامها، ويوحي إليها أن تطلب منه عطية، وهذا هو مفتاح الصلة الحقيقية التي بها تنشأ العلاقة القوية بين الله والإنسان. وفعلاً نجح المسيح في هذا الإيحاء العجيب، وفعلا طلبت المرأة، أما إن كان هذا الطلب غير صحيح ؛ فقد عدله لها . كذلك فإن المسيح ينبهها أنهما محتاجة أن تعلم من هو ولا تعثر في منظره المُتعب المُجهد والعطشان ! وكأنه يقول لها : { التفتي إلي ، لأن افتقرت وأنا غني ، ولكني افتقرت لأغنيكم ، فلا تتعثري في منظر بشريتي هكذا ، بل ارفعي بصرك لتري حقيقتي } . وقد تم كل هذا بالحرف الواحد ، وفي أقل ما يمكن من الزمن.
وفي الحقيقة ، إن المسيح هنا بقوله : « لو كنت تعلمين عطية الله » إنما يقدم نفسه للبشرية الخاطئة كما قصد أبوه الصالح تماما : ” هكذا أحب الله العالم حتى أعطى ابنه الوحيد … ” . ثم يعود ويربط هذه العطية ، وهي نفسه ، بالماء ثم الحياة ، ولكن في صورة الماء الحي ، أي الجاري ، ومن هنا التبس الأمر على السامرية . وهذا هو أسلوب ق . يوحنا في استخدام اللفظ الذي يرمي إلى معنيين : الأول عادي ومادي ؛ والثاني روحي وإلهي !