رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خدمة القدوة وهي خدمة عملية. وليس فيه الحديث عن الفضيلة والقداسة، وإنما تقديم النموذج أو المثال العملي لها، بدون شرح أو كلام. وهي خدمة أكثر عمقًا، حتى إن كان صاحبها لا يُحسب بين الخدام. إنه ليس واعظًا، ولكنه هو نفسه العظة، يتعلم الناس من حياته لا من كلماته. وإن تكلم يتعلمون منه أسلوب الكلام الروحي.. يذكرني هذا النوع من الخدمة بأحد الآباء الذي لم يطلب من القديس الأنبا أنطونيوس كلمة منفعة، وإنما قال له "يكفيني مجرد النظر إلى وجهك يا أبي..". ولعله من هذا النوع تنبثق خدمة أخرى هي:- خدمة البركة: كما قال الرب لأبينا إبرآم حينما دعاه "أباركك وتكون بركة" (تك12: 2). وهكذا نجد أن يوسف الصديق كان بركة في أرض مصر، وكان بركة من قبل في بيت فوطيفار. وكان إيليا النبي بركة في بيت أرملة صرفة صيدا. وكان أليشع النبي بركة في بيت الشونمية.. الخادم الروحي هناك سؤال يجول في نفس وفي أعماقي: أحقًا نحن خدام؟ سهل أن يرتئي الواحد منا فوق ما ينبغي (رو3:12) ويظن أنه خادم الله!! بينما الخدمة في أعماقها الروحية لها مقاييس عالية، ربما نحن لم نصل إليها.. أو ربما نكون قد بدأنا كخدام روحيين، ولكننا لم نحتفظ بهذا الطابع طول الطريق. فلنبحث إذن معًا: من هو الخادم؟ الخادم الروحي هو لحن جميل في سمع الكنيسة، وأيقونة طاهرة يتبارَك بها كل من يراها. وهو سلّم يصل إلى السماء دائمًا، يصعد عليه تلاميذه إلى فوق. هو جسر ينقل غيره من شاطئ العالميات إلى شاطئ الروحيات، أو ينقلهم من الزمن إلى الأبدية. هو صوت الله إلى الناس. وليس صوتًا بشريًا، بل هو فم يتكلم منه الله، ينتقل إلى الناس كلمة الله. الخادم الروحي هو نعمة إلهية أرسلت من السماء إلى الأرض.. هو زيارة من زيارات النعمة، يفتقد بها إلهه بعضًا من شعبه.. يقدم لهم مذاقة الملكوت وطعم الحياة الحقيقية. الخادم الروحي هو إنجيل متجسد، أو هو كنيسة متحركة هو صورة الله أمام تلاميذه. هو نموذج للمثل العليا، وقدوة للعمل الصالح، ووسيلة إيضاح لكل الفضائل. الخادم الروحي يشعر بالدوام أنه في حضرة الله. وتكون الخدمة بالنسبة إليه كمذبح مقدس، وعمله فيها رائحة بخور. مهمة الخادم الروحي هي إدخال الله في الخدمة. وهو يردد في قلبه قول المرتل في المزمور "إن لم يبني الرب البيت، فباطلًا تعب البناءون" (مز1:126) الخادم الروحي له باستمرار شعور الانسحاق وعدم الاستحقاق يشعر أنه فوق مستواه أن يعمل على إعداد قديسين، وأن يهيئ للرب شعبًا مبررًا (لو7:1)، مدركًا تمامًا أن تخليص النفوس البشرية أمر أعلى منه. إنه عمل الله. وإن اشتراكه مع الله في العمل، وشركته مع الروح القدس في بناء الملكوت وفي تطهير القلوب، كلها أمور لا يستحقها. ولكنه على الرغم من شعوره بعدم الاستحقاق، فلا يهرب من الخدمة، بل يدفعه هذا الشعور إلى مزيد من الصلاة، حيث يقول للرب باستمرار: هذه الخدمة يا رب هي عملك وليس عملي. وأنت لابد ستعمل بي أو بغيري. وأنا مجرد متفرج: أتأمل عملك وأفرح وأسر (يو29:3). حقًا "ليس الغارس شيئًا، ولا الساقي شيئًا. لكن الله الذي ينمي" (1كو7:3). فأعمل يا رب عملك، وفرّح قلوب أولادك ولا تمنع عنهم نعمة روحك القدوس بسبب أخطائي أو ضعفاتي أو تقصيري. وهكذا بلجاجته في الطلب، ينال الخادم نعمة من الله. وعندما تنجح الخدمة، يعطي مجدًا للرب الذي عمل العمل كله. الخادم الروحي هو باستمرار رجل صلاة: بالصلاة يخدم أولاده. وبالصلاة يحل مشاكل الخدمة. وتكون الصلاة بالنسبة إليه كالنفس الداخل والخارج، كما قال الآباء.. بعض الخدام يظنون أن غاية الإخلاص للخدمة، هي أن يعملوا.. أما الخادم الروحي فيرى أن غاية الإتقان هي أن يعمل الله.. ليس معنى هذا أن يكسل ولا يعمل!! كلا، بل هو يعمل بكل جد وبكل بذل، ولكن ليس هو، بل الله الذي يعمل فيه. كما قال القديس بولس الرسول: "لكن لا أنا، بل نعمة الله التي معي" (1كو10:15).. وكما قال أيضًا "لكي أحيا لا أنا، بل المسيح الذي يحيا فيّ" (غل20:2). الخادم الروحي هو شعلة متقدة بالنار: هو غيرة ملتهبة لخلاص النفس. يقول مع داود النبي "لا أدخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطي لعيني نومًا، ولا لأجفاني نعاسًا.. إلى أن أجد موضعًا للرب (في قلب كل أحد) (مز131). الخادم الروحي هو رائحة المسيح الذكية (2ك 15:2) يشتم منه الناس رائحة المسيح، لأنه رسالته المقروءة من جميع الناس.. هو محرقة رائحة سرور للرب (لا1)، تشتعل فيها النار الإلهية، نار تتقد ولا تطفأ، حتى تحولها إلى رماد.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القدوة السيئة هي عثرة إذ يقع الغير في أخطاء بسبب تقليدهم لتلك القدوة |
هناك نوع آخر من الخدمة القوية، وهو خدمة القدوة والبركة |
امانتك في القدوة |
القدوة الطيبة |
القدوة السيئة |