رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيمان إيليا وكان كلام الرب له قائلاً: انطلق من هنا واتجه نحو المشرق، واختبئ عند نهر كريث.. وقد أمرت الغربان أن تعولك هناك ( 1مل 17: 2 - 4) كان على إيليا أن يسير في رحلة طويلة حتى يصل إلى نهر كريث وأن يعيش في عُزلة بعيدًا عن الناس. وكان عليه أن يخضع للتوجيه الإلهي حتى لو لم يكن مُقتنعًا به. وربما كان رافضًا لطريقة الإعالة التي حددها له الرب بواسطة الغربان؛ هذه المخلوقات النجسة والمكروهة والتي تتميز بالشراهة والخطف. كيف يغيِّر الغراب طبيعته؟ كيف يصير أنيسًا وصديقًا لإيليا؟ كيف يُحضر له الطعام بدلاً من أن يخطف منه؟ كيف سيكون عطوفًا ووفيًا له، وهو الذي لا يعطف على فراخه الصغيرة ويُطعمها؟ إذ مكتوب: «مَنْ يُهيئ للغراب صيده، إذ تنعَب فراخه إلى الله، وتتردد لعدم القوت» ( أي 38: 41 ). لكن إيليا تعلَّم في مدرسة الله أن رغباته الطبيعية وفهمه للأمور ليست بالضرورة صوابًا، بينما ما يقوله الله هو الصحيح دائمًا، وعليه أن يخضع لإرادة الله، وأن تنكسر إرادته الذاتية. والإيمان يحتمل بصبر كل الظروف المعاكسة. وقد لا يقترن هذا الخضوع في البداية بالفرح بل بالحزن. لكن إيليا وثق أن الله مسئول عنه، وسيعوله ويحفظه بطريقته، حتى ولو بدا وكأنه شخصيًا يتجه نحو الغروب وليس نحو شروق الشمس. ومع ذلك فإن كلمة الرب أصدق طالما قال له: اتجه نحو المشرق. وسيكون ذلك صباحًا صحوًا جميلاً بالنسبة له. وإذا قال له الرب: «اختبئ عند نهر كريث الذي هو مقابل الأردن»، فإن هذا المكان سيصبح ملجأً أمينًا على الرغم من أنه على حدود السامرة حيث أخآب يطلب نفسه ليهلكها. والإيمان أمسك بوعد الله، أنه حتى ولو اشتدت المجاعة فهو لن يجوع. ولو ماتت كل الغربان فالله سيبقى، ويُبقي من هذه المخلوقات مَنْ تحمل له الطعام لكي لا يموت. إن الغراب عند الناس يرتبط بالتشاؤم، لكن الأمر لم يكن كذلك عند إيليا. فقد كان يتهلل بِشرًا عندما يرى هذه المخلوقات السوداء تطرق بابه حاملة له الطعام، بل حاملة الدليل على عناية الرب به. لقد كان قول الرب له: «أنا قد أمرت الغربان أن تعولك هناك»، هو العكاز الذي يتوكأ عليه في رحلته وغربته. . |
|