رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نياحته: وتقدَّم أنبا مقار في الأيام، وشاخ جداً، حتى بلغ سنه تسعين سنة. وفي المخطوطة القبطية يقول سيرابيون إنه عاش سبعة وتسعين سنة. كتب يقول: + [ وكان يحمله أولاده، ويجلسونه في حوش قلايته، وما كف عن صراع الشياطين، وما كفَّت الشياطين عن الصراع معه، حتى في هذه السن. ... وإلى وفاته كان متحفظاً جداً من السبح الباطل، كما أُمر من الكاروبيم. ونقص أيضاً ضوء بصره من كثرة السهر والتعب وطول السنين، لأن حياته بلغت سبعة وتسعين سنة، حتى بدأ يرقد على الأرض من كثرة ضعفه. وكان تلاميذه يحيطون به، وكان يعزي كل واحد على قدر رتبته ويقول: ”الله يعلم أنني ما كتمت عنكم شيئاً، بل خاطبتكم دائماً بما أعلم أنه ينفع أنفسكم، وعملت بينكم على قدر قوتي، وكلفت نفسي دائماً حتى لا أصير سبباً لاسترخاء أحد منكم، لا كبير ولا صغير، ولا نمت قط ليلة واحدة وفي قلبي غضب على أحد منكم، ولا تعديت أعمال الله، ولا تجاوزتها، ولا نقضت محبتي لله، ولا محبتي لإخوتي المعروفين لله ولكل الخليقة، الرب يعلم ويشهد عليَّ؛ لأنه قال لي مرة: إنك يا مقارة لم تصل بعد إلى درجة أعمال المرأتين، لذلك كان تفكيري فيهما باستمرار، أما الظفر والغلبة التي نلتها على العدو فكانت بالقوة والنعمة اللتين نلتهما من الله. فلا أذكر قط أني عملت شيئاً بقوتي بل كل ما عملت من أشفية أو رحمة كان بيد قوة الله المقدسة. فاهتموا يا إخوتي بخلاص أنفسكم وتيقظوا لأني بعد قليل سأُوخذ منكم“. وظل الأب مطروحاً على الحصير، لا يستطيع أن يقوم من الوجع الصعب، لأنه كان ملتهباً بالحمى كالنار. وفي اليوم السابع والعشرين من برمهات ظهر له الكاروبيم، الذي كان معه منذ الابتداء، ومعه جمع كثير من الروحانيين، وقال له: ”أسرع وتعال فإن هؤلاء كلهم ينتظرونك“. (ويقصد بـ ”هؤلاء“ القديس أنبا باخوميوس أب رهبان دوناسة وآخرين جاءوا إليه ساعة نياحته). فصاح أنبا مقار بصوت خافت قائلاً: ”يا سيدي يسوع المسيح حبيب نفسي اقبل روحي إليك“. وأسلم الروح. ولم يكن في هذه اللحظة معه أحد إلا تلميذه؛ فلما تسامع الإخوة خبر نياحته، اجتمعوا من أطراف الجبل من الأربعة الأديرة، باكين من أجل شعورهم باليُتم، لأنه كان أباً لكل واحد منهم، وتقلَّدوا منه جميعاً طريق مخافة الله. واحتاطوا بالجسد في الكنيسة يتباركون منه، ويقبِّلونه. وصلوا جميعاً عليه، وقدموا القداس، واشتركوا جميعاً، ثم حملوا الجسد الطاهر إلى المغارة التي بجوار البيعة، التي بناها هو في حياته، ووضعوه هناك، وانصرفوا إلى قلاليهم بحزن عظيم.] وكان ذلك حوالي عام 397م. حسب تحقيق المخطوطة. |
|