وفي الحوار الذي دار بين الرب والشيطان، نرى من الله تحديًا، ومن الشيطان اتهامًا وشكاية. ومن جواب الشيطان على سؤال الرب الأول، نتبيَّن دائرة عمل الشيطان، فهو في السماء مُتهم شاكٍ، وعلى الأرض مُعتنف مِتلاف. فحيثما كان، هو الشيطان على طول الطريق، عدو الله وعدو كل خير.
«هل جعلت قلبك على عبدي أيوب؟»، هكذا يتساءل الرب، مستخدمًا نفس الوصف الذي يوصف به أيوب، فالله يُسرّ بشعبه المحبوب، وبطرقهم البارة. ولئن كان الشيطان، حسب أخلاقه، يتهم ويقدح، فإن إلهنا يوصي ويمدح. وهذه طريق معاملاته على مداه، فالدينونة فعله الغريب، إنما هو مشغول بالخير «وإن كانت فضيلة وإن كان مدح» ففي هذه يفتكر.