عند صلب السيد المسيح فى يوم الجمعة كانت ظلمة على كل الأرض. وفى فجر الأحد أشرقت أنوار القيامة لتعلن فجر نهار جديد أشرق على البشرية.
عن قيامة السيد المسيح كتب معلمنا متى البشير فى إنجيله: “وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع، جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر. وإذا زلزلة عظيمة حدثت، لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب، وجلس عليه. وكان منظره كالبرق، ولباسه أبيض كالثلج. فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كأموات” (مت28: 1-4).
وكتب القديس مرقس الإنجيل: “وبعد ما مضى السبت، اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطاً ليأتين ويدهنه. وباكراً جداً فى أول الأسبوع أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس وكن يقلن فيما بينهن: من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟.. وبعد ما قام باكراً فى أول الأسبوع ظهر أولاً لمريم المجدلية” (مر16: 1-3، 9).
لقد قام السيد المسيح مع خيوط الضوء الأولى باكراً فى فجر الأحد وكان ملاك القيامة فى منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج. ومعروف أن البرق هو ضوء شديد اللمعان وكان ضوء الملاك أقوى من نور الشمس التى كان نورها قد بدأ فى البزوغ ولم يكن قرصها قد خرج من المشرق بعد. لهذا ارتعد الحراس من منظر ملاك القيامة.
الله هو نور وساكن فى النور وملائكة نورانيون تخدمه. وقيل عن السيد المسيح “كان النور الحقيقى الذى ينير كل إنسان آتياً إلى العالم.. فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس والنور يضئ فى الظلمة والظلمة لم تدركه” (يو1: 9، 4، 5).
إن أنوار القيامة تشير إلى أنوار الحياة الأبدية حيث شركة ميراث القديسين كقول معلمنا بولس الرسول: “شاكرين الآب الذى أهلنا لشركة ميراث القديسين فى النور، الذى أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته” (كو1: 12، 13). إن النور هو فى ملكوت الله، والظلمة هى فى شركة المصير مع إبليس.
ويوضح القديس بولس الرسول أيضاً أن الحياة المسيحية الفاضلة هى حياة منيرة بالقيامة من الأموات وبالسلوك فى النور فقال: “مختبرين ما هو مرضىٌّ عند الرب. ولا تشتركوا فى أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحرى وبّخوها. لأن الأمور الحادثة منهم سراً ذكرها أيضاً قبيح. ولكن الكل إذا توبّخ يظهر بالنور. لأن كل ما أُظهر فهو نورٌ. لذلك يقول: استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح” (أف5: 10-14).
وقد شرح القديس يوحنا الرسول كيف ينير مجد الله مدينته المقدسة النازلة من السماء فقال: “أرانى المدينة العظيمة أورشليم المقدسة نازلة من السماء من عند الله، لها مجد الله، ولمعانها شبه أكرم حجر كحجر يشب بلُّورى.. والمدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها، لأن مجد الله قد أنارها، والخروف سراجها. وتمشى شعوب المخلّصين بنورها، وملوك الأرض يجيئون بمجدهم وكرامتهم إليها، وأبوابها لن تُغلق نهارًا، لأن ليلاً لا يكون هناك” (رؤ21: 10، 11، 23-25).
إن الحياة مع الله هى حياة فى النور. وهذا النور يبدأ من هنا على الأرض ويستمر ويتألّق جداً فى الأبدية.
وكما خلق الله النور فى بداية الخليقة حينما “كانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه وقال الله ليكن نور، فكان نور. ورأى الله النور أنه حسن وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهارًا، والظلمة دعاها ليلاً. وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً” (تك1: 2-5).
هكذا أيضاً كانت ظلمة على كل الأرض وقت صلب السيد المسيح، ثم جاءت أنوار الخلاص وأعقبتها أنوار القيامة والبشارة بالإنجيل كقول معلمنا بولس الرسول :”لأن الله الذى قال أن يشرق نور من ظلمة، هو الذى أشرق فى قلوبنا، لإنارة معرفة مجد الله فى وجه يسوع المسيح” (2كو4: 6).