رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فوق الصليب فوق الصليب كان الذبيح معلقاً رافعاً ذراعيه نحو السماء. لأنه هو الكاهن الأعظم، وقد صعد إلى المذبح ليصلى، وهو يقدِّم ذبيحة نفسه المقبولة أمام الله الآب عن حياة العالم. كان هو الكاهن والذبيحة فى آنٍ واحد. كان قائماً وهو مذبوح كما رآه يوحنا فى سفر الرؤيا فى وسط العرش (انظر رؤ5: 6). لم يُذبح السيد المسيح ويُلقى على الأرض، بل كان معلقاً بين الأرض والسماء.. لأنه هو الطريق المؤدّى إلى الآب .. إلى الحياة الأبدية. وهو الشفيع بين الله والناس، بين السماء والأرض. كل من ينظر إليه بإيمان يستطيع أن يعرف الطريق المؤدى إلى ملكوت الله. فوق الصليب فتح السيد المسيح كِلتا ذراعيه لكى يُعلن دعوته للأمم كما لليهود، لكى يأتوا إلى أحضان الله ويتمتعوا بالخلاص والراحة الأبدية. ولهذا كان عنوان علته مكتوباً فوق رأسه بأحرف يونانية ولاتينية (رومانية) وعبرية. فالخلاص هو لجميع الشعوب. وقد اشترك الرومان مع اليهود فى صلب السيد المسيح، لأنه مات لسبب خطايا الأمم وخطايا اليهود معاً، ليحرر البشر جميعاً من سلطان الخطية كل من يؤمن ويتوب ويعتمد. فوق الصليب حمل السيد المسيح لعنة الخطية، لأنه مكتوب “المعلّق ملعون من الله” (تث21: 23)، وبهذا “جعل الذى لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه” (2كو5 :21). واحتمل السيد المسيح كل تعييرات الشيطان على فم المعيرين لأنه مكتوب “تعييرات معيّريك وقعت علىَّ” (مز69: 9). ولكن القيامة من الأموات محت كل آثار التعيير، كما أنها أثبتت أن اللعنة قد مُحيت وزالت لأن الكفارة قد قُبِلت، واستوفى العدل الإلهى حقه بالكامل. لهذا رأى يوحنا الإنجيلى السيد المسيح بثوب مغموس بالدم، وهو بالعدل يحكم ويحارب، ويُدعى اسمه كلمة الله “وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شئ” (رؤ19: 15). وسبق أن قال السيد المسيح بفم نبيه إشعياء: “قد دست المعصرة وحدى ومن الشعوب لم يكن معى أحد” (إش63 : 3). فوق الصليب صعد السيد المسيح إلى عرشه المجيد.. ولهذا تتغنى له الكنيسة بألحان المزمور فى يوم الجمعة العظيمة “كرسيك يا الله إلى دهر الدهور، قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك” (مز44: 6). وهكذا نرى كيف أن الرب قد ملك على خشبة. اختفى الشيطان فى الحية القديمة وخدع البشرية لتعصى الوصية المقدسة، وتأكل من شجرة معرفة الخير والشر، إذ نظرت الثمرة شهية للنظر وجيدة للأكل. وهكذا أخفى السيد المسيح لاهوته عن الشيطان، وإذ وُجد فى الهيئة كإنسان وضع ذاته وأطاع الآب حتى الموت، وكان معلقاً على الشجرة. ورأى الشيطان أن الثمرة المعلقة على الشجرة هى شهية للنظر وجيدة للأكل.. فتجاسر الموت أن يلتهم الحياة.. وبهذا ابتلع ما هو ضده وما هو أقوى منه، فانهزم الموت وأبتُلع الموت من الحياة مثلما تبتلع الظلمة نوراً فإن النور هو الذى يبتلع الظلمة ويبددها. ولم يستطع الجحيم أن يبتلع من له الحياة الإلهية القاهرة للموت.. بل إن الجحيم نفسه قد تحطمت متاريسه بقوة المصلوب.. لهذا كتب القديس يوحنا ذهبى الفم (عندما انحدرت إلى الموت، أيها الحياة الذى لا يموت: حينئذ أمتّ الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى، صرخ نحوك جميع القوات السمائيين: أيها المسيح الإله معطى الحياة المجد لك) |
|