(( ما تزرعه في شبابك تحصده في شيخوختك ))
ﻳﺤﻜﻰ ﻋﻦ ﺳﻴﺪﺓ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻣﺤﺒﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺒﺮ أﻭﻻﺩﻫﺎ ﻭﺗﺰﻭﺟﻮﺍ ﻭﺧﺮﺟﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺷﻌﺮﺕ ﻧﻮﻋﺎً ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ أﺣﺴﺖ أﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ. فأﺭﺍﺩﺕ أﻥ ﺗﺴﻜﺐ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻢ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺫﻟﻚ.
ﻓﻔﻜﺮﺕ ﺑﺄﻥ ﺗﺘﺒﻨﻰ ﻃﻔﻼً ﻳﺤﺘﺎﺝ إﻟﻰ ﻣﺤﺒﺘﻬﺎ ﻭﻋﻄﻔﻬﺎ ﻭﻋﻨﺎﻳﺘﻬﺎ. ﺫﻫﺒﺖ ﻳﻮﻣﺎً إﻟﻰ أﺣﺪ ﻣﻼﺟﺊ ﺍلأﻳﺘﺎﻡ ﻭﻃﻠﺒﺖ أﻥ ﺗﺘﺒﻨﻰ ﻃﻔﻼً، ﻓﺮﺡ ﺑﻬﺎ ﺟﺪﺍً ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻭإﺳﺮﻋﻮﺍ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﺒﺮ ﺣﻴﺚ الأﻃﻔﺎﻝ ﻣﻮﺟﻮﺩﻳﻦ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺁﻫﺎ ﺃﻭﻟﺌﻚ الأﻭﻻﺩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﻭﻋﺮﻓﻮﺍ أﻧﻬﺎ ﺗﺮﻳﺪ أﻥ ﺗﺨﺘﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﻨﻬﻢ، ﻧﻬﺾ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﻭإﻟﺘﻔﻮﺍ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻞ ﻳﺤﻠﻢ ﻭﻳﺘﻤﻨﻰ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﻊ أﺧﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻜﻲ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﻳﺼﺒﺢ أﺑﻨﺎً ﻟﻬﺎ. ﻟﻜﻦ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ الأﻃﻔﺎﻝ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻣﻦ ﺳﺮﻳﺮﻩ ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺗﻲ إﻟﻴﻬﺎ. إﺳﺘﻐﺮﺑﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺫﻟﻚ ﻭﺳﺄﻟﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺒﺐ فأﻗﺘﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ أﺣﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻫﻤﺲ ﻓﻲ أﺫﻧﻬﺎ ﻗﺎﺋﻼً:
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻣﺼﺎﺏ ﺑﺸﻠﻞ الأﻃﻔﺎﻝ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﻣﻦ ﺳﺮﻳﺮﻩ. ﻋﻨﺪﻫﺎ أﺟﺎﺑﺖ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺮﺗﻔﻊ: ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺬﻱ أﺭﻳﺪ أﻥ أﺗﺒﻨﺎﻩ. ﺷﻌﺮﺕ أﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻬﻤﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﺎﺝ أﻛﺜﺮ من ﺍﻟﻜﻞ إﻟﻰ ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﺎ ﻭﺭﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓﺤﻤﻠﺘﻪ ﺑﻜﻞ ﺭﻓﻖ ﻭﺣﺐ ﻭﺫﻫﺒﺖ ﺑﻪ إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺑﻰ ﻭﺗﺮﻋﺮﻉ ﻓﻲ ﺟﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﻥ إﻟﻰ أﻥ أﺻﺒﺢ ﺷﺎﺑﺎً.
ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻦ الأﻳﺎﻡ ﻫﺒﺖ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺟﺪﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻌﻴﺸﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻧﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺳﺮﻳﺮﻫﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﺳﺎﻫﺮﺍً ﻭﻫﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻲ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ، ﻓﺠﺄﺓ إﺯﺩﺍﺩﺕ ﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﻭﻛﺎﺩﺕ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﻘﺎبلة ﺗﺘﺤﻄﻢ ﻭﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ أﻣﻪ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﺒﻨﺘﻪ ﻭﺭﺑﺘﻪ ﺑﻜﻞ ﻣﺤﺒﺔ ﻭأﻫﺘﻤﺎﻡ، ﻋﻨﺪﻫﺎ أﺣﺲ ﺑﺪﺍﻓﻊ ﺷﺪﻳﺪ ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﺷﻴﺌﺎً ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻪ أﻥ ﻳﻨﻘﺬ ﻣﻦ أﻧﻘﺬﺗﻪ ﺑﺤﺒﻬﺎ ﻭﻋﻄﺎﺋﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺍﻗﻔﺎً ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﺛﻢ ﺳﺎﺭ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺸﺒﺎﻙ ﻓأﻏﻠﻘﻪ ﻭأﻧﻘﺬ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﻤﺤﺘﻢ.
ﻟﻘﺪ ﺷﻔﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺑﻤﻌﺠﺰﺓ إﻟﻬﻴﺔ. ﻣﺮﺕ الأﻳﺎﻡ ﻭأﺻﺒﺤﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻋﺠﻮﺯﺍً ﺗﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻣﻘﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ ﻭأﺻﺒﺢ الأﺑﻦ ﺍﻟﻤﺘﺒﻨﻰ ﻳﻐﻤﺮﻫﺎ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﻤﺮﺗﻪ ﺑﻬﺎ ﻭﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ أﻋﺘﻨﺖ ﻫﻲ ﺑﻪ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺤﺼﺪ ﻓﻲ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻬﺎ ﻣﺎ ﺯﺭﻋﺘﻪ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻬﺎ.