رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فى مجمع الناصرة أراد السيد المسيح فى إخلائه لذاته، أن يبرز انقياده للروح القدس، ومسحه بالروح القدس فجاء إلى الناصرة حيث كان قد تربى. ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ. فدفع إليه سفر إشعياء النبى. ولما فتح السفر وجد الموضع الذى كان مكتوباً فيه “روح الرب علىَّ لأنه مسحنى لأبشر المساكين أرسلنى لأشفى المنكسرى القلوب لأنادى للمأسورين بالإطلاق وللعمى بالبصر، وأرسل المنسحقين فى الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة” (لو4: 18، 19، انظر أيضا إش61: 1، 2). “ثم طوى السفر وسلّمه إلى الخادم وجلس. وجميع الذين فى المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه. فابتدأ يقول لهم إنه اليوم قد تم هذا المكتوب فى مسامعكم. وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه” (لو4: 20-22). أراد السيد المسيح أن ينسب كل ما فى خدمته من قوة وبركة وتأثير للآب وللروح القدس؛ فقال: “روح الرب علىّ لأنه مسحنى لأُبشر المساكين..” (لو4: 18). الابن الوحيد الحبيب هو الذى تجسد، وهو الذى تألم، وهو الذى قدّم ذاته ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا.. وها نحن نراه يُخفى نفسه ويقول: “روح الرب علىّ لأنه مسحنى.. لأُنادى للمأسورين بالإطلاق.. وأكرز بسنة الرب المقبولة”. وها نحن أيضا نسمعه ينادى الآب فى اتضاع ويقول: “أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتنى من العالم.. الكلام الذى أعطيتنى قد أعطيتهم.. أنا مجدتك على الأرض. العمل الذى أعطيتنى لأعمل قد أكملته” (يو17: 6، 8، 4). لقد علّمنا السيد المسيح كيف يمكن أن نمارس الاتضاع من خلال المحبة. لأن الذى يحب حقاً يمكنه أن ينكر نفسه. لأن المحبة “لا تطلب ما لنفسها” (1كو13: 5)، بل إن المحبة الكاملة هى العطاء الكلى للذات. هناك من الأسرار الروحية ما يقف العقل أمامها مبهوراً، مشدوداً نحو التأمل فى سر الأبدية مع السيد المسيح وفى السيد المسيح، حيث نور معرفة الله الذى تخشع أمامه النفس، وتستر وجهها من بهاء عظمة مجده. |
|