رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما أكثر الكلام الذي يمكن أن يقال عن الخدمة. ولكن من أهم ما يقال هو مركز الله في الخدمة: الله الذي هو سبب الخدمة، وهو الداعي لها، وهو العامل فيها، وهو غايتها وهدفها. نقول ذلك، لأن كثيرًا من الخدام يتحدثون في موضوعات عديدة، ما عدا الله! لا ترى الله في كلماتهم. ولا يدخلون الله في قلبك، ولا يدخلونه في حبك، ولا فكرك ولا في حياتك..! كلامهم مجرد معلومات، تزيدك معرفة، ولكن ليس في الإلهيات، وليس في الله.. ربما عن الفضائل، عن التاريخ، عن مشاهير الشخصيات، عن العقيدة، عن الطقس، دون أن يبدو الله واضحًا في كل هذا..! وهنا نود أن نبدي بضعه ملاحظات منها: هنا ولعلنا نسأل: كيف يكون إعدا الخدام للخدمة؟ كثيرون يعدونهم بالمناهج: مناهج تربوية، ودروس في الكتاب وفي التاريخ، وفي العقيدة وفي الطقس، مع تداريب عملية تحت إشراف. وكل هذا نافع، ولكنه ليس كل شيء.. ولا هو قبل كل شيء. إنما.. لابد من الإعداد الروحي، الذي يمتلئ فيه الخادم من روح الله، ليأخذ منه ما يعطيه. لا يأخذ منه فقط الكلام، وإنما أيضًا القوة والروح والتأثير، كما يأخذ منه كذلك الحب العميق الذي يحب به المخدومين ويسعى به إلى خلاصهم بكل اجتهاد. لقد قال بطرس الرسول كلمة في يوم الخمسين. نخست القلوب. فآمن ثلاثة آلاف من اليهود، إذ نخسوا في قلوبهم. واعتمدوا في ذلك اليوم (أع41:2) فكيف حدث ذلك؟ هل كلمة عادية تحدث كل هذا التأثير؟ كلا. وإنما: كانت الكلمة تحمل قوة، تحمل روحًا، وتحمل أيضًا لسامعيها قدرة على التنفيذ.. هناك فرق بين إنسان يقول لك كلامًا، فتقتنع به، ومع ذلك تشعر بعجزك عن التنفيذ، وبين إنسان آخر يعطيك الإقتناع ومعه القدرة على العمل. المسألة ليست مجرد ثقافة أو لباقة أو قدرة على التخاطب. إنما روح يصل إلى السماع مع الكلام الذي يصل إلى أذنيه. إذن تحضيرك للدرس هو تحضير نفسك روحيًا.. لكي تكون في حالة روحية، تملأ فيها النعمة قلبك، وتمنحك مع الكلمة قوة وتأثيرًا. وتستطيع أن تحضر الله معك، يدخل إلى الفصل. وهو الذي يتكلم على لسانك، وهو الذي يعمل في القلوب وفي الإسماع. ويشعر السامعون إن الله كان معهم أثناء الكلمة. ويقولون: حقًا إن هذه الكلمة مملوءة من روح الله.. كنا نشعر أثناءها أن روح الله يحرك قلوبنا. ويشعل إحساساتنا ومشاعرنا. الخادم الحقيقي هو إنسان حامل الله (ثيؤفورس): مثل لقب القديس أغناطيوس الأنطاكي. إنه يحمل الله معه أينما سار. وينقله إلى الناس، إنه إنسان عاش مع الله. وذاق حلاوة العشرة مع الله. وهو يقدم هذه المذاقة إلى الناس. ويقول لهم "ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب" (مز8:34). لذلك نقول إن هناك فرقًا بين الخدمة والتدريس.. التدريس هو توصيل المعلومات إلى العقول من شخص تربوي خبير بطرق التعليم. أما الخدمة في توصيل الناس إلى الله عن طريق شخص روحي لا يعطيهم مجرد معلومات، إنما يعطيهم روحًا، ويعطيهم حبًا لله ولملكوته. عندنا في مدارس الأحد مدرسون كثيرون ليسوا خدامًا. عندنا كثيرون يقرأون الكتب، ويمتلئون بالمعلومات. ولهم قدرة على تفهيم الأخرين هذه المعلومات. ولكن هل هذه هي الخدمة؟! إن هذا تعليم وليس خدمة.. أما الخدمة فهي روح ينتقل إلى السامعين فيشعلهم بمحبة الله. وهكذا يكون الخادم: يوصل الروح والحب، وليس مجرد الكلام. إنه شخص يحب الناس: وينقل إليهم محبة الله. إنه ثابت في الله. وبالتالي ثابت في المحبة، لأن الله محبة (1يو16:4). والله يدرب خدامه على الحب، لأن الحب عنصر لازم للخدمة، بدونه تصبح الخدمة مجرد نشاط. والمحبة التي في القلب هي التي تخدم. ولا تستريح حتى توصل كل نفس إلى قلب الله. إن كنت لم تصل إلى هذه المحبة، فأنت لم يتم إعدادك بعد للخدمة. ولكن أية محبة؟ نجيب: تحب الناس كل الحب، كما يحبهم الله. تحبهم لأنهم أخوتك، ولأنهم أولاد الله. تحب خلاص أنفسهم، وتحب أرواحهم لكي توصلها إلى الله. تحب الكنيسة التي هي جسده وتحب الملكوت الذي هو متعة الناس بالله. ومن كل قلبك تريد أن الجميع يحبون الله، لأنه هو قد أحبهم أولًا (1يو19:4). الخدمة ليست مجرد معرفة تنتقل من عقل إلى عقل، إنما هو روح وحياة يمتصها المخدوم من الخادم.. من خادم يحل الله فيه، وينتقل حبه إلى السامع، فيشعر بنفس الحلول ومسكين هو ذلك الخادم البعيد عن الله، أي فراغ يقدمه لسامعيه؟ وكيف يقدم الله للناس وهو لم يختبره؟! وما أجمل المثل القائل: فاقد الشيء لا يعطيه. ونود هنا أن نقدم مثالًا من سفر الرؤيا يوضح علاقة الرب بالكنيسة وبالخدام |
|