لا مغفرة بدون إعلان سخط الله وغضبه ضد الخطية. لا مغفرة على حساب قداسة الله الكاملة والمطلقة.
لهذا ففى الصليب أعلن الله محبته غير المحدودة، وأعلن أيضاً قداسته غير المحدودة فى رفضه للشر وغضبه على الخطية.
لقد نقل الآب الخطية ليحملها ابنه الوحيد الذى تجسد من أجل خلاصنا، ويوفى الدين ويكفر عن خطايا كثيرين.
هذا الابن الوحيد المتجسد حامل خطايا العالم تألم “وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شئ” (رؤ19: 15).
وتحاور معه إشعياء النبى قائلاً: “من ذا الآتى من أدوم بثياب حُمر من بصرة، هذا البهى بملابسه المتعظم بكثرة قوته” (إش63: 1). فسأله النبى: “ما بال لباسك محمر، وثيابك كدائس المعصرة؟” (إش63: 2). فأجابه مؤكداً: “قد دست المعصرة وحدى، ومن الشعوب لم يكن معى أحد” (إش63: 3).
وقيل عن السيد المسيح أيضاً: “هو حمل خطية كثيرين وشفع فى المذنبين” (إش53: 12). وأنه “بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها” (إش53: 11). وقال الآب عنه إنه “ضُرب من أجل ذنب شعبى” (إش53: 8).
وقيل عنه أيضاً: “مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا” (إش53: 5، 6).
لقد مات البار عوضاً عن الخطاة لأنه حمل آثامهم و”أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن. إن جعل نفسه ذبيحة إثم” (إش53: 10).
لقد ظهرت قداسة الله فى أجلى معانيها على الصليب، حينما اتقدت نار المحرقة فى الذبيحة بكاملها، وهذا الغضب الإلهى ضد الخطية قد زال حينما أوفى الابن المتجسد دين الخطية كاملاً، لأن الله هو “قدوس”.
إننا حينما نصلى ونقول للآب: “ليتقدس اسمك”، نعيش بأفكارنا هذه الحقيقة أن الله قدوس رافض للشر
والخطية، وأن “إلهنا نار آكلة” (انظر تث4: 24). وأن الملائكة تحجب وجوهها وأرجلها من بهائه وقداسته، حينما تقترب منه بالصلاة والتسبيح.
وحينما نصلى ونرتفع إلى الله بأفكارنا، نتذكر الآية التى تقول: “القداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب” (عب12: 14). لأن الله قدوس. ومن أراد أن يقترب إليه، فينبغى أن تتقدس أفكاره وحواسه ومشاعره.