رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
للوهلة الأولى تبدو حقا مثل البشر، وتبدو القرية وكأنها محتشدة بالسكان وهم يمارسون أعمالهم اليومية. مع ذلك، هؤلاء السكان المحليون المعينون ليسوا أناس حقيقيين، وإنما عرائس، حيث تفوق في عددها سكان القرية الذين يقدرون بحوالي 40 شخصاً فقط أو نحو ذلك. ومع شخصياتهم المميزة الخاصة، تخلق هذه العرائس جوا من البهجة إلى حد ما. ولكن في سياق معاناة اليابان من انخفاض عدد السكان الذي يضع تلك المجتمعات الريفية في مواجهة خطر الزوال التام، يأخذ المشهد جانباً أكثر غرابة. مجتمع كامل من العرائس منزل هذه العرائس هو قرية جبلية صغيرة تدعى ناغورو بالقرب من بلدة ميوشي في محافظة توكوشيما اليابانية. بسبب قربها من السماء، حيث تقع على ارتفاع 800 متر، يشار للقرية أحياناً باسم تينكو نو ساتو، حرفياً ”بلدة السماء“. يستغرق الوقت للوصول إلى القرية بالسيارة من مدينة توكوشيما نفسها ثلاث ساعات، حيث تقع في حزام من البلدات الجبلية الريفية في قلب جزيرة شيكوكو الرئيسية. ولكن هذه البلدة المعزولة أصبحت مؤخراً محط اهتمام دولي بعدما ظهرت في فيلم وثائقي قصير نشر على الإنترنت في ربيع عام 2014. وبالفعل، حصد الفيديو الذي صنعه فريتز شومان، المصور الصحفي الألماني الشاب الذين يدرس في هيروشيما، ما يقرب من نصف مليون مشاهدة. أيانو تسوكيمي.. مبتكرة عرائس ناغورو هذه العرائس التي اشتهرت فجأة في العالم هي من عمل أحد سكان ناغورو وتدعى أيانو تسوكيمي، التي تقيم في القرية مع والدها المسن. تتذكر كيف بدأ كل شيء: ”بعد عودتي، حاولت زرع بعض البذور في الحقول المحيطة هنا، ولكن لم ينم شيء. لذلك قررت محاولة صنع فزاعة (خيال المآتة)“. وبعد أكثر من عقد من الزمان، ما بدأت كمجرد إبعاد الحيوانات البرية بعيدا عن الحقول قد ازداد لتمتلئ القرية بأكملها بالعرائس. أيانو تبدأ كل قطعة عن طريق تشكيل وجه تعبيري. وبعد ذلك، تلف إطار خشبي بأكثر من 80 ورقة مأخوذة من الصحف لصنع الجذع. تجهز عملها الإبداعي، بوضع الملابس القديمة، والأحذية، والأحذية الرياضية. تستغرق عملية صناعة العروسة الواحدة حوالي يومين في المتوسط ولكن حالما يتم وضعها في الخارج أو في الحقول، تقول أيانو إن إبداعاتها لا تدوم أكثر من بضع سنوات. من بين أكثر من 350 عروسة أنتجتها حتى الآن، هناك حالياً 100 أو نحو ذلك منتشرة في أنحاء القرية. ثروة من الشخصيات المعروضة ”السجل العام“ للعرائس، والذي يتضمن معلومات عن السيرة الذاتية لجميع إبداعات أيانو، بما في ذلك ”العمدة“ تسوزوكي يوجيرو (في الصورة). ”السجل العام“ للعرائس هي واحدة من الميزات الغريبة والمسلية في ناغورو، حيث يتم الاحتفاظ بها في منطقة الاستراحة بالقرب من منزل أيانو ليتمكن للزوار قراءتها. هناك لوحة في مكان قريب: ”نحن لسنا كالعرائس العادية. كل منا له أسماء خاصة وشخصيات خاصة وقصص حياة وكلها مكتوبة في هذا الكتاب“. والشخصية الأكثر نجاحاَ في ناغورو هو عمدة قرية العرائس، تسوزوكي يوجيرو البالغ من العمر 68 عاماً، الذي يصفه السجل أن حاله اليوم ثابت، ويتصرف بجدية، على الرغم من كونه أصعب طفل في صفه أيام مدرسته. بعد تخرجه من ”جامعة شهيرة“ بدأ العمل في ”شركة كبيرة، ليعود إلى مسقط رأسه في سن 30 للزواج من صديقته في اللعب منذ الطفولة، كيو. حاليا في ولايته الثالثة كرئيس للقرية، تسوزوكي أيضا على ما يبدو يساعد على حماية الجبل كعضو في لجنة الغابات المحلية. ويمكن رؤية عروسة تسوزوكي وهو يرتدي رداء السلطة الأزرق الداكن من ماركة أرماني مع كتافيات كبيرة. تصف صفحته كيف أنه دائما تبدو عليه هذه الهيئة، سواء كان يرتدي ملابس العمل أو بدلة غالية، وفق موقع "اليابان بالعربي". المزيد من العمل في الوقت الحاضر، تقوم أيانو برحلة طويلة لتوكوشيما مرة واحدة في الشهر لإدارة ورشة عمل لصنع العرائس. وفي كل شهر، يشاركها الرحلة ذهابا وإيابا عروسة لشاب يجلس بانتباه في مقعد الراكب لسيارتها القديمة الموثوق بها. وعلى الرغم من أنها تقوم بالدردشة بحماس في حوارنا عن كيفية مساعدة العرائس لها للقاء جميع أنواع الناس وإصرارها على أنها تعتزم الاستمرار في صنعها طالما تمتع بالقدرة على ذلك، فإن أيانو لا تقدم أي تفسير آخر للأسباب والحيثيات الأعمق من ”أنا فقط أقوم بذلك لمجرد أنها هواية“. ولكن بفضل إبداعاتها، استقبل القرويون المحليون العديد من الزوار إلى المنطقة. وفقا إلى أيانو، أصغر سكان ناغورو هما طالبان في المرحلة الثانوية، في حين أن الغالبية العظمى من سكان القرية تتقدم باطراد في السنوات. الحقيقة الصارخة يطلق على تلك المجتمعات اسم ”بلدات هامشية“ حيث يصبح أكثر من نصف السكان فوق سن 65 وهاجر معظم الشباب منها و أصبحت حقا مهددة بالزوال. ووفقاً لتقرير صدر من قبل وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات. وقد وصفت "هافينغتون بوست" ناغورو بأنها ”قرية يابانية مهجورة“. في مجتمع حيث معدلات المواليد منخفضة وشيخوخة الكبار تساهم في الانخفاض السريع للسكان المحليين، قد لا يكون اليوم بعيدا عندما يصبح مجتمع مثالي كهذا مدينة أشباح، موطنا للعرائس فقط |
|