رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مكتُوبٌ مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللَّهِ ( متى 4: 4 ) من أهم الأمور للمؤمنين، ولا سيما لحديثي الإيمان منهم، الدرس بروح الصلاة وباستمرار في الكتاب المقدس، إذ إن التعاليم التي يمكن الحصول عليها من اجتماعات المؤمنين مهما كانت حسنة ومفيدة في حد ذاتها لا تستطيع أن تقوم مقام المطالعة الشخصية والتأمل الفردي في كلمة الله. فالله يُطعِم النفس من كلمته في كل حالة نُظهر فيها الاجتهاد والشوق والتعطش، فهو يُشبع القلب المُشتاق، ويملأ النفس الجائعة خيرًا ودسمًا. ونحن في حاجة إلى مؤونة يوميًا، فالمَنّ يجب أن يُجمَع جديدًا كل يوم بيومه، ويجب أن نطلبُه مُبكرين قبل أن نَقدم على عمل النهار. نحن مفروض علينا محاربة أعداء كثيرين، ولهذا فنحن في حاجة إلى أن نتقوى ونتسلح بسلاح الله الكامل، لأن دخولنا المعركة بقوتنا الذاتية لا بد أن ينتهي بالخيبة والانكسار، فنحن نحتاج إلى قوة وحكمة من الأعالي. وما أعظم الفائدة التي تحصل عليها النفس من وقت قصير تقضيه في التأمل الصامت العميق في كلمة الله! وفي ربنا المبارك نفسه لنا المثال الكامل في هذه الحالة كما في غيرها، إذ نجده يستعمل تلك الكلمة الصغيرة «مكتوبٌ» في حوالي أربعة عشر أو خمسة عشر موضعًا. ففي بَدء خدمته لما واجه قوة الشيطان وحيله، نراه تغلَّب عليه بالمكتوب، وهذا كان فيه الكفاية، فلم يُرِِد أن يُحَوِّل الحجارة خبزًا – مع أن له السلطان أن يفعل ذلك – إلا أنه لم يشأ أن يتصرف بدون إرادة الله وأمره، فلم تستطع حيلة العدو ولا قوة تغريره أن تؤثر عليه ليتخلى عن مركز الطاعة لله والاستناد الكلي على مشيئته المدوَّنة في كلمته المكتوبة، فهو يُجيب الشيطان من سفر التثنية؛ ذلك السفر الذي يحتوي على التعليمات التي أعطاها على يد موسى لإرشاد شعبه بعد دخولهم أرض الموعد. ولما أراد الشيطان أن يُسيء تطبيق كلمة الله، كان ربنا المبارك يُجيبه أيضًا من المكتوب. وإذ عجز الشيطان عن إيجاد أي منفذ ليهزم ذاك الذي كان محصورًا بكلمة الله، نراه قد تركه وهو يجر أذيال الخيبة والفشل، فالرب لم يُقابل الشيطان بقوة فكره الإلهي، إنما استطاع أن يردُّه خائبًا مخزيًا بالكلمة المكتوبة وحدها، ولهذا فهو أعظم مثال لنا. . |