ولِدت القديسة دميانة في أواخر القرن الثالث الميلادي وكانت هذه العذراء العفيفة المجاهدة ابنة مرقس والي البرلس والزعفران ووادي السيسبان. وكانت وحيدة لأبويها. ولما كان عمرها سنة واحدة أخذها أبوها إلى الكنيسة التي بدير الميمة وقدم النذور والشموع والقرابين ليبارك الله فيها ويحفظها له. ولما بلغت من العمر خمس عشرة سنة أراد ان يزوجها فرفضت وأعلمته أنها قد نذرت نفسها عروسا للسيد المسيح. وإذ رأت ان والدها قد سر بذلك طلبت منه أيضا ان يبني لها مسكنا منفردا تتعبد في هي وصاحباتها. فأجاب سؤالها. وبنى لها المسكن الذي أرادته، فسكنت فيه مع أربعين عذراء، كن يقضين أغلب أوقاتهن في مطالعة الكتاب المقدس والعبادة الحارة. وبعد زمن أرسل دقلديانوس الملك، واحضر مرقس والد القديسة دميانة وأمره ان يسجد للأوثان. فامتنع أولا غير انه بعد أن لاطفه الملك، انصاع لأمره وسجد للأوثان. وترك خالق الأكوان ولما عاد مرقس إلى مقر ولايته، وعلمت القديسة بما عمله والدها، أسرعت إليه ودخلت بدون سلام أو تحية وقالت له: ما هذا الذي سمعته عنك ؟ كنت أود ان يأتيني خبر موتك، من أن اسمع عنك انك تركت عنك الإله الذي جبلك من العدم إلى الوجود، وسجدت لمصنوعات الأيدي. اعلم انك ان لم ترجع عما أنت عليه الآن، ولم تترك عبادة الأحجار، فلست بوالدي ولا انا ابنتك، ثم تركته وخرجت. فتأثر مرقس من كلام ابنته وبكي بكاء مرا، وأسرع إلى دقلديانوس واعترف بالسيد المسيح. ولما عجز الملك عن إقناعه بالوعد والوعيد أمر فقطعوا رأسه. وإذ علم دقلديانوس ان الذي حول مرقس عن عبادة الأوثان هي دميانة ابنته، أرسل إليها أميرا، وأمره ان يلاطفها أولا، وان لم تطعه يقطع رأسها. فذهب إليها الأمير ومعه مائة جندي وآلات العذاب. ولما وصل إلى قصرها دخل إليها وقال لها: انا رسول من قبل دقلديانوس الملك، جئت أدعوك بناء على أمره ان تسجدي لألهته، لينعم لك بما تريدين. فصاحت به القديسة دميانة قائلة: شجب الله الرسول ومن أرسله، أما تستحون ان تسموا الأحجار الأخشاب آلهة، وهي لا يسكنها إلا شياطين. ليس اله في السماء وعلي الأرض إلا اله واحد. الاب والابن والروح القدس، الخالق الأزلي الأبدي مالئ كل مكان، عالم الأسرار قبل كونها، وهو الذي يطرحكم في الجحيم حيث العذاب الدائم، أما انا فإني عبدة سيدي ومخلصي يسوع المسيح وأبيه الصالح والروح القدس الثالوث الأقدس، به اعترف، وعليه أتوكل، وباسمه أموت، وبه أحيا إلى الأبد. فغضب الأمير وأمر ان توضع بين هنبازين ويتولي أربعة جنود عصرها فجري دمها على الأرض. وكانت العذارى واقفات يبكين عليها. ولما أودعوها السجن ظهر لها ملاك الرب ومس جسدها بأجنحته النورانية، فشفيت من جميع جراحاتها. وقد تفنن الأمير في تعذيب القديسة ديانة، تارة بتمزيق لحمها وتارة بوضعها في شحم وزيت مغلي، وفي كل ذلك كان الرب يقيمها سالمة. ولما رأي الأمير ان جميع محاولاته قد فشلت أمام ثبات هذه العذراء الطاهرة، أمر بقطع رأسها هي وجميع من معها من العذارى العفيفات..