رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البرَكَة المُعَطلة «ولَم يَقدِر أَن يَصنعَ هُناكَ ولاَ قُوَّةً واحِدَةً ... وَتعَجَّبَ مِن عَدَمِ إيمَانِهِم» ( مرقس 6: 5 ، 6) إن عمل النعمة العجيب المليء بالبركة والإحسان، قد تعَطَّلَ. وتوقفت الرحمة الإلهية، وتقيَّدت قوة المحبة، وخدمة السَنَة المقبولة التي يُبشِّـر بها عبد يهوه، لم تجد قبولاً. ومع أن كل شيء مُستطاع لدى الله، إلا أنه هنا، الله الظاهر في الجسد، لم يقدر أن يصنع ولا قوة واحدة، بسبب عدم إيمانهم. لم يحدث هذا في صور وصيدا، ولكن في الناصرة، حيث كشف عدم الإيمان عن نفسه، ووقف في طريق نشاط عبد يهوه الكامل. في تلك المدينة التي تميَّزت عن غيرها، كان عدم الإيمان سائدًا، ولم يصنع الرب هناك ولا قوة واحدة! وما هي امتيازات ذلك المكان؟ إن ذاك الذي وُلد ملكًا في بيت لحم مدينة داود، اختار الناصرة وطنًا، وهناك عاش قرابة ثلاثين عامًا، ناميًا في الحكمة والقامة والنعمة، وألف أهل مدينته منظره المبارك وعاداته وشفقته ولُطفه ووداعته وتواضعه وطاعته، ولكنهم لم يعرفوا أن يؤمنوا به كالشخص المُعيَّن من الله للخلاص، وليملك وليس لمُلكه نهاية! وإن كان لهم أي تقدير ليسوع الإنسان، إلا أنهم لم يكن في فكرهم أن يُكرموه كالرب يسوع، نبي الله، والممسوح من الروح القدس ليَكرز ببشارة الإنجيل للمساكين. وعندما أعلن إرساليته جهرًا في مجمعهم، امتلأت قلوب أهل الناصرة بالغيظ والحقد والجريمة. لقد تعجبوا من كلمات النعمة، ولكنهم لم يؤمنوا به، ولا حتى إخوته. لقد كانت الناصرة أرضًا جدباء، حيث لم تستطع بذور الملكوت الطيبة أن تنمو. وإذ هم أهملوا في أن يأخذوا كلمات الرب بالإيمان، شكّوا في قوته، وفيما يستطيع أن يفعله. إن الإيمان هو الذي ينقل البركة التي لا حد لها من الله إلى الإنسان، ولكن عدم الإيمان هو الوسَط العازل «ولم يقدِر أَن يصنعَ هناكَ ولا قوَّةً واحدَةً». ولماذا؟ بسبب عدم إيمانهم. وهكذا يُقيم الإنسان حواجز لا يمكن عبورها أمام تيار المحبة والرحمة الإلهية الفائض، وهذا ما حدث مرة إذ بكى المسيح على أورشليم العنيدة قائلاً: «كَم مرَّةٍ أَرَدتُ .. ولَم تُرِيدُوا!» ( لو 13: 34 ). «غَيرَ أَنَّهُ – في الناصرة أيضًا - وضعَ يدَيهِ على مَرضَى قلِيلينَ فشَفاهُم» ( مر 6: 5 )، وهؤلاء القلائل هم الذين كان لهم الإيمان بقوته، وشعر هؤلاء الضعفاء العاجزون المهجورون بيد القوة تُوضع عليهم، ونالوا ما فقده غير المؤمن المتكبِّر المكتفي بذاته. لقد وثقوا بمحبته، وأعطوا مجالاً لقوته. فلنبحث عن العائق إن وُجِد، ونبعده أو نُزيله، فتفيض علينا بركات الرب وتغمرنا. |
|