ليت الذين أنكروا فيما سبق أن المصلوب هو إله، يعترفون بضلالهم، لأن الكتب الإلهية تُلزمهم بذلك، وخاصة توما الذي لمّا رأى أثر المسامير، صرخ قائلا " ربي وإلهي"! ، فإن الإبن الذي هو الإله وربُّ المجد كان في الجسد المهان والمسمر بلا كرامة وبينما كان الجسد يتألم ويُطعن على الخشبة، ويفيض من جنبه دم وماء، كان بصفته هيكل الكلمة مملوءاً بكل ملء اللاهوت!، ولهذا السبب لمَّا رأت الشمس خالفها، يتألم في الجسد المُهان، أخفت شعاعها وأظلمت الأرض[18]
لهذا كان واضحًا للكل أن البشر حقًا جاهلون، لكن اللوغوس ذاته باعتباره الله الكلمة، يعرف كل شيء حتى قبل حدوثه. لأنه حينما صار إنسانًا لم يكف عن أن يكون هو الله، ولم يستنكف من أمور الإنسان بكونه هو الله، بئس هذا الفكر. بل بالأحرى، إذا هو الله، قد أخذ لذاته الجسد، وإذا هو في الجسد فإنه يؤله هذا الجسد. لأنه كما سأل أسئلة هكذا أيضًا أقام الميت، وأظهر للكل أن الذي يحيي الميت ويستدعي روحه، يعرف بالأكثر أسرار الجميع. إنه يعرف حقًا أين يرقد لعازر، ومع هذا يسأل، لأن لوغوس الله الكُلى القداسة، الذي احتمل كل شيء لأجلنا، إنما قد فعل ذلك، حتى بأخذه جهلنا، يهبنا نعمة المعرفة، معرفة أبيه الحقيقي وحده، ومعرفته أنه هو الابن المرسل لأجل خلاصنا جميعًا. فأية نعمة أعظم من هذه النعمة؟[19]