هاجموا صمت فيثاغورس أو "حبات أورفيوس" (أسطورة يونانية عن مغني) والادعاءات المبالغ فيها لمن يقولون "هكذا قال معلمنا" (أرسطو). هاجموا أفكار أفلاطون وإعادة التجسد (تقمص جسدًا آخر) ودورات أرواحنا وذكريات الأرواح (القول بأن الروح قد عاشت من قبل وأن الإنسان يتذكر هذه الحياة السابقة)، وقصص الحب الشائنة التي تكون الروح موضوعها ولكن طريقها هو الجسم الجميل. بالإضافة إلى إلحاد أبيقور أو نظرية الذرات التي يقول بها، أو مثله الأعلى في المتعة الذي لا يناسب فليسوفًا، أو مفهوم أرسطو المنحط للعناية الإلهية ونظامه المصطنع غير الطبيعي، ورأيه في عدم خلود الروح، وطبيعة تعليمه الذي يركز على البشر، وماذا عن سطحية الرواقيين وجشع وانحطاط الفلاسفة الكلبيين "Cynics”.
هاجموا الباطل المليء بالخرافات وكل الحشو في الكلام الذي لا طائل من ورائه عن الآلهة والقرابين والأصنام والشياطين والعرافة واستحضار الآلهة أو أرواح الموتى وتأثير النجوم.
ومع ذلك، إذا رفضتم هذه المواضيع واعتبرتموها غير جديرة بمستواكم الفكري، حيث أنها وضيعة وفي أغلب الأحيان مرفوضة، وإذا كنتم ترغبون في التحرك في مجالكم الخاص بكم وتنفيذ طموحاتكم فيه، فإنني سأمدكم هنا أيضًا بطرق عريضة لتسيروا فيها. تأملوا في الكون– أو الأكوان، عن المادة والروح وعن الطبائع (الخيرة والشريرة) التي وُهبت عقلاً، وعن القيامة والدينونة والثواب والعقاب أو عن آلام المسيح. فإن أصبتم الهدف في هذه الأسئلة فلن يكون ذلك بلا فائدة، وإن أخطأتم الهدف فليس ذلك أمرًا خطيرًا. ولكن ستكون معرفتنا بالله في هذه الحياة قليلة، رغم أن معرفتنا به بعد هذه الحياة قد تكون أكثر كمالاً، في نفس ربنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى الأبد آمين (رؤ 1: 6).
القديس إغريغوريوس النزينزى