رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ليلة مصارعة فبقيَ يعقوب وحده، وصارعه إنسانٌ حتى طلوع الفجر .. وباركه هناك ( تك 32: 24 - 29) يا لها من ليلة .. ليلة المصارعة هذه! لقد ظن البعض أنها صورة تشبيهية للجاجة والمُثابرة التي يجب أن تتوفـر لدينا عند الصلاة، ولكن الكتاب لا يقول إن يعقوب هو الذي كان يُصارع، بل «صَارَعَهُ إِنْسَانٌ». وهذا الإنسان الذي لا يُذكـر اسمه، يقينًا هو الرب الذي صارَع يعقوب طول الليل حتى طلوع الفجر. لقد كان يعقوب مُصمِّمًا على المقاومة، ولكن الرب أيضًا صمَّم على أن يكسر عناد يعقوب واعتماده على قدرته الشخصية، وذلك لكي يُباركه. أيها القارئ العزيز: هل يتعامل الرب معك؟ هل يُصارعـك؟ هل يضع يده بالمرض أو بالظروف غير المُوفقة؟ إن لدى الرب طرقًا عديدة يستخدمهـا ليجذب الإنسان إليه. فإذا كان يتعامل معك لا ترفض ولا تُقاومه، فإن مصيرك الأبدي، وحتى نجاحك الزمني، يتوقف على خضوعك لله. لقد صارَع ذلك الإنسان يعقوب حتى طلوع النهار، وصَبِرَ طويلاً عليه لأنه كان يُقاومه. وكان غرض الرب هو أن يكسر إرادة يعقوب ويُخضعه لكي يصبح الله مُتكَّله. وكان يعقوب بقوته يُقاوم الرب. وأخيرًا عندما بزغ الفجر «وَلَمَّا رَأَى أنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخذِهِ» - ضربه في ذات مركز قوته - «فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ». وقال الرب: «أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». ولكن يعقوب قال له بالدموع: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». كأنه يقول: ”لقد ضاعَت قوتي .. أنا الآن ضعيف ولا أستطيع أن أستغني عنك .. أنا في حاجة شديدة إليك“. لقد تعلَّم يعقوب درس التمسُّك بالله والاعتماد عليه للبركة. ويا له من درس ثمين! عندئذٍ غيَّر الرب اسم يعقوب (المراوغ)، وأعطاه اسمًا جديدًا. إن تغيير الاسم في الكتاب دائمًا يعني أن الشخص الذي يتغيَّر اسمه، يخضع دائمًا لمَن غيَّر له اسمه، ويتبعه. وقال الله ليعقوب: «لاَ يُدعَى اسمُكَ فِي مَا بَعدُ يَعْقُوبَ بَل إِسرَائِيلَ». لقدد نالَ اسمًـا جديدًا ومكانًا جديدًا أمام الله الذي كسر إرادته، فتعلَّق به، فباركَـهُ. وهناك غيَّر يعقوب اسم المكان الذي تقابَل فيه مع الرب إلى ”فَنِيئِيلَ“ التي تعني ”وجه الله“، بدلاً من ”يَبُّوقَ“ التي تعني ”إفراغ“. وهناك «أَشْرَقَتْ لَهُ الشَّمْسُ إِذ عَبَرَ فَنُوئِيلَ وَهُوَ يَخْمَعُ عَلَى فَخْذِهِ»، وكانت بداية جديدة مُشـرقة في حياته، ومن ذلك الوقت بدأ مسَاره الروحي يستقيم، رغم أنه ظل يعرج طوال حياته الباقية. |
|