رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انتظار الإيمان وماتت سارة ... فأتى إبراهيم ليندب سارة ويبكي عليها وَقَامَ إبْراهيِمُ مِنْ أَمَامِ مَيْتِهِ ( تك 23: 2 ) لقد آمن إبراهيم بكلام الرب عندما وعده بإسحاق، ولم يعتبر جسده وهو قد صار مُماتًا، وبالإيمان قدَّم إسحاق ابنه حسب قول الرب له، إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات، والآن نرى إيمانه يظهر وهو يدفن سارة على رجاء القيامة. فالإيمان الذي بقوته صعد إلى جبل المُريا ليقدِّم إسحاق ابنه، هو بعينه الإيمان الذي نظر به إلى مغارة المكفيلة ليدفن فيها ميته. لقد جاء الوقت الذي فيه يدفن إبراهيم ميته من أمامه، وهو يفعل ذلك كان على يقين تام أن سارة ستقوم، ويكون لها نصيب في الوطن السماوي؛ الوطن الأفضل الذي كان إيمانه ينتظره. لقد أظهر الله ذاته لإبراهيم كالقدير، وكإله القيامة، كما أكد له أن الأرض التي هو فيها كغريب ونزيل قد أُعطيت له ملكًا أبديًا ( تك 17: 8 )، فالكل كان له بموجب الوعد، حتى وإن لم يملك شيئًا بعد، وبمقتضى إيمانه بوعد الله، اهتم بدفن جسد سارة في تلك الأرض التي وُعد بها. ففي تلك الأرض عاشت سارة، وفيها دُفنت ( تك 23: 2 ، 19)، وبهذا الإيمان عينه نقرأ بعد ذلك أن ابني إسحاق دفنا أباهما في حبرون في هذه الأرض عينها ( تك 35: 27 - 29). وأيضًا يعقوب الذي مات في مصر، نقرأ أن بنيه دفنوه في مغارة حقل المكفيلة في الأرض ذاتها ( تك 50: 13 ). كذلك يوسف لمَّا دَنَت ساعة موته تجلَّى هذا الإيمان فيه، فأوصى إخوته من جهة عظامه أن يحملوها معهم من مصر إلى كنعان ( تك 50: 25 ، 26؛ خر13: 19). وإن كنا قد رأينا الإيمان يلمع في مشهد الموت، فإننا نلاحظ في الوقت ذاته أن الإيمان لا يضع العواطف البشرية جانبًا، لذلك نقرأ القول: «فأتى إبراهيم ليندب سارة ويبكي عليها» ( تك 23: 2 )، نحن نعلم ونوقن بالإيمان أن أحباءنا الذين رقدوا في الرب سيقومون، وأن الموت لهم هو ربح، لكننا في الوقت عينه نحن نحزن عليهم ونشعر بخسارتنا لهم. إن رجاءنا بالقيامة رجاء مؤكد ويعلن لنا ـ كما يذكر لنا الرسول بولس ـ أن حزننا ليس كحزن أولئك الذين لا رجاء لهم. وليس هناك كلمة تقول إننا لا نحزن أو لا نبكي، وهل كان هناك مَن يعلم بقوة القيامة أكثر من ذاك الذي قال: «أنا هو القيامة والحياة» ومع كل ذلك بكى عند قبر لعازر؟! |
|