رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شمشون لأن شمشون عندما كبر، لم يراع مسؤوليته المعينة من الله بصورة جادة، وبدّد قوته في المهازل، والخروج من المآزق، ولأنه أخيراً بدَدها تماما لأرضاء المرأة التي أحبها، نميل إلى أعتباره صورة للفشل، ونذكره كقاضي إسرائيل الذي صرف ايامه الأخيرة يطحن الحبوب في سجن الأعداء ونقول: "يالها من إمكانيات ضائعة !". نعم امكانيات ضائعة، فقد تصرف بدون تفكير عميق وأخطأ خطايا فادحة، حتى اننا لا نظن بان هناك قصة يمكن أن تتحدث عن بطش الخطية وقسوتها وطغيانها على حياة إنسان، مثلما تتحدث قصة شمشون، فهل يمكن لك أن تتخيل بان الشاب الذي إلتقى في كروم تمنة بشبل أسد يزمجر، وبعد أن رفض الاثنان ان يفسح أحدهما الطريق للآخر، انقضّ الشاب على الأسد ومزقه كشق الجدي وليس في يديه شيء.. وعاد بعد أيام ليرى دبراً من النحل في جوف الأسد مع عسل، فاشتار منه على كفيه، وأكل، وأعطى أبويه معه فأكلا؟! وهل تتخيل نفس الشاب وقد أنامته امرأة على ركبتيها، وكان موسى الحلاقة الناعمة أشد فتكاً من أنياب الأسد، فذهب العهد الذي يربطه بمصدر قوته، فقُلعت عيناه، وربط بسلاسل نحاس، وكان يطحن في بيت السجن؟! وهل يمكن لك أن تتخيل شمشمون الأعمى، وقد طحنه الألم، فثاب إلى رشده، وابتدأ شعر رأسه ينبت، وعاد إلى مصدر عهده وقوته؟! وهل تخيلته والنعمة تأخذه في حضنها الأبدي، وهو يصلي أن يغفر الله له، ويذكره؟! أم تستطيع أن تفهم بعدها كاتب الرسالة إلى العبرانيين، وهو يكشف عن رحمة الله العظمى، وهي تضم شمشون إلى قائمة أبطال الإيمان في الأصحاح الحادي العشر من الرسالة؟!.. أن قصة شمشون تحمل في الواقع أرهب تحذير وأرق نداء.. |
|