رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو التعليمُ اللاهوتيّ والروحيّ: سِرُّ التوبةِ والمُصالَحة عِندَما يَنالُ الـمُؤمِنُ سِرَّ المـَعمودية ويَلبسُ المسيح تُمحى كُلُّ خَطاياهُ ويُصبِحُ إنسانًا جديدًا. ولكن، ما العَمَلُ حينَ يُخطِئُ مِن جَديد؟ فالمـَعموديَّةُ لا تُعطى إلا مرَّةً واحِدة. لقد كشفَ لنا الربُّ أنّ رَحمةَ اللهِ كبيرةٌ ولا حُدودَ لها. وأوصانا بأن نَغفرَ بَعضَنا لبَعض مِن دونِ حُدودٍ، كما قالَ لبُطرُس أن يَغفرَ لأخيه سَبعينَ مرّة سَبعَ مرّات. إن كانَ قد طلَبَ مِنَّا أن نَغفرَ فكَم بالحَريِّ هوَ نفسُهُ معَنا؟ لذلِكَ أعطى كنيسَتَهُ مِن خِلال رُسُلِهِ، مَهمَّةَ إعلانِ الغُفرانِ وحَلِّ النَّاسِ مِن الخطايا. لا يُريدُ الربُّ أن يَموتَ المـُؤمِنُ بخطيئَتِهِ، ولا يَرضى بأن تُبعِدَهُ خطاياهُ عَن عَلاقةِ الحُبِّ الكبيرِ التي تَجمَعُهُ باللهِ، وها هوَ مِن خِلالِ سِرِّ المـُصالَحَةِ يَحنو على التائِبِ ويُدخِلُهُ مِن جَديد في الشركَةِ معَه. حينَ يَعي المـُؤمِنُ مِقدارَ مَحبَّةِ اللهِ لهُ يَنظرُ إلى حياتِهِ ويَكتشِفُ أنّ بعضَ أعمالِهِ ومَواقِفِه أو أفكارِهِ أو إهمالِهِ هيَ بمثابةِ الخيانةِ للعَهد الذي قَطعَهُ معَ الربِّ، يَندَمُ عَليها ويُقرِّرُ الرُّجوعَ إلى اللهِ طالِبًا المـُسامَحةَ. توصي الكنيسةُ بأن يَتقدَّمَ المـُؤمِنُ التائِبُ مِنَ الكَاهِن الذي يَسمَعُ اعتِرافَهُ بخطاياه، ثم يَقولُ لهُ ما يراهُ مُناسِبًا مِن تَعليمِ الإيمانِ، وهذا بِمثابَةِ إعلانِ كلمَةِ اللهِ – كما في كُلِّ أسرارِ الكنيسة – ثم يَمنحُهُ الغُفرانَ باسمِ الثالوثِ الأقدس. لماذا الكاهِنُ؟ ألا يَكفي الإنسانَ أن يتوبَ مُباشَرةً إلى الله؟ إنَّ العلاقةَ معَ اللهِ شَخصيِّةٌ طبعًا، ومِنَ المـُفيدِ للمُؤمِنِ أن يَبني معَ اللهِ علاقةً خاصّة، فتتَغذى صلواتُهُ مما يَعيشُ يَوميًّا، شاكِرًا اللهَ على كُلِّ عطاياهُ وواضِعًا أمامَهُ همومَهُ ومشاكِلَهُ، وفي الوَقتِ عَينهِ طالِبًا منهُ الغُفرانَ على خطاياهُ. ولكن إضافَةً إلى هذا الطابَعِ الشخصيِّ للإيمان، للكنيسةِ دورٌ أساسيٌّ. فهيَ قد مَنحَتني المـَعموديَّةَ التي بها انتَميتُ إلى كنيسةِ المسيح، وأصبحتُ عُضوًا حيًّا فيها، وهيَ تُعلِّمُني وتُعلِنُ لي الإنجيلَ وتَشرَحُهُ، وهيَ تَمنَحُني سِرَّ الإفخارستيا. لذلِكَ اهتمَّ المسيحُ بأن يَدعو رُسُلَهُ ويُتلمِذَهُم ويُعلِّمَهُم، قبل أن يُسلِّمَهُم مهمَّةَ إعلانِ الإنجيلِ والدعوةِ إلى التوبة وسُلطانَ غُفرانِ الخطايا. لا يُطلَبُ مِنَ المؤمِنِ أن يَتقدَّمَ كُلَّ يومٍ مِن سِرِّ التوبةِ والمصالَحة، لكنَّ الكنيسةَ توصيهِ بأن يكونَ ذلكَ أقلَّهُ مَرَّةً في السنة. هذا مِن ناحيةِ القانونِ الكَنَسيِّ، لكن في الواقِعِ مِنَ المـُفيدِ أن يكونَ ذلكَ عِدّةَ مرّاتٍ في السنةِ، أي مِن حينٍ لآخر حينَ يرى المؤمِنُ أنهُ قد ارتكَبَ خطايا كبيرة، أو حينَ يَشعُرُ أنّهُ يحتاجُ إلى أن يُجدِّدَ علاقةَ الحُبِّ معَ الله، لأن هِمَّتَهُ قد فَترَت أو إنّهُ ابتَعدَ قليلاً عَن حرارةِ الإيمان. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
دور بولس في تكوين أوغسطين اللاهوتيّ |
بولس اللاهوتيّ |
(مريم العذراء في الفكر اللاهوتيّ في القرنين الأوّل والثاني) |
بولس والمنطق اللاهوتيّ |