رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سليمان من نصيحة الصداقة إلى أقوال من عاطفة مشبوبة، ومن مجلدات علاها التراب إلى خلاصات يومية، تنبعث الرسائل وتُستقبل، في محاولة لبث المعرفة والحكمة، فالرغبة في التعلم والفهم منسوجة في طبيعة كل كائن بشري. فنحن نحلل وندرس وننظر ونناقش ونتحاور في كل شيء، من العلم إلى ما فوق الطبيعة، ونبني مدارس ومعاهد وجامعات حيث يمكن للأساتذة العلماء أن يعلمونا عن العالم وعن الحياة... وكل ذلك جيد، فالمعرفة صالحة، ولكن شتان ما بين المعرفة (تحصيل الحقائق) والحكمة (تطبيق هذه الحقائق على الحياة). فقد نكدّس المعلومات، ولكن بدون حكمة تصبح معرفتنا عقيمة لا جدوى منها، فيجب أن نتعلم كيف نعيش ما نعرف. وذلك ماحدث مع "سليمان" بالضبط، ليثبت لنا واقعيا، أحكم إنسان عاش على وجه الأرض، بانه لاتأثير للحكمة الا متى ما استٌخدِمَت فعليا. ففي باكورة حياة سليمان ادرك انه في حاجة الى حكمة، ولكنه في نفس الوقت الذي طلب فيه الحكمة ليدير شؤون مملكته كان قد بدأ بممارسات، ستجعل حكمته بلا جدوى بالنسبة لحياته الشخصية... فقد كان سليمان عالما في النبات والحيوان ومهندساً معمارياً وشاعراً وفيلسوفاً، كما كان أحْكَم ملك في تاريخ اسرائيل. ولكن تلك الممارسات قادته الى ادخال الآلهة الزائفة والعبادة الكاذبة الى اسرائيل. فلقد عقد محالفة مع مصر بزواجه من ابنة فرعون، فكانت أولى مئات الزوجات اللواتي تزوجهن لأسباب مماثلة. وكان بعمله هذا لايتصرف ضد وصية ابيه الاخيرة فحسب، بل ضد أوامر الله الصريحة. مؤكدا لنا بتصرفه هذا، بأنه من السهل جدا ان نعرف الصواب، ومع ذلك لانفعله. ومن ذلك يتّضح بان منح الله حكمة لسليمان، لم يكن يعني بانه سوف لايرتكب اخطاء. لقد مُنِحَ إمكانات عظيمة كملك لشعب الله، ولكن ذلك كان يتطلب مسؤوليات عظيمة، فمال الى مراعاة الأولى وإهمال الثانية. فبينما ذاعت شهرته لبناء الهيكل والقصور، ساءت سمعته كحاكم أَثقَلَ كاهل الشعب بالضرائب وأعمال التسخير. وجاء الزائرون من بلاد بعيدة ليعجبوا بهذا الملك الحكيم، بينما كان شعبه يبتعد عنه شيئاً فشيئاً... ولكي نتمكن من معرفة كيفية حدوث كل تلك المفارقات في حياة سليمان، نوجز قصته كالاتي: يذكرالكتاب بان سليمان هو ثاني ابن للملك داود من زوجته بثشبع، لقد كان محبوبا من الرب منذ ولادته " فقد أمر النبي ناثان أن يسمى الولد يَدِيدِيَّا (ومعناه محبوب الرب) لأن الرب احبّه (2صم 25,24:12). وعندما شاخ داود وكبر ابنه سليمان، اختاره من بين كل ابنائه خلفا له (1مل30:1)، وبعدما تم مسحه ملكا، واعتلى العرش اوصاه ابوه، أن يحفظ شرائع الله ويسير في سبله (امل4,3:2). ويجعل من تلك الشرائع مركزا لحياته الشخصية، وحكومته ايضا للحفاظ على المملكة، كما وعده الله في (2ص:7)، حيث كان لوعد الله جانبان، أحدهما كان مشروطاً يتوقف على تصرفات الملك الجالس على العرش، فيحتفظ بالمُلكْ طالما هو وشعبه يكرمون الله ويطيعونه، وفي حالة فشلهم يفقدون العرش، وذلك ما حدث فعلا في (2مل:25)، والثاني غير مشروط وهو ان يستمر نسله الى الابد وذلك تحقق بمولد الرب يسوع المسيح من نسل داود. ولقد أحب سليمان الرب في بداية حكمه، وسار في فرائض داود ابيه (1مل3:3)، وعندما تراءى له الرب ومنح له فرصة لاختيار أي شيء في العالم، صلى سليمان طالبا حكمة ليتمكن من القيام بعمله بصورة جيدة وليصدر قرارات صائبة قائلا: "فهب عبدك قلبا فهيما لأقضي بين شعبك، وأميز بين الخير والشر، لأنه من يستطيع أن يحكم شعبك العظيم هذا؟" (امل9,5:3). وقد سُرّ الرب بطلب سليمان، فقال له: "لأنك قد طلبت هذا الأمر، ولم تطلب حياة طويلة، ولا غنى، ولا انتقاما من أعدائك، بل سألت حكمة لتسوس شؤون الحكم، فإنني سألبي طلبك، فأهبك قلبا حكيما مميزا، فلا يضاهيك أحد من قبل ولا من بعد. وقد أنعمت عليك أيضا بما لم تسأله، من غنى ومجد، حتى لا يكون لك نظير بين الملوك في أيامك. فإن سلكت في طريقي وأطعت فرائضي ووصاياي، كما سلك أبوك، فإني أطيل أيامك (1مل14,10:3). ومَلَك سليمان على كل أرجاء إسرائيل، وتمتع يهوذا وإسرائيل بالامن طوال فترة حياته، ووهبه الله حكمة وفهما فائقين، ورحابة صدر غير متناهية. وتفوقت حكمة سليمان على جميع أبناء المشرق وكل حكمة المصريين. فكان أكثر حكمة من جميع الناس مثل إيثان الأزراحي، وهيمان، وكلكول، ودردع أبناء ماحول. وذاع صيته بين جميع الأمم المجاورة. ونطق بثلاثة آلاف مثل، وبلغت أناشيده ألفا وخمس قصائد. ووصف الحياة النباتية بما في ذلك أشجار الأرز في لبنان، والزوفا النابت في الحائط، كما وصف البهائم والطير والزواحف والسمك. فأقبل الناس من جميع الأمم ليستمعوا إلى حكمة سليمان، موفدين من قبل ملوك الأرض الذين بلغتهم أخبار حكمته. (امل34,29:4). حتى ان الرب يسوع اشار الى حكمته في(لو31:11). ولأن سليمان استخدم حكمته جيدا من ناحية قيادته للامة، كانت ثمار تلك الحكمة، إن الرب قد انعم عليه بالسلام والامن والازدهار، حيث يمكن اعتبار فترة حكمه مثالا لما يمكن ان تصبح عليه اية امة عندما تتوحد نحو الاتكال على الله. وبذلك توفّرت لسليمان الظروف والاسباب المناسبة التي مكنته من الشروع لاتمام وعد الرب لداود "من إن ابنه هو الذي سيبني بيتا للرب وليس هو (2صم13,12:7). وبدأ سليمان ببناء الهيكل "أعظم انجازاته" وقد سخّر لبنائه أجود واحسن مستلزمات البناء، فكان بناءً فخما من الذهب، والفضة، والنحاس، وخشب الارز، ولم يكن له نظير، فكان رائع الجمال واستغرق بناؤه سبع سنوات. ونجد الرب في تلك الاثناء يعود ويوصي سليمان ثانية بان: يسلك في فرائضه، ويطبق أحكامه، ويطيع وصاياه لكي يحقق وعوده ويقيم وسط شعبه ولا يتخلى عنهم (1مل13,11:6). وعند تدشين الهيكل، قدم سليمان صلاة رائعة (1مل53,22:8). وبعد انتهائه من الصلاة بارك شعبه وصلى لاجلهم وطالبهم باعادة تكريس انفسهم لخدمة الرب (61:8)... وسمع الرب صلاة سليمان وتضرعه وقدس ذلك الهيكل ليضع اسمه عليه الى الابد وذكّره ثالثة بعهده المشروط لثبات كرسيه (9,1:9 ). ومن الاحداث المهمة التي حصلت مع سليمان وبعد ان بلغت صيته، واخبار إعلائه لاسم الرب في كل البلدان، جاءت "ملكة سبأ" لترى بنفسها ما إذا كان كل ما سمعته عن سليمان، حقا. مستخدمةً الألغاز والأمثال "الأمرالشائع حينها لامتحان الحكمة". (10: 3). وعندما تحققت من مدى غناه وحكمته، "اعتراها الذهول"، ولم يعد عندها أي شك في قوة حكمته، فلم تعد منافسة له، بل معجبة به. ويحتمل جدا أن كثيرين من الملوك والعظماء من الأجانب جاءوا مثلها وأعربوا عن تقديرهم لسليمان... ومن جهة اخرى، ولان سليمان كان قد طلب حكمة من الرب وليس شيئا اخر، كان الله بالمقابل قد وعده بالغنى والكرامة ايضا (13:3). وللتعرف على المدى الخيالي التي اصبحت عليه ثروته فما علينا سوى مطالعة الاصحاح العاشر من الملوك الاول، فلم تعد مملكته مملكة من الدرجة الثانيه، بل بلغت اوج قوتها وغناها، واصبح غناه اسطوريا، فجاء اليه الرجال من امم كثيرة ليسمعوا ملك بني اسرائيل القوي. وقد اشار اليه الرب يسوع للمرة الثانية متحدثا عن قمة مجده في (مت26:6). لكن للاسف، وكما يبدوا بان ابوه كان فعلا قد ترك له مثلا سيئا من ناحية تعدد الزوجات، فنلاحظ انه من كل ذلك المجد، ورغم كل تلك الحكمة، فلم يستطع ان يستخدمها في كل جوانب حياته وخاصة الروحية منها، فقد كانت له رغبات ونقاط ضعف، فلم يستطع ان يقول "لا" للرغبات الشهوانية، فمن رغباته وكل ما أراده، نسي حاجته الى الله، وسمح للتأثيرات الشريرة أن تتسلل الى بلاطه، من خلال زوجاته الوثنيات. فسواء كان زواجه بهم لاغراض سياسية أو للاستمتاع الشخصي، فإن اولئك النساء الاجنبيات قدنه الى عبادة الاوثان، فنراه في الوقت الذي إستطاع فيه أن يتحمل ضغوطا كبيرة في ادارة الحكومة، لم يستطع تحمل ضغوط زوجاته اللواتي أردن منه ان يعبد الهتهن. فرغم ان حكمته قادته في البداية الى مقاومة ضغوطهن، متمسكا بالايمان الصحيح، لكنه ما لبث ان سمح بعد ذلك بانتشار عبادة الأوثان، واخيرا تورط هو نفسه في عبادتها، متجاهلا الخطر الكبير الذي سيواجه مملكته. ولا يذكر الكتاب المقدس إلاّ القليل عن سنوات العقد الاخير من حكم سليمان. والارجح أن سفر الجامعة يسجّل تأملاته الاخيرة في الحياة. ففي هذا السفر نرى رجلا يكتشف من خلال اختبار مرير، أنه من العبث إدراك معنى للحياة بعيدا عن الله، فالأمن والأطمئنان لا يوجدان الاّ في العلاقة الشخصية مع الله.. والاطمئنان الذي نشعر به في فرص ونجاحات هذه الحياة، انما هو أمر وقتي، وكلما ننتظر أن يدوم، سرعان ما يزول. فتأكد من أن توازن بين إمكانيات الحياة والقيام بمسؤولياتك على الوجه الاكمل. نقاط القوة والانجازات: - ثالث ملوك اسرائيل والوارث الذي اختاره داود. - أحكم انسان عاش على وجه الأرض. - كاتب سفري الجامعة ونشيد الانشاد والكثير من الامثال وبعض المزامير. - بنى هيكل الله في أورشليم. - كان رجلا دبلوماسياً، وتاجراً، وحامياً للفنون. نقاط الضعف والأخطاء: - عقد محالفات مع البلاد الأجنبية عن طريق زواجه بنساء وثنيات. - سمح لزوجاته أن يؤثرن في امانته لله. - أثقل كاهل شعبه بالضرائب، وأرهقهم بأعمال التسخير. دروس من حياته: - يمكن إبطال تأثير القيادة القوية، بالحياة الشخصية الضعيفة: بينما كان لمملكة سليمان القوية العظيمة أن تظلّ مباركة طوال الوقت، نظرا لكل ما منحه الله له من حكمة وغنى ومجد وما أنعم به عليه من امن وسلام، ورغم استجابته لصلاته وارشاداته المستمرة له، لكنها كانت تقترب شيئا فشيئا من نهايتها. فالضعف الذي ظهر في حياته الشخصية نتيجة لسماحه للخطية ان تنتشر في كل ما حوله، قد أدى الى فساده، حتى انه لم يعد يهتم بالرب الهه، ولم يتصرف دائما حسب حكمته، فكانت النتيجة في النهاية فقدانه لكل شيء.. فالحكمة هي التمييز لمعرفة الافضل، أما قوة الشخصية فهي التصرف بمقتضى تلك المعرفة. والله يعرف قوانا البشرية وضعفاتنا وأوامره دائما لخيرنا. - فشل سليمان في طاعة الله، لكنّه لم يتعلّم درس التوبة إلاّ في نهاية حياته: إذ كان سليمان حكيما، فلماذا إبتعد عن الله؟!. بينما استخدم سليمان حكمته في الشؤون السياسية، وفي بناء الهيكل، فانه لم يستخدمها في حياته الروحية، فكان يعرف الطريق الصائب للحياة لكن لم تكن له على الدوام الارادة الثابتة لاتباعها، فهو لم يبتعد عن الله دفعة واحدة، او خلال فترة قصيرة، لكن فتوره الروحي بدأ بابتعاده تدريجيا عن شريعة الله، رغم ان الله حذره، بل غضب عليه لأنه ضلّ عنه، مع انه تجلى له مرتين ونهاه عن الغواية وراء الهة اخرى، فلم يطع وصيته (11,9:11). وللأسف لم يتعلم سليمان الدرس الا بعد فوات الأوان، وذلك مايبدو واضحا في سفر الجامعة الذي كتبه بلغة الشك والتشاؤم، وكان له هدفا من ذلك. فبعد ان رأى حياته متجهة نحو الانحدار، ونهايته مقتربة، تطلّع الى الوراء من موقف الاتضاع والتوبة، معيدا تقييم العالم كما اختبره هو، مؤمّلاً أن يوفّرعلى قرائه المساعي الباطلة، ومرارة التعلم من خلال الخبرة الذاتية، ان كل شيء بعيدا عن الله هو باطل وأجوف وبلا معنى كما سبق وان اختبره هو، وتأكد من ان لاشيء بعيدا عن الله جعله سعيدا، واراد ان يعلّم الشعب ان النجاح والازدهار يمكن ان يزولا كبخار التنفس في يوم بارد، وكل الانجازات لابد وان تختفي يوما ما ولا دوام الا لله وحده. - معرفة الأعمال المطلوبة منّا، لاقيمة كبيرة لها، ما لم يتوفر العزم على انجازها: رغم معرفة سليمان بكل ما كان مطلوبا منه للقيام به، وذلك من خلال كل الشرائع المتوفرة له، اضافة الى وصايا والده، وتحذيرات الله المتكررة له، وكل ما اغدق عليه من حكمة ومعرفة، الا انه فشل في استخدامها دائما في حياته، وبذلك اصبحت معرفته عقيمة لاقيمة لها، بل ادت تجاوزاته على كل تلك المعرفة من خلال الاعمال التي قام بها الى نتائج مريرة انعكست سلبا عليه وعلى شعبه. فمن عملية تقديم الذبائح على المرتفعات رغم معرفته بان ذلك ضد شريعة الله المحددة في (تث14,13:12)، سمح لممارسات وثنية بالتسلل الى عبادة الشعب، بانتزاع التقدمات بعيدا عن العناية الساهرة للكهنة وخدام الله الامناء، وفتح الطريق للتعليم الكاذب ليرتبط بهذه الذبائح. ومن اقتنائه للعديد من النساء خاصة الاجنبيات، وتجميعه عددا كبيرا من الخيل، وتكديسه لثروة لا تصدّق، تعدى بذلك على اوامر الله المذكور في ( تث20,14:17)، فضرّت به وبشعبه سياسياً وروحياً، فزوجاته اغوين قلبه بالابتعاد عن الله، وتسببت ثروته الهائلة في زيادة الرفاهية في بلاطه، وارتفاع عبء الضرائب على الشعب، مما ادى الى القلق وجعل الاوضاع مهيأة للثورة.. وبالنسبة لنا وكما اشرنا سابقا فان عملية تكديس المعلومات والمعرفة بدون تطبيقها على حياتنا من كل جوانبها، قد تكون عقيمة، بل وقد تؤدي الى نتائج سلبية، سواء كان في الجانب الاجتماعي منها بما فيها عوائلنا، عملنا، علاقاتنا، او الجانب الروحي، بما فيه مسيحيتنا، فلا يكفي ان نعرف كل مايطلبه الله منّا، او ان نحفظ آيات من الكتاب، او نؤدي شرائع وطقوس فارغة، دون ان نعكسها في حياتنا، فالمسيحية الحقيقية هي حياة تتطلب منا ان نعيشها بأمانة ونزاهة، ونجسدها في كل تصرفاتنا وافعالنا، لكي نكون قدوة ومثالا ايجابيا للاخرين، مقدمين المجد والكرامة لذلك الاسم الذي نحمله، وذلك كله لايتم الا متى ما وضعنا تلك الحياة بين يديّ واهبها الوحيد رب المجد يسوع المسيح. - اتاحة الفرصة للعبادة الحقيقية لاتضمنها انشاء اماكن رائعة لها: على مدى (480) عاما، منذ خروج بني اسرائيل من مصر، لم يطلب الله منهم أن يبنوا له هيكلاً، بل عوضاً عن ذلك أكّد ضرورة وجوده بينهم وحاجتهم لقادة روحيين. ولكن عندما ارادوا ذلك ووافق الله على طلبهم، اصبح الهيكل لديهم بمثابة عرش الله على الارض، والعناية والدقة في بنائه كان نوعا من العبادة الحقيقية، لذلك كان هيكل سليمان بكل مواصفاته مكانا رائعا للعبادة، فقد سبق لداود وان قدم كل ثروته الخاصة لبنائه. فمن الناحية المعمارية كان رائع الجمال، لم يكن له نظير، من افضل ما يمكن ان يصممه انسان، ومن الناحية الروحية كان رمزا للعديد من الامور مثل: السلطة الدينية، قداسة الله وعهده مع بني اسرائيل، الغفران، مكانا للصلاة، والاهم من ذلك كله، كان من مهمامه ان يعّد الشعب للمجيء الاول للمسيح في العهد الجديد. ورغم كل ذلك، ورغم ان سليمان عند تدشينه، حثّ الشعب على اعادة تكريس انفسهم لخدمة الله، الا ان تصرفات ملوكهم ومنهم سليمان نفسه، ادت الى انجذابهم وراء آلهة اخرى، وبالتالي برود قلوبهم نحو شريعة الله، وخراب العائلات والحكومة واخيرا دمار الامة. وبمرور السنين اصطبغ الشعب بالصفات المزيفة للآلهة الزائفة التي عبدوها، فانحدرو روحيا واصبحوا قساة القلوب، متلهفين للقوة ومنحرفين في كل طرقهم.. وذلك يؤكد لنا بأنه سواء كنّا قادة، أو لم نكن، فإن تأثيرنا يتوقف على استماعنا وطاعتنا لكلمة الله، وإن وجود بيت رائع للعبادة لايدلّ دائما على ان الناس المجتمعين فيه يقدمون عبادة حقيقية روحية من القلب لله مقدّمين له ذواتهم. فاتاحة الفرصة للعبادة الحقيقية من خلال بناء دور عبادة، وكنائس فخمة ليس ضمانا دائما لحدوثها، ومع انه من الضروري التفكير بانشاء اماكن للصلاة والعبادة الجماعية والشركة بين الاخوة المؤمنين، شرط ان لا ينتابنا القلق من جهة بنائها لدرجة ان نهمل معها الكنيسة الحقيقية "شعب الله". فالله لايريد ان يقابلنا في اماكن مقدسة ولساعات محددة فحسب، بل يريد ان يعيش في قلوبنا. فهيكل الله في العهد الجديد "عهد النعمة" هو أجساد شعبه، وعرشه الحقيقي هو قلوبهم، وباعترافنا به ملكاً حقيقياً وسيداً ابدياُ على حياتنا تتحقق العبادة الحقيقية. - كثير من الدروس المهمّة الاخرى يمكن ان نتعلّمها من الحكمة التي تركها لنا أحكم إنسان عاش على الأرض، والتي جسّدها في سفري الامثال والجامعة. ففي سفر الامثال: يقدم اقتراحات عملية للحياة الفعالة، والمباديء التي بُنِيَت عليها تلك الاقتراحات نافعة لكل المؤمنين. فكما قال بنفسه "فيحرز البسطاء فطنة، والأحداث علما وبصيرة". فهو ليس مجموعة من الاقوال الشائعة، ولكنه يتضمن نظرة روحية عميقة نابعة من الاختبار، تدعو الشخص للعمل والتمسك بها ليسير قريباً من الله، وهو يغطي مجالات واسعة من الموضوعات تشمل الشباب، والتأديب، والحياة الأسرية، وضبط النفس، ومقاومة التجربة، وشئون الأعمال، والأقوال واللسان، ومعرفة الله، والزواج، والبحث عن الحق، والثروة والفقر، وبالطبع الحكمة. ولكنه يركّز كل الاهتمام فيه على الله، وطبيعته، واعماله، وبركاته، وكيف نتمكن من ان نحيا في علاقة وثيقة معه، ولخّص كل ذلك في قوله "رأس الحكمة مخافة الله".. اما سفر الجامعة: فهوموعظته المكتوبة، وتحليل لاختبارات الحياة، وبحث نقدي في معناها. ففي هذا السفر العميق، يأخذنا سليمان في رحلة ذهنية عبر حياته، ويوضح لنا كيف أن كل شيء جربه وامتحنه وذاقه، كان كله باطلا (11:2)، وغير معقول (17:2)، وبلا هدف (8:4)، وغبي (16:4)، وفارغ (12:6)، ودرساً في العبث. ولنتذكرأن هذه الكلمات صدرت عن شخص حصل على "كل شيء"، القوة الهائلة، الحكمة، الثروة. وبعد هذه الجولة في تاريخه، يذكر سليمان هذه النتيجة الباهرة : "اتق الله واحفظ وصاياه، لأن هذا هو كل واجب الإنسان (13:12)، ونظرة واحدة الى الايات الختامية منه تكفينا لفهم هدفه. فمهما كانت الأسرار والمتناقضات الظاهرة في الحياة، فيجب أن نسعى إلى الهدف الوحيد، ألا وهو معرفة الله. فيرينا فيه أننا يجب أن نستمتع بالحياة، ولكن هذا لا يعفينا من إطاعة أوامر الله. فعلينا أن نبحث عن هدف ومعنى للحياة، وهما لا يوجدان في المساعي البشرية. يجب أن نعترف بالشر والحماقة والظلم في الحياة، ومع ذلك نحتفظ بموقف إيجابي وإيمان قوي بالله. فكل الناس عليهم أن يقفوا أمام الله ليُدانوا على ما فعلوه في هذه الحياة، مهما كان ذلك العمل خفياً، سواء كان خيراً أم شرا.ً ولن نستطيع أن نجعل تقلّبات الحياة مبررا للفشل في أن نحيا باستقامة.. فلنصغي الى كل تلك الافكار والحكم ولا نكتفي بمجرد قراءتها بل العمل بمقتضاها لكي لا يفوتنا أوان تطبيقها ونندم كما ندم سليمان بعد فوات الأوان. بيانات اساسية: - المكان: أورشليم. - المهنة: ملك اسرائيل. - الاقرباء: أبوه داود ; أمه: بثشبع ; إخوته: أبشالوم، أدونيا ; أخته: ثامار; إبنه: رحبعام. الآية الرئيسية: "اليس بمثل هذا اخطأ سليمان ملك اسرائيل، مع أنه لم يكن له نظير بين ملوك شعوب كثيرة؟ لقد كان محبوباً عند إلهه، وجعله الله ملكاً على اسرائيل. ومع ذلك اغوته نساؤه الأجنبيات على ارتكاب الإثم (نح26:13). ونجد قصة سليمان في (2صم 24:12 - امل 43:11)، كما يذكر في (1أخ 29,28 ; 2أخ1-9 ; نح26:13 ; مز72 ; مت29:6 ; 42:12 ). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سليمان الحكيم |
كرم سليمان الحكيم |
سليمان الحكيم |
سليمان الحكيم |
سليمان الحكيم |