رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دبلوماسية سليمان في الحكم كانت الدبلوماسية في نظر چورچ ماثيسور، وهو يحلل شخصية سليمان هي السر في كل ما وصل إليه وأصابه،... وماثيسون يعتقد أن سليمان لم يجمع في قصره ألف امرأة لمجرد الشهوة الجنسية، مهما كانت رغبته فيها، بل أن سليمان نفسه والأمم الذي حوله بروابط سياسية، بهذا الجمع الحاشد من النساء، إذ جاء مع بنت فرعون بالموآبيات والعمونيات والأدوميات والصيدونيات والحثيات، وهو يخطط لذلك في الوصول إلى السلام مع جميع جيرانه، دون الحاجة إلى النزاع معهم ورفع السلاح في وجوههم!!.. كما أنه أراد أن يوحد الأمة من الداخل، وهو لا ينسى أن الأمة كانت أساساً تلتف حول عائلة شاول في سبط بنيامين. وأن الاتحاد الظاهري، يحمل في أطوائه جرثومة الانقسام التي لم تلبث أن ظهرت فيما بعد في أيام ابنه، وهو يريد أن يذيب كل انقسام وفرقة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن يشغل الناس بالحصول على الثروة التي تغنيهم عن كل تفكير في نزاع داخلي ومن ثم عمد إلى التجارة فأنشأ أسطولاً ناجحاً وتبادل مع الأمم الذين حوله التجارة التي دفعت الأمة دفعاً قوياً إلى الأمام.. ومن ثم جعل -كما ذكرنا- الفضة في أورشليم مثل الحجارة، والأرز مثل الجميز الذي في السهل في الكثرة!!... وعندما ينشغل الناس بالثروة، ستنسيهم الثروة أي شيء آخر يمكن أن يكون موضوع اهتمامهم وانشغالهم على الإطلاق!!... بل لعله من الناحية الدينية قصد بأن يجمع الشعب حول الهيكل، إذ يصبون هناك حنينهم وأشواقهم وشركتهم، الأمر الذي أفزع خيال يربعام فيما بعد، فأراد أن يفصل إسرائيل عن يهوذا بتمثالي الذهب في بيت إيل ودان، ليمنع الشعب من العودة إلى أورشليم إلى الهيكل،.. وسقط سليمان في الفصل -بهذه الدبلوماسية- بين الحكمة النازلة من السماء، والحكمة النفسية الأرضية البشرية، ونسى سليمان أول درس في الحكمة أنها عطية الله، وليست ذكاء البشر!!.. ومن الغريب أن الرجل الذي قال: "توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد في كل طرقك أعرفه وهو يقوم سبلك".. لم يستطع أن يدرك هذه الحقيقة، وارتبط أول ما ارتبط بمصر وغيرا من الأمم، على العكس من القصد الإلهي والغاية من شعب الله نفسه،.. وحفر بذلك -وهو لا يدري- الهوة الواسعة التي تردي فيها أخريات حياته!!.. إن الحكمة الإلهية لمن يريد أن يأخذها هي أشبه الكل بالتيار الكهربائي سيظل قوياً جباراً متغلباً طالما كان مرتبطاً بأصل الكهرباء، فإذا انفصل عن هذا الأصل لأي سبب من الأسباب، فإنه يموت في نفس الدقيقة التي يتم فيها هذا الانفصال!!.. وقد حدث هذا -للأسف- في قصة سليمان، وأين سليمان الذي قيل عنه في مطلع حياته: "والرب أحبه" من سليمان الذي وصف في أخريات حياته: "فغضب الرب على سليمان"..! |
|