القمص بيشوي كامل ومرحلتان هامتان

مرحلتان هامتانوهنا يجدر التمعن في مرحلتين هامتين: كان أبونا بيشوي قد تسلّم سقيفة لم يلبث أن حوّلها إلى كنيسة ضخمة. وكان قد بدأ بإقامة قلعة فسيحة بمستوى الأرض اتخذ من ناحيتها الشرقية هيكلاً إلى أن تم بناء الكنيسة في أعلاها. وفي ۱٧ نوفمبر سنة ۱٩٦٨ أقيمت شعائر تكريسها إذ قد انتدب قداسة البابا كيرلس السادس نيافة الأنبا مكسيموس مطران القليوبية لتأدية شعائر التكريس. ومن الشيِّق أن نعرف أن الفنان الذي رسم أيقونة السيد المسيح الصاعد إلى السموات على الجدار الشرقي للهيكل فنان مسلم، وهو بعينه الذي رسم في كل ركن من أركان قبة الكنيسة الأربعة بشيرًا من البشيرين وإلى جانبه الحيوان غير المتجسد الذي يرمز إليه. وهذا دليل على مدى الأثر الذي كان لأبينا بيشوي. وقد أخذ هذه الصور عن الأيقونات الملونة للفنان مايكل أنجلو بطريقة التكبير بالبروجكتور للصور Slides الصغيرة.
وفي يوم ٧ هاتور سنة ۱٦٩٢ (۱٧/۱۱/٧٥) أقيم قداس إلهي تذكارًا لبناء أول كنيسة على اسم مارجرجس في اللد مسقط رأسه، وكان اليوم عينه هو الذي تكرَّست فيه كنيسته بسبورتنج. ولهذين التذكارين المفرحين دعا أبونا بيشوي وإخوته الكهنة وأعضاء لجنة الكنيسة نيافة الأنبا مكسيموس ليؤدي الشعائر القدسية. وفي الصباح باكرًا قام حليم زخاري - فراش الكنيسة - بتنظيفها وترتيبها ثم نزل إلى القاعة التي تحتها لينظفها أيضًا توقعًا للزحام. فوجد قرب مدخلها بنكًا مائلاً من ناحية ومربوطًا بدوبارة إلى البنك الذي إلى جانبه. فصرخ: "قنبلة! قنبلة!" وسارع إليه شماس الهيكل نظمي وأخذ يناقشه في لا معقولية ما يصرخ به، إذ كيف يمكن وجود قنبلة في هذه القاعة؟ ولكن حليم كان متأكدًا مما يقوله مصرًّا عليه إلاَّ أن الشماس لم يجرؤ على الاقتراب من البنك. فقد كان حليم جنديًا ممن قاتلوا في حرب سنة ١٩٧٣ ورأى مثل هذه القنابل فلما انتهت الحرب قصد إلى أبينا يطلب عملاً فعيَّنه فراشًا قبل هذا اليوم بثلاثة شهور. وكانت القنبلة في وضع لا يحتاج إلى غير لمسة لتنفجر!
وبينما كان الشماس نظمي لا يزال في مجادلته مع حليم إذ بضابط جيش من المتخصصين في المتفجرات يدخل ليحضر الصلوات وما أن رأى القنبلة حتى أكَّد أقوال حليم، كما أكَّد أنها من النوع الروسي شديد الانفجار وفي وضع التأهب. فذهب الضابط وهمس في أذن أبينا بيشوي بالواقع. ونزل الكاهن الرصين بهدوئه المعتاد ورأى القنبلة. فأغلق باب القاعة بالمفتاح ووضعه في جيبه ثم تحدث تليفونيًا مع الوكيل العام للبابوية وبعدها صعد لاستكمال الصلوات. وما أن انتهت حتى رجا من الشعب أن ينصرف لفوره.
ووصل رجال الأمن والنيابة العامة إلى الكنيسة ومعهم أخصائي مدرّب في المتفجرات. ولقد سجّل هذا الأخصائي في المحضر الخاص بالتحقيق أن القنبلة روسية الصنع ومن النوع الشديد الانفجار، وتغطي دائرة نصف قطرها عشرة أمتار - أي أنها تغطي القاعة بأكملها! كذلك أكَّد هذا الأخصائي أن الذي وضع القنبلة ممن يعرفون تمامًا كيفية استعمالها، وأنه وضعها بغاية الدقة لتنفجر على الفور! ولكن - ألم يكن مارجرجس من رجال الجيش الذين تركوا خدمة الملك الأرضي ليخدموا الملك السماوي؟ وفوق هذا، فالساهر على كنيسته لا ينعس ولا ينام، ولقد قال - له المجد في أكثر من مناسبة "عيني عليك من أول السنة إلى آخرها" فكيف يمكن لإنسان أن يهدم ما يبنيه الله؟ وهو له المجد قد أثبت مدى رعايته الساهرة.
وفي الأسبوع عينه دخل رجل إلى كنيسة مارجرجس أثناء صلاة عشية. وكان يحمل شمعة كبيرة الحجم. وبينما كان أبونا بيشوي مارًّا بين الشعب يبخِّره تقدّم إليه هذا الرجل وأخبره بأنه يريده أن يوقدها له. أجابه رجل الله بهدوئه المعتاد: "ضعها مع الشموع الموضوعة قرب الباب وحالما أنتهي من الصلاة أوقدها لك". فوضعها الرجل وخرج. وبعد قليل دخل شرطي إلى الكنيسة وسأل أبونا "أين الشمعة التي جيء بها منذ قليل؟" فأشار إليها أبونا واتضح أنها غمد على هيئة شمعة محشوًّا بالمفرقعات. وكان اكتشاف هذا الواقع أيضًا من رعاية الساهر الذي لا ينام. لأن الرجل الذي أحضر الشمعة، حين خرج من الكنيسة، دهمه تاكسي فسقط على رأسه فاقد الوعي وحُمل إلى أقرب مستشفى. وفي هذيانه أثناء غيبوبته اعترف بالأذى الذي كان ينتويه لأبينا بيشوي.