رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طاعة أرملة النبي «وَصَرَخَتْ إِلَى أَلِيشَعَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي الأَنْبِيَاءِ قَائِلَةً: إِنَّ عَبْدَكَ زَوْجِي قَدْ مَاتَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَكَ كَانَ يَخَافُ الرَّبَّ. فَأَتَى الْمُرَابِي لِيَأْخُذَ وَلَدَيَّ لَهُ عَبْدَيْنِ» (٢مل٤: ١). لقد وجدت أرملة النبي نفسها في مضايق وصعاب مُريعة؛ فزوجها الذي كان يخاف الله قد مات، ولم يترك لها سوى ديون كثيرة. وبموت زوجها، وجدت نفسها عاجزة عن تسديد مطالب المُرابي، الذي هددها بأن يُوقع عليها أقصى عقوبة للناموس، مُطالبًا بحقه في أخذ الوَلَدين عَبْدَيْن (لا٢٥: ٣٩-٤٦؛ مت١٨: ٢٥). وفي احتياجها الشديد، فعلت المرأة الصواب؛ صرخت لأليشع باعتباره رأس الأنبياء المعروف، وكمن عمل أعمالًا عجيبة مثل: معجزة شق الأردن (٢: ١٢-١٤)، ومعجزة إبراء المياه (٢: ١٩-٢٢)، ومعجزة دينونة الاستهتار وعدم الاحترام (٢: ٢٣-١٥)، ومعجزة ملء الجباب (٣: ١-٢٢). لقد أسست طلب معونتها على أرضية تقواها؛ إذ كانت تخاف الرب تمامًا كما فعل زوجها. فسأل أليشع المرأة «مَاذَا أَصْنَعُ لَكِ؟ أَخْبِرِينِي مَاذَا لَكِ فِي الْبَيْتِ؟» (ع٢). فاعترفت المرأة بفقرها العميق، وبأن آخر ممتلكاتها هي كمية ضئيلة جدًا من الزيت. لكن القليل يصير كثيرًا إذا كان الله فيه، فضاعف هو هذا القليل لصالح الأرملة وأليشع. كان هذا القليل في يد النبي كافيًا لأن يُمتحن به الإيمان، ويُبرهن عليه. لقد علم أليشع أن هذه الحالة تتطلب تدخل إلهي، وبالإيمان صدّق أن الله سيفعل. «فَقَالَ: اذْهَبِي اسْتَعِيرِي لِنَفْسِكِ أَوْعِيَةً مِنْ خَارِجٍ، مِنْ عِنْدِ جَمِيعِ جِيرَانِكِ، أَوْعِيَةً فَارِغَةً» (ع٣). لقد أمرها أليشع أن تستعير كل الأوعية التي كان جيرانها على استعداد أن يُعيروها لها. كلما زادت الأوعية، كلما زاد إمداد الزيت المُعجزي. فأطاعت المرأة، وطلبت من ولديها أن يجمعا الأوعية. ثم طلب منها أليشع أن تلبث هي وبنيها في بيتهم كعمل الإيمان. وسألها أيضًا أن تُغلِق الباب. وأطاعت المرأة، منعًا للدعاية والإعلان (مت٦ :٦؛ لو٨: ٥١، ٥٤). كان ينبغي أن تكون هذه المعجزة خاصة. ولا حتى النبي كان حاضرًا، حتى لا تُعزى المعجزة لخفة أية يد، بل فقط لقدرة الله. وضع الولدان الأوعية أمام أمهما، وطفقت هي تملأها من وعائها الصغير. فكان مصدر الزيت ثابت حسب شدة قوة الله الصانع معجزة مستمرة. هناك تشابه قريب بين هذه المعجزة وبين مضاعفة الفادي المُعجزية لخمس خبزات الشعير والسمكتين الصغيرتين، في الوقت الذي كان التلاميذ يوزعون والجموع تأكل (مت١٤: ١٩). لقد توقف تدفق الزيت المعجزي لما لم يكن هناك مزيد من الأوعية لتُملأ. «أَفْغِرْ فَاكَ» - هذا هو أمر الله - «فَأَمْلأَهُ» - هذا هو وعده (مز٨١: ١٠). هناك مدلول روحي لهذه المعجزة. فالزيت هو رمز للروح القدس كما يُرى في صور العهد القديم البديعة حيث نقرأ عن الزيت – رمز لروح الله – ويوضع على الدم – رمز للمسيح على الصليب (خر٢٩: ٢١؛ لا١٤: ١٤). ويرمز ملء الأوعية الفارغة لملء المؤمنين بالروح القدس (أف٥: ١٨). وقبل أن يُمكننا أن نمتلئ بالروح، نحتاج أن نُفرَّغ كثيرًا. فقط الوعاء الفارغ هو ما يمكن ملئه. فقط عندما نُفرِغ ذواتنا من الذات والخطية والعالم، يُمكننا أن نمتلئ بروح الله. ولكي نمتلئ من الروح علينا أن نخضع ذواتنا تمامًا له (رو٨: ١٣؛ ١٢: ١). مثلما أخذت الأرملة أمرًا بأن تستعير كل الأوعية المُمكنة. كذلك علينا أن نُسلّم كل أعضائنا لتنشغل بالروح. ينبغي أن نُخضع كل جزء من حياتنا الخارجية والداخلية - الأفكار والكلمات والأعمال والقلب والضمير والإرادة - للروح. إن كان هناك أي جزء من كياننا خاص بنا؛ أي مُحتَجَز بالتمام لنا، إذًا فنحن لسنا مملوئين به. وكنتيجة للإمداد فوق الطبيعي، تمكنت الأرملة من بيع الزيت الفائض، ودفع الدين للمُرَابي، ثم مواصلة الحياة بدون خوف. وكما تمكنت من دفع ديونها والعيش على إمداد الله المعجزي لها، هكذا المؤمن المملوء بالروح، له من القوة ما يجعله يهزم الأعداء، وينتصر على تجارب الحياة المؤلمة، ويحيا وفقًا لمشيئة الله، وينتج ثمر الروح، ويُشبه المسيح في حياته. إن معجزة الزيت تمثل حقيقة هامة تخص الروح، فالوعاء الذي ملأ الأوعية الفارغة يوضح الأنهار الفائضة في يوحنا ٧: ٣٧-٣٩. هذه القصة تخبرنا أيضًا أن الرب هو قاضي الأرامل وأبو الأيتام، ويسمع صراخهم. ثم هناك درس الإيمان، على الأوعية أن تُوجد لتمتلئ. لو كان هناك أوعية أكثر لملأها كلها الزيت. لم تكن المحدودية في مصدر الزيت، بل في عدد الأوعية الفارغة لتستقبل الزيت. هناك وفرة من النعمة، وبالإيمان يمكننا أن نأتي دائمًا بأوعيتنا الفارغة لننال من ملئه نعمة فوق نعمة. |
|