والبار بإيمانه يحيا (حبقوق 2: 4)
الله خلق الإنسان في المجد ، هل كان الإنسان بحاجة للإيمان ؟
الإيمان ليس بالسهل أبداً كما يظن البعض أنه من أصعب الأمور الروحية لا يمكن إدراكه بالعقل أو العمل بالمجهود الذاتي ، وليس هو ممارسات دينية يمكن عملها إنما الإيمان هو إدراك فوق الطبيعة لأنه يأتي من طبيعة الله أو من كلمة الله (وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى )(عب11: 1) وقبوله يكون في القلب بالنعمة لذلك يسهل قبوله عند التسليم الكامل لله .
كلمة الإيمان في مفهومها العام اليوم قد فقدت معناها الحقيقي كما هو مكتوب في الكتاب المقدس ، حتى إننا نطلق كلمة الإيمان على أتفه الأمور وأبسط الأشياء حتى بدأنا نحلل ونحرم ما يلذ لنا عن طريق الإيمان ولكن الحقيقة ليست هكذا وإنما الإيمان من الأمور العظيمة جداً .
الله في وحدانيته كان منذ الأزل في ذاته أي الكائن له كيانه الغير المحدود الناطق بكلمته الأزلية أي جوهر الله الابن والحي بروحه منذ الأزل أي الروح القدس . كان هذا الأمر شبه مخفي للذين في العهد القديم ولم يكن بصورة واضحة إلا عند التدقيق والدخول إلى عمق العهد القديم لنا، لكن في التجسد ظهر وكشف عن حقيقة الله الأزلية أنه الكائن وهذا ما أكده الكتاب (فقال الله لموسى أهية الذي أهية ) (خر3: 14) ويسوع أيضاً يقول (أنا هو الكائن) ولهذا الكائن له كيان به غير محدود وكان في قلب الله أن يكوّن مملكة من هذا الكيان الغير المحدود ويكون هو الإله والابن هو الملك هذا كان في قلب الله عند الخليقة لذلك دعيّ أدم أبن الله ، السقوط غيّر كل الموازين والقياسات ، ولكن الذي كان في قلب الله لم يتغير بل أعد طريقة بتكوين هذه المملكة من جهته المحبة ومن جهة الإنسان قبولها هذا الذي كان في قلب الله من تخطيط لهذه المملكة ، هو الإيمان أو الكلمة فقبول الإنسان لهذا الإيمان أو الكلمة ينضم إلى هذه المملكة السماوية وهذا هو قصد الله من كل الخليقة أي إننا نكون ضمن كيان الله أو ما هو معروف أنه يحتوي على كل إنسان له إيمان تغير إلى حياة الإيمان ، وعند القول إننا أعضاء جسد المسيح وهو الرأس هذا يعني إننا كيان المسيح الغير المنظور والغير المحدود لأنه منذ الأزل هو أي كيان الله الأزلي الغير المنظور والذي لنا الرجاء بأن نرى هذا الكيان عند الله في السماء وأساس رؤية الإيمان (لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله) (عب11: 10) .
نستطيع أن نفهم الإيمان من مفهوم الكتاب هو كلمة الله أو الثقة بكلمته أي يسوع المسيح فكلمة الإيمان دائماً يجب أن تقترن بالله أو بأقانيمه .
يسوع المسيح في حياته على الأرض أي الله المتجسد كإنسان أحتوى الذين معه احتواء كامل لذلك لم يحتاجوا لشيء بالرغم من أن يسوع لم يملك شيء أو أنهم لم يحتاجوا لجواب أي سؤال أو عمل يقومون به بل كانوا تحت رعاية الرب لهم . وكما في التجلي من الملاحظ أن يسوع يسحب احتواءه للتلاميذ بسبب المجد الذي ظهر نراهم ضعفاء لدرجة لم يستطيعوا فعل شيء ولا أن يخرجوا الأرواح الشريرة . التلاميذ كانوا ضمن كيان يسوع الإنسان أي ضمن حياة الإيمان وفي حالة فقدان الإيمان لم يستطيعوا عمل شيء أي لا يمكن أبداً عمل أعمال الله بدون كلمة الله أي الإيمان، لذلك فأن الرب يحذر التلاميذ من مغادرة أورشليم إلى أن يلبسوا قوة أي يتحدوا مرة أخرى بالله لكي يكونوا هذه المرة ضمن كيان الله بالروح القدس وشركاء الروح القدس وهذا ما أكده بولس الرسول (وشركة الروح القدس )، أصبحنا بالإيمان شركاء لروح القدس ويعني إننا شركاء حياة الله لأن الروح القدس هو روح الله وعندما نكون شركاء حياة الله إننا ضمن كيان الله وهذا الكيان هو مملكة الله وعند القول البار بالإيمان يحيا أي الإيمان هو كلمة الله الحيّ وهذا واضح بحياة القيامة فلنا حياة عندما نقبل الابن بالإيمان ونكون ضمن مملكة السماوات أي الحياة الأبدية (من له الابن فله الحياة ومن ليس له أبن الله فليست له الحياة )(1يو5: 12) وهذا كان غير معلن في العهد القديم بوضوح لذلك يسوع في خدمته أعلن ملكوت السموات .