رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أبرام يترك وطنه
تكوين 12: 1- 10 كان الله دائماً يعلن للناس أنه يحبهم، وأنه مستعد أن يفعل كل شيء لراحتهم وإنما بالرغم من ذلك، كان الناس يفضلون أن يعملوا ما يريدون، مستقلّين عن الله، لذلك لم يسمعوا لكلام الله، ولم يثقوا في مواعيده، وسريعاً نسوا الله تماماً، ولم يعودوا يفكرون فيه. ولكن الناس عموماً يشعرون دائماً بحاجتهم إلى إله يقدمون له تقدماتهم، فلما رفضوا الإله الحي الذي خلقهم، صنعوا لأنفسهم آلهة من الحجر. عملوا تماثيل للإله حسب ما تصوّروه في عقولهم، ثم سجدوا لتلك التماثيل وعبدوها، وكانوا إذا ما تعرضوا لخطر أو ضيق، يصرخون إلى تلك التماثيل لتخلصهم. ونحن نعلم أنه لا يوجد غير الله الحي يستطيع أن يخلص الناس من الضيق، وهو دائماً مستعد أن يخلص الصارخين إليه. وفي نعمته قصد الله أن يخلص أولئك الناس الذين نسوه، وهولا ينساهم. من أجل ذلك قرر الله في حكمته، أن يحدد جماعة من الناس، يكونون مختلفين عن باقي البشر، ويعزلهم عن باقي الناس، فلا يسكنون بينهم، بل يكون لهم وطنهم الخاص بهم، ومن هذه الجماعة يولد المخلص الذي وعد به... والآن لا بد لها من قائد يقودها... فمن كان ذلك القائد؟ نظر الله إلى مدينة تدعى "أور" (وهي من بلاد العراق الآن) ورأى فيها رجلاً اسمه "أبرام". لم يكن أبرام هذا رجلاً كاملاً بلا خطية، ولكن الله الذي يعلم كل شيء، رأى أنه يستطيع أن يتمم ما قصده في نفسه بواسطة ذلك الرجل "أبرام" فاختار الله "أبرام" ليكون رأساً لتلك الجماعة المختلفة عن باقي الناس وقال الرب الإله لأبرام: يا أبرام! اترك أرضك وأقاربك وبيت أبيك، اخرج من هنا، وأنا سأرسلك على بلاد جديدة، إلى وطن جديد. ولابد أن هذا الطلب كان صعباً على أبرام، كما أنه من الصعب على أي إنسان أن يترك وطنه وأهله إلى بلاد لا يعرفها، وخاصة أن الله لم يقل لأبرام اسم الأرض، التي يريد أن يذهب إليها. ولكننا نسأل: هل أراد الله بذلك أن "يَحْرِم" أبرام من أحبائه، ويجعله وحيداً؟ لا.. بل إن الله أراد أن يبارك أبرام... ودائماً عندما يطلب الله منّا أن نعمل شيئاً، فإن غرضه تعالى هو أن يباركنا بشرط أن نطيع أمره. فأبرام لم يكن سيخسر شيئاً، بل كان سيربح كل شيء. قال الله لأبرام. أنا سأجعلك عظيماً، وسأباركك، وأجعلك بركة لجميع الناس. اندهش أبرام - ولابد- من كلام الله، وفكر في نفسه كما نفكر نحن: كيف يمكن أن يكون بركة لجميع الناس؟ آه! السر هو في أنه من نسل أبرام، سيأتي المخلص الذي وعد الله به. وكان أبرام رجلاً متواضعاً، وشعر أنه لا يستطيع من نفسه أن يعمل ما طلبه الله منه... طبعاً، الله كان يعرف ذلك، فوعد أبرام، أنه سيعطيه الإيمان الكافي ليعمل أعمالاً عظيمة جداً. ووافق أبرام على أن يتعلم من الله، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي بها نتعلم كيف نتبع الرب. إذا آمنا أن الرب يسوع هو مخلصنا. وأنه مستعد أن يعطينا حياته، فيحيا هو فينا، ولن يتخلّى عنّا. هكذا قرر ابرام أن يطيع الله، ويعمل ما أمره به. فنادى الخدم، وأمرهم أن يجهزوا كل ما يلزم، وقال لهم: أعدوا كل شيء فإننا مسافرون إلى بلاد جديدة. اندهش الخدام وقالوا لأبرام باستغراب: بلاد جديدة؟! قال لهم أبرام: نعم... فإن الله أمرني أن أترك بلادي وأهلي، وأسافر إلى بلاد جديدة وهو وعدني أنه سيقودني على تلك الأرض، لأني لست أعلم أين هي. نظر الخدم بعضهم إلى بعض، وكأنهم يتساءلون: ماذا ترى حدث لسيّدنا؟ هل جُنّ وفقد عقله؟ لماذا يترك بلاده التي عاش فيها طول عمره؟ ألا يجد ما يأكله هنا حتى يذهب بعيداً؟ لم يفهم الخدام سبب تصرف أبرام الغريب، وناس كثيرون من أصحابه، حاولوا أن يجعلوه يغير فكره، ويلغي سفره، فلم يستطيعوا. وفي يوم من الأيام، أخذ أبرام ساراي امرأته ولوطاً ابن أخيه، وسافر من وطنه وترك بلاده. وفي الطريق أحس أبرام بالوحدة ورأى متاعب كثيرة، ولكنه كان دائماً على اتصال بالله الذي أمره بالخروج، وأعطاه وعداً بالبركة. وسار الله بأبرام، حتى أوصله إلى أرض كنعان الجميلة. وقال له: هذه أرض كنعان يا أبرام، وأنا أعطيتها لك ولنسلك إلى الأبد. ورأى أبرام أن أرض كنعان تسكنها شعوب قوية، فقال في نفسه: لا بد أن الله أخطأ ولا يمكن أن تكون هذه هي الأرض... ولكن الله جاء إلى أبرام وأكّد له أن هذه هي الأرض التي أعطيتها لك. وصدّق أبرام كلام الله، ولكي يظهر امتنانه لله بنى مذبحاً وقدم لله ذبيحة شكر. ورأى أهل كنعان أبرام وهو يقدم الذبيحة وعرفوا أن أبرام الغريب هذا يعبد الله، إله السماء، ولا يسجد للأصنام التي صنعها الناس، فكانت هذه شهادة لجميع الناس. |
|