رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فضائل أهل السفينة أول صفة جميلة في بحارة هذه السفينة أنهم كانوا رجال صلاة. لما صدمتهم الرياح الشديدة وكادت تكسر السفينة، يقول الكتاب " فخاف الملاحون، وصرخوا كل واحد إلى إلهه. وطرحوا الأمتعة التي في السفينة إلى البحر ليخففوا عنهم" (1:5). نلاحظ هنا أنهم لجأوا إلى الله قبل تنفيذهم ما تتطلبه الحكمة البشرية لإنقاذ الموقف. صلوا أولا ثم ألقوا الأمتعة ليخففوا عن السفينة.. هم آذن يضعون الصلاة في مرتبة أعلى من مهارتهم البحرية، ويعتمدون عليها بالأكثر.. وعندما أيقظوا يونان، لم يقولوا له "قم ساعدنا في التخفيف عن السفينة". وإنما قالوا له "قم اصرخ إلى ألهك". كان كل بحارة السفينة وركابها يصلون . والوحيد الذي كان لم يصلى في ذلك الوقت هو نبي الله يونان!! وحتى بعد أن أيقظوه، لم يقل الكتاب انه قام وصلى! إنه موقف مخجل حقًا..! كان يونان "قد نزل إلى جوف السفينة وأضطجع، ونام نومًا ثقيلًا".. عجيب أن يكون النبي العظيم نائما في الوقت الذي كان فيه الأمميون يصلون! شيء مخجل .. ومما يزيد الخجل فيه أن يأتي إليه إنسان أممي ليبكته قائلا "مالك نائما". . ما هذا الكسل والتراخي واللامبالاة؟! ألا تقوم وتصلي كباقي الناس؟ "قم اصرخ إلى إلهك، عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك".. هل أنت حقا يا يونان تهتم بكرامتك الشخصية؟ أين هي هذه الكرامة، بينما أنت الوحيد النائم الأمميون حولك يصلون، ويوبخونك على نومك؟! عجيب حقا هو الرب إذ يبكت أحد أنبيائه برجل أممي: لو أن الله أرسل له ملاكا ليبكته أو حتى نبيا مثله لبدا الآمر معقولا، فأن لم يبكته ملاك أو نبي، فليكن تبكيته على يد مؤمن عادى. أما أن يبكته رجل أممي، وثنى، لا يعرف الله فهذا هو منتهى الإذلال. انه أشعار له بضآلته وعمق خطيته.. على أية الحالات فأن الله إذ يعرف أن التبكيت نافع حتى للأنبياء، لم يحرم نبيه من نعمة التبكيت، وشاء آن تكون من أممي لتكون أعمق أثرًا. ولكن هذه هي طريقة الله في التبكيت: عندما أراد الله أن يبكت شعبه، أرسل إليهم الأمم فسبقوهم إلى الأيمان وبكتوهم . وقال لهم الرب "يأتون من المشارق والمغارب ويتكئون في حضن إبراهيم . أما بنو الملكوت فيطرحون في الظلمة الخارجية" (متى8:11) بكتهم بالمرأة الكنعانية التي هي من شعب ملعون، وبالسامري الصالح الذي هو من جنس منحرف في الأيمان والعقيدة والتقاليد . ومع ذلك صار هذا السامري أفضل من الكاهن ومن اللاوي خدام الله... بكت الفريسي أكثر الناس افتخارًا بالعشار المحتقر في خطاياه، وبالمرأة الزانية التي بللت قدمي الرب بدموعها، وكانت أكثر فضيلة وحيًا من الفريسي.. وبنفس الطريقة بكت الرب يونان النبي العظيم، بأهل السفينة الأمميين الذين وبخوه لكي يقوم ويصلى مثلهم.. عجيب أن يونان كان في ذلك الوقت نائما نوما ثقيلا.. . من عمق نومه، لم تستطع أن توقظه الرياح الشديدة، والنوء العظيم، واهتزاز السفينة التي كادت تنكسر!! كيف خالف الله، وكسر وصيته وهرب منه، و استطاع أن ينام نومًا ثقيلًا؟! لا بُد أن ضميره كان قد نام أيضًا، نوما ثقيلا، مثله.. هناك من يعصى الله ويخاف ويضطرب أو يقلق ويأرق وتظل خطيئته تطارده وتتبعه.. أما يونان فهرب من الله ولم يبال. وبكل أعصاب مستريحة وفكر هاديْ أمكنه أن ينام نومًا ثقيلًا! يُخَيَّل إلى أن وراء هذا النوم سببًا. لا شك أن يونان على الرغم مما فعله كان يبرر ذاته من الداخل، ويبري ذاته. وهكذا لم يشعر بالآثم ولم يقلق، فنام.. صفة جميلة ثانية نجدها في أهل السفينة أنهم يبحثون عن الله. لم يقولوا ليونان في تعصب لديانتهم "قم أصرخ إلى إلهك، عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك". . وهذا يدل على أنهم كانوا يبحثون عن الله، ولا يعرفون أين يوجد. . كانوا مضطرين في وسط عقائد كثيرة، لا يعرفون أين الإله الحقيقي ولكنهم يحبون ويؤمنون به دون آن يدركوه.. لذلك كشف الله لهم ذاته في قصة يونان... *صفة جميلة ثالثة وهى أنهم كانوا رجال بساطة وأيمان . لم يكتفوا بالصلاة، وإنما أيضًا ألقوا قرعًا. كانوا يؤمنون أن الله سيكشف لهم الحقيقة بتلك الطريقة ، وقد كان.. ألقوا القرعة ليعرفوا "بسبب من حدثت تلك البلية".. إذ أنهم في تقواهم كانوا يشمئزون من بشاعة الخطية ويشعرون أنها سبب البلايا التي تحيق بالإنسان. هم كبحارة مهرة لم يقولوا أن هذا النوء العظيم حدث بسبب البحر وطبيعة المياه وتقلبات الرياح ، وإنما أيقنوا أن ذلك بسبب خطية أرتكبها أحدهم، ويطالب بها العدل الإلهي. فبحثوا "بسبب من تلك البلية". ووقعت القرعة على يونان... حقًا أن الله صالح وحنون.. حتى لو صلى إليه أناس أمميون، بضمير مستقيم، طالبين إرشاده، فأنه يسمع لهم ويستجيب.. ووقوع القرعة على يونان، كشف صفة أخرى جميلة في نوتية تلك سفينة الأتقياء.... تأملات في سفر يونان النبي - البابا شنودة الثالث |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فضائل أهل السفينة على يونان نبي |
فضائل أهل السفينة يونان النبي |
تأملات في سفر يونان النبي ( يونان في بطن الحوت ) |
تأملات فى يونان النبى |
تأملات فى سفر يونان النبى |