رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة دانيال كانت حياة دانيال ، من أولها إلى آخرها ، حياة حافلة بالأزمات ، ولقد شاء له اللّه أن يؤخذ وهو غض صغير ، ربما لم يكن يتجاوز السابعة عشرة من عمره ، إلى السبى منذ السنة الأولى ليقضى فى بابل عمره بأكمله هناك ، أو مدة سبعين عاماً أو تزيد ، حتى أيام كورش وداريوس المادى مما جعل البعض يعتقد أنه بلغ التسعين من العمر ، أو حول ذلك ، حين انتهت حياته ورسالته على الأرض ، ... ولم تكن حياة السبى هينة يسيرة سهلة ، بل هى الحياة التى امتلأت بالأزمات بكل ألوانها وصنوفها ، من إغراء أو تهديد ، ما بين أطايب الملك وجب الأسود ، ... وكان من الواضح أن قصد اللّه من دانيال أو من زملائه الثلاثة الفتية ، أن يكونوا صورة ومثالا للمسبيين ، وكيف يعيش الإنسان فى أسوأ الظروف ، وأدق الأوقات ، مرتفعاً منتصراً على التجارب والمآسى ، التى يمكن أن تعترض طريقه ، دون أن تفتنه حدائق بابل المعلقة ، أو يفزعه أتونها المتقد سبعة أضعاف ، أو زئير أسودها فى جب الأسود . ولعله من المناسب أن نشير ههنا إلى أن دانيال من الشخصيات القليلة الذى - رغم التجارب التى أحاطت به - لم يدون عنه كتاب اللّه خطأ معينا أو سقطة ظاهرة ، فهو من هذا القبيل أشبه بيوسف ، ويشوع ، وصموئيل ، ممن لا تعرف عنهم إنحرافاً فى جانب من جوانب الحياة ، وليس معنى ذلك أنهم كانوا معصومين ، فالمعصوم هو الواحد الأحد الذى قال : « من منكم يبكتنى على خطية » " يو 8 : 46 " غير أن الأسماء المشار إليها ، شاء لها اللّه أن تكون أنوار عصرها ، بل أن تعيش فى التاريخ نماذج رائعة تهدى العابرين السبيل ، والمنعطفين هنا أو هناك فى مساء الحياة المتعبة القاسية الشديدة المنكوبة !! .. |
|