رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فيلبس المبشر الناجح إذا كان فيلبس ( رغم أنه لم يكن كاهناً أو أسقفاً ) يعتبر من أنجح المبشرين فإن نجاحه يرجع كما هو واضح لأسباب كثيرة لعل أشهرها : فيلبس المبشر غير المرتسم لم يعتذر فيلبس قط بأن رسالته داخل الكنيسة التى خصصت له الاهتمام بالأمور المادية التى يمكن أن تستحوذ على كل وقته ، ولم يحمل الإنجيل الاجتماعى كرسالته الوحيدة بين الناس ، ولم يقل على الإطلاق ، لقد وزعت الخدمة فى الكنيسة فترك للرسل الخدمة المختصة بإنجيل الخلاص ، والمناداة بالكلمة الإلهية،.. إن فيلبس يوبخ إلى اليوم آلاف الخدام الذين هربوا ، عن قصد وعن غير قصد بعيداً عن مشقة الخدمة وعارها وتعبها ، إلى الغرف الوثيرة المكيفة ، والعمل الإدارى الواسع بحجة أنه من صميم الخدمة التى عليهم أن يقوموا بها ، لقد أدرك أن الخدمة أولا وأخيراً ينبغى أن تكون خدمة التبشير ، ... وأن الكنيسة يقاس نجاحها لا بعبقرية وعاظها ورعاتها الذين قد يهزون المنابر هزاً ، ويرفعون أصواتهم بالبلاغة والفصاحة ، بل أنها تقاس فى الواقع بكل عضو فيها يعلم أنه مدعو لخدمة الإنجيل ، وأينما ينتقل ويذهب ، فهو الإنجيل المتحرك لمجد يسوع المسيح !! .. ولا حاجة إلى القول إنه كلما تقلص دور العضو فى رسالة الخلاص ، كلما ضعفت الكنيسة ، وكلما وهن أثرها ، وكلما تساقطت النفوس الهالكة من حولها يوماً وراء يوم ، لأن الراعى أو القسيس ، مهما كانت قوته ، لا يستطيع أن يصل إلى كل نفس فى دائرة رعويته بدون مساندة الرعية ومعاونتها وخدمتهم !! فيلبس المبشر الذى لم يسكته الاضطهاد القاسى بعد موت استفانوس حدث أعنف اضطهاد وقع على الكنيسة ، وكان بطله الظاهر شاول الطرسوسى الذى كان كالوحش الزائر ينفث تهدداً وقتلا على جميع تلاميذ الرب ، وكانت الفرصة مؤاتية للمضطهدين بعد دعوة بيلاطس البنطى إلى روما ، وقبل أن يحل محله وال آخر، وإذا كان من السهل فى العادة أن نفهم غضب الشيطان الذى يريد أن يبيد الكنيسة بالاضطهاد ، فمن الصعب أن نفهم حكمة الله فى السماح بالاضطهاد ، ولكن المعجزة العجيبة هى أن الاضطهاد يغير المواقع ، ويأتى بعكس ما يتصور الشيطان والناس ، ... والدليل هنا واضح .. ظل التلاميذ فى مدينة أورشليم ما يقرب من ستة أعوام ما بين يوم الخمسين وموت استفانوس دون أن يتحركوا للتبشير والخدمة والشهادة خارجها ، وأغلب الظن أنهم كانوا سيظلون هكذا حتى تأتى قوة دافعة تخرجهم عن نطاقهم الضيق ، وجاءت هذه القوة بالاضطهاد الذى شتتهم فى كور اليهودية والسامرة ، قصد الشيطان بالاضطهاد قتل الكنيسة فى مهدها ، وقصد اللّه بالاضطهاد دفعها إلى الأمام بقـوة عارمة ، " فالذيـن تشتتـوا جالوا مبشريـن بالكلمة ، ( أع 8 : 4 ).. وكان يمكن لفيلبس أن يقول لقد فتح استفانوس فمه فدفع حياته ثمناً لما تكلم به ، والحكمة فى وقت الاضطهاد تقتضى عدم الكلام ، ... لكن فيلبس على العكس ، وهو هارب من مدينة أورشليم ينتهى إلى مدينة من السامرة يرجح البعض أنهـا " سبست " التى أعطاها أغسطس قيصر لهيرودس الكبير ، وربما كان فى طريقه إلى مدينة قيصرية حيث موطنه ومسكنه ، ( أع 12 :8) وهنا فى السامرة ينادى برسالة الخلاص !! ... وقبلت السامرة الكلمة الإلهية ، وجاء الاضطهاد بعكس ما كان يحلم الشيطان !! .. قال مارتن لوثر على قبر اثنين من الشهـداء ماتا من أجــــــــل المســــــيح : " ادفعهما للرياح العاتية . واطرحهما فى أعماق البحار .. فإن رمادهما سيتجمع مرة أخرى ، وفى تربة هذا الرماد سيقوم زرع يثمر بالشهادة لمجد اللّه ، استلم المسيح روحيهما ، ولا يستطيع الشيطان أن يفتخر بالانتصار على الموتى . فمازالا ومازالا ، وإن ماتا ، يتكلمان ، والألسنة المبوقة ستعلن لبلاد كثيرة عن مجد المسيح المظفر " ... إن الاضطهاد لا ينبغى أن يوقف المبشر الناجح عن خدمة الإنجيل !! . فيلبس المبشر الناجح فى العمل الفردى بعض الناس يظنون أن النجاح يتم فقط فى النهضات العارمة ، وكلما أبصروا الجماهير تقدم على اجتماعات النهضة ، كلما أيقنوا أن نجاحهم عظيم ، وربحهم مغر على البقاء فى المكان ،... على أن فيلبس كان يعلم تماماً أن صيد النفوس يمكن أن يكون بالشبكة التى تجمع الكثير داخلها ، ويمكن أن يكون بالصنارة التى تمسك سمكة واحدة ، وإذا كان فيلبس فى السامرة قد استخدم الشبكة، فإنه فى البرية قد استخدم الصنارة ، ... جاءه صوت اللّه أن يترك النهضة الشاملة التى يقوم بها ، ويترك السامرة ، ويذهب إلى الصحراء ، ... وشخص آخر غير هذا الرجل كان يتردد فى القبول ، هل يترك الجماهير المقبلة عليه ، والتى تسمعه يوماً وراء آخر بنفس واحدة وإصغاء عظيم ، ويذهب إلى البرية حيث لا يوجد أحد ، وحيث لا يرى الآلاف المؤلفة التى تستمع إلى خدمته كل صباح وكل مساء ، ... إنها تجربة عظيمة للواعظ ، ... ولكن فيلبس لم يتردد فى تغيير الموقع لأنه كان شديد اليقين بأن عمل اللّه ينتظره فى المكان المهجور ، كما فى المكان العظيم سواء بسواء !! .. إن هذا الدرس لا يعرفه كما قلنا سوى الممتلئين من روح اللّه ، والخاضعين فى طاعة كاملة لصوته الإلهى ، وهم على استعداد لأن يتعاملون مع عشرات الألوف من الناس ، كما يتعاملون مع الفرد الواحد بالتمام ، ماداموا يتأكدون أنهم لا يتخطون فى الخدمة خبط عشواء ، بل يخضعون لتخطيط إلهى يسيرون عليه ويتقدمون بموجبه !! .. فيلبس المبشر الذى يبذل ذاته بالتمام فى الخدمة كان فيلبس يحمل سمة المبشر العظيم الذى لا يخدم بجزء من كيانه ، أو بعض قلبه ، بل الذى يحيا الخدمة بكل قدراته ومشاعره ، فهو الذى يصب ثقله الكامل فيها ، إذا جاز التعبير ، إن الخدمة عند بعض الخدام نوع من الواجب ، يقومون به، كمهنة لابد منها ، أو كعمل يحتمه ما ألف الناس من تقاليد أو منفعة ، دون أن تكون عصير قلوبهم ، وسكيب حبهم لسيدهم وربهم ، لكنها لم تكن كذلك عند فيلبس ، إنك إذ تلاحظ خدمته فى السامرة : " وكان الجموع يصغون بنفس واحدة إلى ما يقوله فيلبس عند استماعهم ونظرهم الآيات التى صنعها . لأن كثيرين من الذين بهم أرواح نجسة كانت تخرج صارخة بصوت عظيم . وكثيرون من المفلوجين والعرج شفـــوا " ... وفى البرية : " فبادر إليه فيلبس " وتعنى فى الأصل ركض ليقترب من مركبة الوزير ، ... إنه الرجل الراكض الملتهب فى الخدمة المقدسة !! .. كانت الخدمة من جانب فيلبس تحمل ذات الإحساس الذى ملأ يوحنا نوكس وهو يصرخ إلى اللّه قائلا : هبنى اسكتلندا وإلا فأنا أموت !! .. وعندما يشعر الخادم بأن الخدمة التى يقدمها تعنى تماماً الحياة أو الموت بالنسبة له ، فنحن بصدد الخادم الذى لابد أن يجد ثمراً متكاثراً فى الخدمة !!.. فيلبس المبشر الذى كان سلاحه الكلمة الإلهية كانت قوة فيلبس فى اعتماده على كلمة اللّه ، والتى هى سيف الروح الذى يخترق القلوب ، ويدخل إلى النخاع فى أعماق الإنسان . والمشهد العظيم لسلطان هذه الكلمة، نجده فى ذلك الحوار الرائع الذى دار بينه وبين وزير كنداكة ، ومن واجبنا أن نحيى الوزير هنا الذى لم يكن يقرأ الكلمة فحسب ، بل يقرؤها بصوت عال مسموع ، وهنا نسأل السؤال الذى وجهه ألكسندر هوايت للكثيرين فى رحلاتهم : هل يحملون الكتاب المقدس معهم فى الرحلة ، وهل يهتمون بقراءتها وهم على سفر فى مركباتهم أو فى قطارات السكك الحديدية أو ما أشبه من وسائل المواصلات ،... أم يصحبون غيره من الكتب والمجلات والصحف وغيرها مما " يقتلون " به وقتهم!! .. لكن وزير كنداكة كان يحمل كتاب الكتب ، كان يحمل العهد القديم معه، فى سفرته وعودته إلى بلاده ، وكان يقرأ بصوت مسموع كتاباً مغلقاً بالنسبة له ، .. ولكنه مفتوح بالنسبة لفيلبس الواعظ المبشر . هل يدرك المبشرون والوعاظ كم فى الكلمة الإلهية من قوة وفاعلية وحياة : " لأن كلمة اللّه حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته " ( عب 4 : 12 ) .. وإذا كان هناك من أمل فى أى عصر من العصور ، فإن هذا الأمل مرتبط بالكتاب المقدس ، ويسرنا أن الاتجاه فى الكنائس التقليدية الآن سواء كان فى الكنيسة الكاثوليكية أو الأرثوذكسية هو نحو دراسة الكتاب المقدس ، ... ونحن نذكر خادماً كاثوليكياً آمن برسالة الكتاب قبل أن تفتح الكنيسة فى ذلك العهد الباب أمام الشعب لدراسته ، وكان اسمه بدراجون ونفته الكنيسة الكاثوليكية إلى جزيرة بنايا إحدى جزر الفلبين ولكنه كان يعتمد هناك على كلمة اللّه فى تبشير أهل الجزيرة ، .. وعندما اقترب من نهاية حياته ، قال لأهل الجزيرة : سيأتى إليكم يوماً من الأيام مرسلون يعلمونكم هذه الكلمة المباركة ، فانصتوا إليهم واستمعوا إلى رسالتهم ، ... وجاء المرسلون ليجدوا بعد تسعة أشهر من ابتداء خدمتهم أن ثلاثة عشر ألفاً من أبناء الجزيرة يطلبون الانضمام إلى عضوية الكنيسة ، وإذ ذهلوا لهذه النتيجة العجيبة ، عرفوا أن خادماً من خدام اللّه السابقين ألقى البذار التى شقت طريقها فى الأرض الجيدة وأتت بمثل هذا المحصول العظيم الهائل !! .. فيلبس المبشر الذى كان المسيح هدفه الوحيد " فانحدر فيلبس إلى مدينة من السامرة وكان يكرز لهم بالمسيح" ، " ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع" ( أع 8 : 5 و 35 ). كانت السامرة فى حاجة إلى المسيح ، وكان وزير كنداكة فى حاجة إلى المسيح ، ... وكانت رسالة فيلبس دائماً " المسيح " ، لا تسألنى عن فصاحة الرجل أو قوة بلاغته أو جمال أدائه كواعظ عظيم ممتاز !! ... مهما يحمل من فم ذهبى أو لسان فضى ، فإن عظمة رسالته كامنة فى شخص المسيح ، فإذا جاء سيمون الساحر بسحره ، فإن فى شخصية المسيح ما هو أروع وأسمى وأكثر جاذبية من كل سحر فى الحياة ، ... وإذا كان الوزير يسير فى رحلته مع الحياة ، وهو يبحث عن شئ أكثر من مال الحبشة الذى هو وزير خزائنها ، وعن عظمة الوزارة التى يجلس على كرسيها ، شئ أسمى وأجل وأعظم وأبهج يأخذه لنفسه ولبلاده التى هو عائد إليها ، ... فلا يمكن أن يشبعه سوى يسوع المسيح - وعلى وجه الخصوص - فى حبه وحنوه وإحسانه وصليبه ، ... لست أعتقد كثيراً فى التقليد الذى يقول إن وزير كنداكة ، وقد تحول من الوثنية إلى اليهودية ، قد قبلته ، اليهودية بتحفظ وعدم ترحيب كامل، لأنه كان خصياً ، ومع ذلك فقد كان إنساناً مجداً يبحث فى الظل عن الحق ، وهو شبه ضائع إلى أن أشرق عليه نور المسيح ، ... وهو صورة لملايين الناس التى قد تملك الكثير ولكنها تعيش بؤسها حتى تعرف فرحها الكامل فى الواحد يسوع المسيح !! .. فى أيام نابليون الثالث ذهب شاب من نبلاء فرنسا إلى لندن ليستشير طبيباً شهيراً تخصص فى الأمراض النفسية لأنه كان يعانى حالة خاصة سببت له آلاماً نفسية مريرة ، وبعد أن فحصه الطبيب رأى أن هناك شيئاً يسيطر على فكره ، فسأله ما الذى يزعجك .. هل لديك آمال كبار أخفقت فى تحقيقها !! ؟ فقال : لا ! إنى فى مركز يلائم رغباتى ... فسأله هل لديك متاعب عائلية تقلقك !! ؟ فأجاب : كلا علاقتى العائلية على ما يرام ! ... فسأله : هل لك أعداء تخافهم !! ؟ أجاب : كلا ! فسأله هل فقدت بعض الشهرة فى بلدك فأجاب بالنفى ... تمهل الطبيب قليلا وسأله السؤال الباقى : أى موضوع يتسلط على فكرك أكثر من غيره !! .. وهنا فزع الشاب وقال : إنك تقترب من الموضوع الذى لا أود أن أتحدث عنه .. وهو موضوع الدين . لقد كان والدى ملحداً وكذلك جدى، وسرت وراءهما ، ولكنى منذ ثلاث سنوات والسؤال الذى يطاردنى هو : أين ستقضى الأبدية !! ؟ وظهر أمامى اللّه وكأنما هو جالس على عرشه ليحاسبنى ، ولا أستطيع التخلص من هذه الفكرة!!... وعندئذ قال الطبيب : هل هذا هو الذى سبب لك الفزع ؟ أخشى أنك أخطأت الطبيب !! .. فصرخ الشاب : ألا تستطيع أن تساعدنى ... فقال له : " اجلس وكن هادئاً لقد كنت منذ سنوات ملحداً ولم أكن أومن بااللّه ، وكنت فى نفس الحالة التى أنت عليها الآن ، . ولكن عندى كتاباً قديماً فيه دواؤك " وفتح الطبيب ليقرأ : " وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا " .. وكوزير كنداكة سأل الشاب : ما معنى هذا يا دكتور ؟ فأجاب : إن الرب يسوع المسيح قد أخذ مكان الناس الخطاة وحمل عقابهم ! ... فسأله : هل هذا ممكن يا دكتور ؟ يا له من جمال إلهى عجيب . البار يموت من أجل الخطاة !! .. هذا مدهش . هل تؤمن بهذا يا دكتور!!؟ فأجابه : نعم ، وهذا ما أخرجنى من الظلام إلى النور . فسأله الشاب : وماذا أفعل إذاً!؟ فأجابه : أن تقبل هذا العمل العظيم لنفسك وتستريح فيما عمله لك اللّه الكريم ، وأنا سأصلى من أجلك على أن تعدنى أن تخبرنى بقبولك هذا الخلاص المجانى العظيم!! وبعد أسبوعين من رحيل الشاب إلى فرنسا أرسل يخبره بأنه قبل المسيح مخلصاً ، وأنه شفى تماماً من كل مرضه !! .. أيها القارئ الكريم لعل فرح فيلبس ووزير كنداكة وفرح هذا الشاب الفرنسى ، وفرحى فى المسيح يكون قد وصلك أنت أيضاً لتشترك مع جميع المخلصين على وجــه الأرض بفرح الخلاص الذى لا ينطق به ومجيد !! .. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فيلبس المبشر الناجح فى العمل الفردى |
فيلبس المبشر غير المرتسم |
فيلبس المبشر |
رحلة مع الاباء الرسل (فيلبس المبشر) |
فيلبس -المبشر |