رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بولس الرسول والرســالة إلي أهــل كولوسي نجد في هذه الرسالة إلى أهل كولوسي أن القديس بولس يظهر سمو المسيح الفائق علي الكون كله مبتدأً بالخليقة ومتضمناً الصليب وواصفا الرب يسوع المسيح بأنه الصورة المرئية لله الآب الغير منظور بكر كل خليقة (كو15:1). بالمسيح خالق الكل، وهو الوارث ومن أجله خلق كل شئ، وهو رأس جسد الكنيسة، وهو بكر من الأموات لكي يكون هو متقدماً في كل شيء (كو16:1-18). ” لأنه فيه ‘سر أن يحل كل الملء { كل ملء اللاهوت}. وأن يصالح به الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الأرض أو ما في السماوات.” (كو19:1-20). موضحا إتحادنا نحن المؤمنين بالمسيح بصورة رائعة فيها استخدم تعبير”مع المسيح” أربع مرات كما هو مكتوب ” إن كنتم قد متم مع المسيح… . فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله … لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله. متي ‘أظهر حياتنا فحينئذ ‘تظهرون أنتم أبضا معه في المجد ” (كو20:1-كو4:2) . لم يؤسس القديس بولس كنيسة كولوسي ولا حتى زارها من قبلْ فالذي أسسها هو أبفراس وغيره من المؤمنين الذين تجندوا على يده في أثناء رحلاته التبشيرية، وسبب كتابته هذه الرسالة هو تسرب “مذهب النسبية الدينية” وهو صورة مصغرة من “الغنوصية” إلى الكنيسة فقد حاول بعض المؤمنين أن يجمعوا بين العقيدة المسيحية والعقيدة اليهودية وبين بعض التعاليم الوثنية والفلسفات العالمية لأن اليهودية اشتهرت بتمسكها بأهمية تقليد الشيوخ من جهة عيد أو هلال أو سبت، كما أنه ذَكَرَ الختان مرتين في هذه الرسالة (كو11:2 ، كو11:3). وقد كتبت هذه الرسالة عام 61م تقريبا وتتكون من أربعة أصحاحات بيد تيخيكوس وأنسيموس من رومية أثناء وجود القديس بولس بالسجن. موضحا بها أن المسيح المخلص هو وحده مصدر حياتنا الروحية وأنه رأس الكنيسة وأنه رب كل الأكوان الروحية والمادية، وأن حياة المؤمنين الروحية هي في الارتباط بالرب يسوع المسيح . في الأصحاح الأول يقدم القديس بولس نفسه، كعادته في معظم رسائله، بأنه “رسول يسوع المسيح بمشيئة الله” {أي بدعوة وبسلطان من الله } ، ويذكر تيموثاوس الذي كان من مرافقيه المقربين، موجها الرسالة إلي القديسين في كولوسي والإخوة المؤمنين في المسيح. ثم يهدي النعمة والسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح لقارئيه. ويشكر الله لأجلهم كل حين، “مصلين لأجلكم لسماعنا” { من أبفراس} عن إيمانكم بالمسيح ومحبتكم لإخوتكم المسيحيين ولجميع القديسين من أجل الرجاء المسيحي الموضوع في السماوات. ونستطيع أن نتعلم من صلاةالرسول بولس (كو9:1-14) أن نصلي لأجل الآخرين لكي: يدركوا مشيئة الله المقدسة، وأن يزودهم الله بالحكمة الروحية، وأن يعيشوا حياة ترضي الله وتكرمه، وأن يتحلوا بأعمال المحبة والخير مع الآخرين، وأن يزدادوا دائما في نعمة معرفة الله، وأن يكونوا مملوئين من قوة الله، وأن يثبتوا في الإيمان، وأن يكونوا دائما ممتلئين بفرح المسيح، “شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلي ملكوت ابن محبته الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا “(كو12:1-14). خلال الألم انكشف له السرّ المخفي منذ الدهور، سرّ حب الله الفائق لخلاص العالم كله. هذا السرّ كان مخفياً حتى عن السماويين، فلم يكن ممكناً لربوة ما سماويّة مهما سمت أن تدركه أو تتخيّل مدى حب الله الفائق للإنسان. هذا السرّ اُُظهر لقدّيسيه (كو26:1)، حيث رأوا ولمسوا عمل نعمة الله في حياة الأمم حين آمنوا بالله وبخلاصه. فصار هذا السرّ هو موضوع شهادة الكل وكرازة الرسل ليتمتع البشر بالمجد المعد لهم (كو27:1) ، ففي وسط آلامه يعلن السيد المسيح غنى مجده الفائق ورحمته المقدمة للأمم، المنسكبة على الجميع بلا تمييز بين يهودي وأممي، دون أدنى استحقاق من جانب الإنسان. بهذا عرف الرؤساء والسلاطين في السماويات بهذا السر المكتوم بواسطة الكنيسة (أف 10:3). في الإصحاح الثاني كانت لاوذكية تقع في الشمال الغربي من كولوسي وقريبة منها، وقد وبخ القدبس يوحنا المؤمنين فيها لأنهم كانوا فاترين في محبتهم للمسيح (رؤ14:3-22). والسبب في طلب القديس بولس قراءة الرسالة إلي أهل كولوسي أيضا في الكنيسة في لاوذكية هو انتشار بدعة ” النسبية الدينية ” ايضا فيها، ليحث الكنيستين على الوقوف ضد هذه البدعة وهذه التعاليم الكاذبة معتمداً على روابط المحبة بينهما” لكي تتعزى قلوبهم مقترنة في المحبة لكل غنى يقين الفهم لمعرفة سر الله الآب والمسيح المدخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم”(كو2:2-3) . وقد أوضح الرسول بولس علي أن كفايتنا كمؤمنين هي في المسيح، فقبول المسيح رباً وفادياً ومخلصا لحياتنا هو بداية الطريق للحياة مع المسيح، ثم الجهاد المستمر طوال حياتنا في العمل بوصاياه وتعاليمه السامية، مع إخضاع إرادتنا بالكامل لمشيئته المقدسة وإرشاد الروح القدس الساكن فينا” فكما قبلتم المسيح يسوع الرب اسلكوا فيه متأصلين ومبنيين فيه وموطَّدين في الإيمان كما ‘علمتم متفاضلين فيه بالشكر”(كو6:2). فالمسيح يجب أن يكون هو المصدر الوحيد الرئيسي للحياة المسيحية “فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً”(كو9:2) ، فبعد أن مات المسيح لم يعد الختان لازماً لأن الختان هو ختان الروح وليس ختان الجسد، كما أن المعمودية بالتغطيس في ماء المعمودية هي دفن وقيامة للحياة مع المسيح”مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضا معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات”(كو12:2). وبذلك يكونُ تَخلينا ورفضنا لرغباتنا الشريرة هو ثمر حياتنا الجديدة في المسيح لأن خلاصنا يعتمد علي قوة موت المسيح وقيامته” وإذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب”(كو14:2). فالقواعد والفرائض الدينية “لا تمس ولا تذق ولا تجس”(كو21:2) لا تستطيع أن تغير قلب الإنسان بل الروح القدس الذي يعمل فينا عندما أخذناه في سرختم الميرون المقدس. في الأصحاح الثالث يشيربولس الرسول إلي المعمودية في قوله ” إذا كنتم قد قمتم مع المسيح”(كو1:3) ، معتبراً المعمودية موت ودفن وقيامة مع المسيح المقام من بين الأموات، مقدما لنا النصح والإرشاد مشيراً إلى الإهتمام بالروحيات والسماويات عوض الأرضيات “فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله”. ويؤكد الرسول بولس على أن سر الحياة الجديدة مستترالآن، ولن يبقي مستتراً لفترة كبيرة، لأنه ” متى ‘أظهر المسيح {في مجيئه الثاني } حياتنا فحينئذ ‘تظهرون أنتم أيضا معه في المجد”(كو4:3). ثم أوضح لنا أن العبادة المسيحية الحقيقية هي “فأميتوا { احسبوها ميتة } أعضاءكم التي على الأرض {بخصوص العادات الردية والشهوات الجنسية الأربعة وهي} الزنا، النجاسة، الهوى، الشهوة الردية، الطمع الذي هو عبادة الأوثان{فهذه الخطيئة الخامسة ركز عليها الرب يسوع في الموعظة على الجبل لأنها تحمل كل آثام الفكر المتمركز في الذات الإنسانية وفي احتياج إلى تغيير مسيحي شامل}”(كو5:3). ويضيف” أما الآن فاطرحوا عنكم أنتم أيضاً {اخلعوا ثيابكم القذرة، ثياب الخطية أي الحياة القديمة} الغضب السخط الخبث التجديف الكلام القبيح من أفواهكم “(كو8:3). استخدم الرسول بولس تعبير “مختاري الله القديسين المحبوبين {ليذكرنا أن الكولوسيين هم موضوع اختيار الله وأيضا موضوع محبته واصفا اياهم بخمسة من ثمار البر} أحشاء رأفات ولطفاً وتواضعاً ووداعة وطول أناة ” (كو12:3). كما اكد على أننا يجب أن نحتمل بعضنا بعضا ونسامح بعضنا بعضا {واترك لنا ماعلينا كما نترك لمن لنا عليه إلينا– الصلاة الربانية} من أجل توطيد العلاقات مع بعض، متسربلين بالمحبة فهي رباط الكمال (كو13:3-14). وليملأ قلوبكم سلام الله ليكون كل ما تعملون أو تقولون باسم الرب يسوع شاكرين الله والآب به (كو17:3). قدم الرسول بولس بعض النصائح العائلية، أولى هذه النصائح يتعلق بالعلاقات الأسرية (كو18:3-21 )، وثاني هذه النصائح يتعلق بالعلاقات بين الأسياد والعبيد (كو19:3-25)، (كو1:4). في الإصحاح الرابع يطالب الرسول بولس المؤمنين علي المداومة في الصلاة “لأجلنا نحن أيضا ليفتح الرب لنا بابا للكلام لنتكلم بسر المسيح الذي من أجله أنا موثق {مسجون } كي أظهره كما يجب أن أتكلم “(كو2:4-4)، ففي المداومة يزداد إيماننا بأن الله يستجيب لصلواتنا فنمجده عالمين انه إذا تأنى الله في الاستجابة لصلواتنا فهذا دائما يكون لخيرنا حسب مشيئته المقدسة(كو2:4-4). وعندما نتكلم مع غير المؤمنين لنبشرهم عن الرب يسوع المسيح يجب أن نسلك بحكمة “مفتدين الوقت”{ اقتناص فرصة سانحة للتبشير}. يصف الرسول بولس ” تيخيكوس بالأخ الحبيب والخادم الأمين والعبد معنا في الرب”(كو7:4)، وقد أرسله “ليعرف أحوالهم ويعزي قلوبهم مع أنسيموس الأخ الأمين الحبيب الذي هو منكم “(كو9:4). ثم يذكر بعض الأسماء مادحاً إياهم مثل ” أرسترخوس المأسور معي {رفيقه في السجن} ومرقس ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا. إن أتى إليكم فاقبلوه”(كو10:4)، فقد فارق مرقس الرسولين بولس وبرنابا في أثناء رحلتهما التبشيرية الأولى (أع25:12)، وقد كرز القديس مرقس بالإنجيل مع خاله برنابا في رحلته التالية (أع39:15-41)، كما كرز مع القديس بطرس(1بط13:5)، (أع12:12-13). |
|