رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرجل الّذي سار مع الله بدا أخنوخ مختلفًا عن الآخرين في لائحة الأنساب في مستهلّ سفر التّكوين. بينما عاش الجميع وماتوا، سار هو مع الله ولم يوجد لأنّ الله أخذه. لا يُذكر له إنجازٌ معيّنٌ ولا يُحدّد سببٌ مباشرٌ، ومع ذلك تمتّع بتكريم الله ورضاه فلم يختبر الموت. كلّ ما في الأمر أنّه فقط سار مع الله. هل تكمن العظمة الحقيقيَّة في رفقة الله أم هي حاضرة بين صُنَّاع التّاريخ وأصحاب البطولات والإنجازات والأعمال الخيريَّة؟ لا يشير الكتاب المقدّس إلى أخنوخ كشخص مُنعَزل كسول وغير فعَّال. وقد يكون على العكس من ذلك تمامًا. إنّ القليل الّذي كُتب عنه يُعلن رسالة واضحة وصريحة. مفادها أن لا شيء يُسرُّ قلب الله أكثر من رفقته، والشّركة معه، والتمتّع به، والشّبع فيه. يحتاج هذا العالم الكثير الحركة إلى إعادة النّظر بأولويّاته وأهدافه ومقاييسه.و على العالم المسيحي بالتّحديد أن يُراجع حساباته، فيُقَلِّل من احتفالاته وإجتماعيّاته ونشاطاته، ويردّ للربّ مكانته، ويعود لتكريس الأوقات والخلوات معه. سرّ أخنوخ إنّه سار مع الله! عَبَّر عن حبّه الأقوى في حياته بشوقه إليه فجاع إلى البرّ وعطش إليه. إن كنّا لا نُعطي القلب أوّلًا للرّب يكون ما نقدّمه ونعمله مجرّد رشوة. تصبح كلّ إنجازاتنا باطلة إذا لم يكن هو عزّنا وفخرنا. الله معنا ما دمنا معه، والعكس صحيح. هذا تصريح شديد لكنّه أيضًا أكيد. يصرخ كثيرون إلى الله طالبين مراحمه. يتاجر البعض باسمه. قليلون يحبّونه حقًّا كأخنوخ فيجلسون عند قدميه ليستمعوا إلى كلمات النّعمة الخارجة من شفتيه، ويستمتعوا بها. في السّير مع الله هناك اتّفاقّ واتّباع. فهو لا يسير مع إنسان بوظيفة مُستشار، بل كسيّد وربّ. يلهج الإنسان حتمًا بما في قلبه. ومن "فضلة القلب يتكلّم الّلسان". من يحبّ الرّب حقًّا سيُمضي الوقت معه، ويومًا من الأيام |
|