رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
18 اغسطس 2012
كتب : هدى المصرى ذهب المحللون إلى أنه بإحالة المشير طنطاوى وقائد أركانه الفريق سامى عنان إلى التقاعد، وتعيين وزير دفاع جديد وقادة جدد للجيش المصرى، تكون مصر قد بدأت بالفعل عهد ما يسمى بالجمهورية الثانية - منهية بذلك حكما عسكريا استمر إلى ما يقرب من 60 عاما. ولكن مع بداية ميلادها ستظل هناك معضلة أساسية نواجهها جميعا هل نبنى دولة مدنية أم دولة دينية؟ ما موقع الجيش فيها - دوره - تسليحه - عقيدته؟! وغيرها من الأسئلة حول التحديات التى ستواجهها مصر فى الجمهورية الجديدة طرحناها على د. محمد عبدالسلام الخبير الاستراتيجى فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام. ∎ الجمهورية الأولى اتسمت بنظام حكم تهيمن عليه المؤسسة العسكرية، ما هى توقعاتك لدور تلك المؤسسة فى الجمهورية الثانية.. وهل سيكون الجيش مشاركا فى السياسات وإدارة شئون الدولة أم سيتم تحييده؟ - ليس صحيحا أن المؤسسة العسكرية كانت هى مؤسسة الحكم خلال الجمهورية الأولى التى ارتبطت بشخصية الرئيس المستبد الذى يحكم البلاد بصلاحيات مطلقة أو ما يعرف تاريخيا بالرئيس الفرعون، كما بنظام الحكم الشمولى أو الحزب الواحد والذى انهار بالفعل مع ثورة يناير. فخلال الجمهورية الأولى لم تكن المؤسسة العسكرية مركز قوى رئيسيا أو مهيمنا على الحكم بل كانت فى الخلفية طوال الوقت وبالتالى من غير المنطقى أن نتحدث عن أنها كانت مهيمنة على الحكم فى مصر قبل ثورة يناير. ∎ إذا كيف كنت ترى موقع المؤسسة العسكرية قبل الثورة؟ - مؤسسة قوية تمثل جماعة مصلحة وكانت «سند» للرئيس وأحيانا «مشكلة» له، ولم تكن الحاكمة بل المؤسسة التى يأتى منها الرئيس حتى قام مبارك بإجراء التعديلات الدستورية حتى يبعدها عن هذا الدور لصالح فكرة التوريث. ∎ ما تقييمك لعلاقة المؤسسة العسكرية بالرؤساء من عهد الرئيس عبدالناصر وحتى الجمهورية الثانية؟ - كانت سندا للرؤساء فى مواجهة المشكلات الكبرى تدخلت فى عهد الرئيس السادات لقمع انتفاضة الخبز فى عام 1977 وفى عهد مبارك تدخلت لقمع انتفاضة الأمن المركزى سنة .1986 وفى بعض الأحيان كانت تمثل مشكلة للرئيس مثل الأزمة بين عبدالناصر والمشير عامر - السادات وأحمد بدوى - مبارك وأبوغزالة. فى كل الأحوال كانت جماعة مصلحة قوية تتسم بطابع مستقل لا تناقش ميزانيتها من خلال البرلمان، ولديها شركات وقدرات اقتصادية خارج سيطرة الدولة تمثل جزءا كبيرا من الاقتصاد المصرى وتخضع لإدارتها الخاصة. ثم تغيير وضعها بعد 25 يناير وارتبطت بعلاقتها بالثورة وأصبحت أقوى، أصبحت حاكمة ثم شريكة فى الحكم قبل قرارات الرئيس محمد مرسى الأخيرة التى حسمت الصراع بينهما على السلطة. ∎ هل ترى فى القرارات الأخيرة للرئيس مرسى زوالا لدولة العسكر؟ - لا أرى أننا كنا نحكم بواسطة العسكر، فجميع الرؤساء السابقين كل منهم انفصل عن أصوله العسكرية بسرعة شديدة بعد توليه الحكم، حدث ذلك عندما فصل الرئيس عبدالناصر العسكريين عن المدنيين وأصبح يستمد شرعيته من كونه رئيسا شعبيا قوميا شرعيته من الجماهير مباشرة وفى بعض الأحيان كانت المؤسسة العسكرية منفصلة عنه، حتى الرئيس السادات ارتبطت شرعيته بوجوده كرئيس قبل حرب أكتوبر ثم دعم سلطته بحرب أكتوبر ثم بالقرارات التى اتخذها بعد ذلك وتحول شكل الدولة اقتصاديا واجتماعيا فلم يكن أى منهما جنرالا بالمعنى الذى نراه فى دول أخرى. مبارك نفسه كان مدركا لذلك، فعندما كان يطلب منه أن يترك رئاسة الحزب الوطنى كان يرفض حتى لا ينظر إليه بأنه يستمد شرعيته من المؤسسة العسكرية التى لم تكن هى الأخرى خاضعة له بشكل كامل والدليل أنها تمردت عليه عندما طلب منها أن تواجه الجماهير أثناء ثورة يناير، كما كان لها تحفظات عليه فى نهاية حكمه فيما يتعلق بفكرة التوريث. ∎ ما هى الملامح العامة للجمهورية الثانية بعد قرارات الرئيس الأخيرة؟ - كانت للدولة سلطة برأسين أحدهما مدنى والآخر عسكرى، كانت المؤسسة العسكرية شريكا فى السلطة والآن عادت الدولة لوضعها الطبيعى يحكمها رئيس منتخب، ومن ثم تتحول القوات المسلحة لتصبح مؤسسة محترفة خاضعة للمدنيين تؤدى دورها الطبيعى فى الدفاع عن البلاد ولكن ستظل هناك مشكلتين معلقتين: الأولى هل سيكون للقوات المسلحة دور سياسى داخل الدولة وتحديدا الدور القديم «حماية الشرعية الدستورية» فى حالة حدوث نزاع دستورى وهل ستتدخل هى من تلقاء نفسها أم يطلب منها التدخل فى حالة حدوث فوضى، وإذا حدث ذلك ما هو الدور الذى يمكن أن تقوم به؟ أما الإشكالية الثانية فمتعلقة بضمان تحول القوات المسلحة لمؤسسة محترفة شأنها شأن معظم الجيوش فى الدول المتقدمة بعيدة عن السيطرة العقائدية - مما يعنى أنه لايزال السؤال معلقا هل سيكون هناك دين فى العسكرية وعسكرية فى الدين أم ستكون تلك المؤسسة بعيدة عن التوجهات الأيديولوجية للقوى الحاكمة الآن. ∎ فى رأيك ما هى السيناريوهات التى تنتظر الجيش المصرى؟ - إما أن يكون مؤسسة محترفة لها قواعد مستقلة قائمة على الاحتراف لا ينتمى أعضاؤها لأحزاب ولا تمارس فيها السياسة أو الدين، أو أن يتحول الجيش المصرى إلى جيش عقائدى كجيش صدام أو الأسد أو أن يتحول إلى أسوأ السيناريوهات للجيوش العقائدية ويشبه الحرس الثورى الإيرانى. ∎ ما هى أبرز التحديات التى تواجه الجمهورية الثانية؟ - هناك إشكاليات أهمها كما ذكرت تدخل الجيش فى شئون الدولة وهذا الأمر غير واضح حتى الآن خصوصا بعد القرارات الأخيرة بتغيير القادة «وهى ضربة قوية» لصالح مؤسسة الرئاسة أما الأمر الآخر فيتعلق بمدى تدخل القوى الحاكمة فى شئون الجيش وتجاوز الجزء التنظيمى إلى الجزء العقائدى وممارسة السياسة داخل العسكرية المصرية وربط ذلك بالتوجهات الدينية. ويمكن حل تلك الإشكالية بإطار دستورى كما يحدث فى الدول المتقدمة. ∎ القرارات الأخيرة حسمت الصراع على السلطة، ما هى الانعكاسات المتعلقة بالعلاقات بين مصر وإسرائيل؟ - أعتقد أن التعاون العسكرى بين مصر وإسرائيل سيظل قائما وستبقى اتفاقية السلام وكل الترتيبات العسكرية المرتبطة بها كما هى حتى مع التعديلات التى من الممكن أن تحدث. ∎ هل من الممكن أن يكون للقوات المسلحة دور فى العلاقة؟ - بالطبع دورها سيتعلق بالقرارات الكبرى التى يمكن أن يتخذها الرئيس تجاه إسرائيل «قرارات الحرب» مثلا سيكون للجيش رأى فيها لأن تلك القرارات لا ترجع للرئيس وحده، وإنما يتدخل هنا المجلس الأعلى للقوات المسلحة لأنه وحده من يقرر وفق تقديراته الفنية وقد يتخذ الرئيس قرار حرب ولا يوافقه المجلس حتى وإن كان معظمه ينتمى للإخوان لأن الموافقة هنا أو عدم الموافقة تتخذ وفقا لقدرة الجيش المصرى وهذا يحدث فى كل دول العالم حتى الولايات المتحدة نفسها. ∎ الجيش المصرى يتبنى مبدأ دفاعيا فهل سيتم تغيير العقيدة من الدفاع للردع أو الدفاع النشط؟ - الأمر متعلق بسياسة الدولة وهى التى تفرض مبادئ الدفاع عنها، خصوصا إذا تعرضت لتحد مباشر فمثلا فى حادث رفح الأخير، كان موقف الرئيس أكثر عنفا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكان فى ذلك إشارة واضحة للجميع بأنه القائد الأعلى للقوات وأنه يقود ويأخذ قرارات من هذا النوع ليثبت سلطاته، لأنه يواجه مشكلة حقيقية هى الأمن وهى مشكلة متعلقة بكل الملفات كالاقتصاد والأزمات الداخلية. ∎ هل ستتغير العقيدة العسكرية للجيش وأفكاره وتسليحه؟ - بالنسبة للعقيدة القتالية والأفكار فالمسألة متعلقة بفكرة أخونة الجيش وربطه بأيديولوجية الجماعة والوسيلة المباشرة ستكون بتغيير شروط قبول الالتحاق بالكلية الحربية، فهل ستتغير هذه الشروط وتقبل أن يلتحق بها طلاب ينتمون لتيارات وتنظيمات دينية. أما بالنسبة لتسليح الجيش فمن المتوقع أن تتغير سياسة تسليح الجيش مع الوقت ولكن من الصعب التفكير فى ذلك الآن، لكن فى النهاية كل تلك الأمور لها علاقة مباشرة بموازين القوى والتوازن العسكرى والعلاقات المصرية الأمريكية، ومهما كانت توجهات الرئيس فإنه لا يستطيع تجاوز موازين القوى لأن ذلك مرتبط بالمصالح العليا للدولة، وإيران نموذج على ذلك رغم أن الجيش الإيرانى جيش عقائدى إلا أنه إذا تعلق الأمر بالتعامل العسكرى وأمريكا تكون هناك حسابات أخرى. ∎ وماذا عن مناقشة ميزانية الجيش ومستقبل المساعدات الأمريكية؟ - الميزانية سوف تناقش فى اللجان داخل المجالس النيابية أما المساعدات فسوف ترتبط بمدى العلاقة بالولايات المتحدة وتعزيز التعاون والعلاقات الإيجابية بينها وبين جماعة الإخوان، وضمان الاستقرار فى العلاقات الفترة القادمة وعدم التوتر والمعاداة بينهما. ∎ ما طبيعة الدور الذى سيقوم به جهاز المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى فى الجمهورية الجديدة؟ - كل أجهزة الدولة فى طريقها إلى تغيير هيكلها وطريقة عملها لكن المسألة تتعلق بمن سيحدث هذا التغيير هل هى بنفسها أم ستتدخل القوى الحاكمة بنفسها - بيدى أم بيد عمرو - خاصة وأجهزة الدولة ليست مصمتة أو تتحدث بصوت واحد ولكن هناك آراء مختلفة بداخلها ويبقى التساؤل هل ستصبح الأجهزة الأمنية محترفة تخدم الدولة أم سيتدخل النظام الحاكم فيها كما كان الحال فى النظام القديم لتخدم توجهاته ومصالحه. ∎ هناك تحليلات تشير إلى أن تحييد الجيش سياسيا لن يصب فى مصلحة أمريكا خاصة بالنسبة لموقف الإخوان تجاه إسرائيل وحقيقة أن حماس فرع من الجماعة؟ - سياسات الأمن القومى للنظام الحاكم حتى الآن غير واضحة وسوف تبنى مع الوقت، ووفقا لتصور هذا النظام السياسى فى الجمهورية الثانية، بالتأكيد سنواجه فى مصر ما واجهته إيران - المشكلة الإيرانية «إيران الإسلامية أم الفارسية، وهل سيتصرف نظام الحكم فى مصر وفقا لتوجهات دينية أم توجهات وطنية، مصر الإسلامية أم مصر الفرعونية، فإيران رغم خطابها الدينى وتوجهاتها الأيديولوجية التى كثيرا ما تحدث إرباكا فى علاقاتها الخارجية تتعامل وفقا لثوابت مرتبطة بالمصالح العليا للدولة. ∎ ماذا عن ملامح السياسة الخارجية فى الجمهورية الثانية؟ - بالنسبة للعلاقات الخارجية أتوقع ألا يحدث انقلاب جذرى فى علاقات مصر الخارجية مع دول مثل الولايات المتحدة أو إسرائيل المؤشرات كلها تؤكد أن العلاقات مستقرة بالنسبة لإسرائيل وسوف تسير على نمط معتاد لا هى تعاونية ولا هى تصادمية، أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة فالواضح منذ البداية أنها سترتبط بعلاقات عمل ومصالح اقتصادية فى حالة استقرار الأوضاع مع إسرائيل. أما إيران فتظل الدولة المحيرة كالعادة فلا هى الدولة الصديقة ولا هى العدو ستصبح لفترة الأمور راقدة إلى أن يتم التفاهم على وضع ما. لكن التناقض الواضح الآن هو العلاقات مع دول الخليج أو ملف الأمن الخليجى وستجد جماعة الإخوان أن عليها أن توازن بين المعسكرين، معسكر السعودية والإمارات من جهة ومعسكر قطر من جهة أخرى. فى الفترة الحالية العلاقة وطيدة مع قطر فى حين تخشى السعودية من تصاعد النفوذ الإخوانى والفترة القادمة سيتضح فيها كيف ستدار العلاقة مع دول الخليج. ∎ بالنسبة لدول أوروبا والتحالفات الدولية؟ - الإخوان مبهورون بالنموذج التركى ويرون أن تركيا نموذج يحتذى به رغم اختلاف السياسات فى تركيا «فصل الدين عن الدولة» وبالتالى أتوقع تقارب إخوانى تركى أكثر من إخوانى إيرانى من خلال علاقات عمل قوية، أما بالنسبة للعلاقات السياسية مع تركيا فسيرتبط ذلك بالتيار المسيطر داخل الجماعة بالنسبة لأوروبا ستكون العلاقات اقتصادية، أما الناتو فليس له نشاط فى المنطقة لأنه مرتبط أكثر بأوروبا وبالتالى لا يفرض نشاطا على مصر. ∎ البعض يرى فى القرارات الأخيرة إقصاء للدولة العميقة؟ - شبكات العلاقات المرتبطة بمفهوم الدولة العميقة تتعامل طوال الوقت مع الدولة وستظل تتعامل معها لأنها لا ترتبط بأشخاص، وهذا ما حدث بمجرد حسم مسألة الصراع على السلطة، اتجهت هذه الشبكات على الفور للتعامل مع النظام الجديد لأنها علاقات تعتمد على المصالح واتجاهات رجال الأعمال تفكر فى الأرباح والمكاسب ولا تتبنى أيديولوجيات معينة ولهذا أطلق عليها الدولة الضحلة أو الهشة وليست العميقة. |
|