رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنبا صموئيل أسقف الخدمات الخادم الذي يُحب الخدمة الصعبة ولد سعد عزيز في 8 / 12/ 1920 ونشأ في أسرة متدينة كهنوتية في مدينة الزقازيق، وكان جده أبونا عبد المسيح من الكهنة الموقرين الأغنياء، ففتح بيته علي مصراعيه للفقراء، مائدة الطعام لا تخلو من الزوار، تجمع الأغنياء والفقراء، والمطبخ يعمل ليلاً ونهاراً ليسد حاجة الزوار، وفي هذا البيت الكهنوتي العريق تلقضي لكل صاحب حاجته. وكانت أمه التقية الوديعة المؤمنة بالله، وقد نشأ في هذا الجو الروحاني المقدس، قد أحبت خدمة الآخرين ففتحت بيتها لخدمتهم، ومائدة الطعام ممتدة لا يخلو منها طعام لكل جائع ومحتاج، وكلما دخلنا منظلهم المبارك نجد مجموعة طيبة من إخوة الرب ينتظمون حول مائدتها تخدمهم بنفسها دون كلل أو ملل وعلي وجهها فرحة تعبر عما في قلبها من حب العطاء والبذل بسخاء. كنا نعرفها بأم سعد، وكان بيت سعد عزيز بيتنا كلنا، فيه أم سعد فنجد دفئاَ وحباَ وكرماَ ، وكان سعد عزيز هو الشمعة المضيئة التي تنير كل جنبات هذا البيت المُبارك. وقد بدأ خدمته بنشاط ملحوظ، وفي فترة وجيزة استطاع بمواهبه الممنوح إياها من الله التقدم بوداعة علي كل صفوفنا كخدام، كان يبذل جهداً جباراً ويصرف الساعات الطويلة في الخدمة والإفتقاد، بل كان ينتظر جدول خدمة أطفال القري الأسبوعي، وكانت القرية البعيدة الصعبة التي تتطلب وقتاً وجهداً في موصالاتها والسير علي القدمين ربما أكثر من ساعة، يتلقفها بفرح لا مزيد عليه، وأصبح معروفاً بيننا بالخادم الذي يُحب الخدمة الصعبة. خدمة القري البعيدة النائية. كنا نكتفي في خدمتنا ونحن طلبة بأطفال القرية، ولم نفكر في خدمة رجالها وسيداتها لضيق الوقت، ولنعود لبيوتنا مبكرين قدر استطاعتنا لنتابع إسترجاع المحاضرات الجامعية، أما سعد عزيز فلم يقتنع بخدمة الأطفال، بل اقتحم بقلب يفيض حباً للقرويين خدمة الكبار بعد الأطفال وهكذا كان يعود الي بيته بالجيزة قرب منتصف الليل في ليالي الشتاء وفي البرد الشديد والأمطار المنهمرة وربما تنقطع المواصلات ولكنه لم يكن يعبأ بالصعاب فقد ولد لها وأحبها في سبيل خدمة آمن بها وهكذا ملكت الخدمة كل مشاعره وسيطرت علي أحاسيسه كافة. كان يؤمن إيماناً يملك حياته بخدمة القرية، بعدما اختبرها وعرف انها مفتاح نهضة الكنيسة وباعثها، وكان يهتم اهتماماً خاصاً بإعداد ملابس العيد للقرويين، وكان يرتب لهم زيارات للكنائس المجاورة، بالنسبة للقري المحرومة من وجود كنيسة فيها وما اكثرها ليتمتعوا ببركات القداس الإلهي، وكان من مصروفه الخاص يشتري لأطفــــــــال القري التي يخدمها الحلوي والهدايا والصور. عايشناه مثالاً يُقتدي به تزينه حكمة الشيوخ، وهو بعد شاب في مقتبل العمر، يؤمن بأن الخير أقوي من الشر والحب أقوي من الكراهية والهدوء والسكون أقوي من العنف والضجيج والصخب والصوت الجهوري، وكم كنا نثور ويظل هو في هدوئه الذي وهبه الله له بغزارة. كان بأمانة رجل صلاة، فكم قضي الليالي الطويلة راكعاً مُصلياً أمام هيكل كنيسة مار مرقس التي احتضنتنا بحنان الأمومة الدافيء وكان اذا اعترضت طريق خدمتنا مشكلة لا نجد لها حلاً، يوجهها الي قوة الصلاة وفاعليتها فنقيم ليلة صلاة، فنجد المشكلة في طريقها الي الحل بطرءيقة معجزية يقودنا ايمان رجل الله. تمت سيامة سعد راهباً بيد ابونا مينا البراموسي(البابا كيرلس السادس)، بأسم الراهب مكاري، وبقي معه بدير مارمينا بمصر القديمة ما يقرب من ثلاث سنوات، في خضوع وطاعة لرجل الله المتوحد، الذي وضع فيه كل ثقته وأحبه وأحاطه بأبوته وحبه ودربه علي حياة الرهبنة بكل ما فيها من اختبارات وصعوبات، ارسله ابونا مينا الي دير انبا صموئيل، ثم الي دير السريان، وقد كان البابا كيرلس هو معلمه الأول، ورائده في حياة الرهبنة وأباه في الإعتراف، وقد سامه اسقفاً بأسم الانبا صموئيل، وكان يوكل إليه المهام الصعبة، ويأتمنه علي مباشرة المسائل الدقيقة التي لا يستطيع غيره القيام بها. الشهيد الأنبا صموئيل، إن مات يتكلم بعد، إنه يتكلم في كل عمل أولاه إخلاصه وحبه وإتقانه، وسيظل يضيء كسراج فوق منارة، ليضيء بالحب الذي ألهب قلبه في أعمال قام بها ولا حصر لها. وقد رثاه البابا شنودة في خطاب ارسله الي الانبا اثناسيوس قائلاً : " لقد حزنت نفسي عليه جداً، وبكيت كثيراً ،.. كان طيب القلب، خدوماً، وشعلة من نشاط، وكنا نعمل معاً بكل تعاون، وبكل إخلاص، وكان معي في كل أسفاري، وقد انتقل دون ان اودعه، نيح الله نفسه في فردوس النعيم، ولقد اقمت قداساً علي روحه الطاهرة ظهر 10/7/1981 ، حقاً من يستطيع أن يملأ الفراغ الذي تركه الأنبا صموئيل؟ " . . . |
|