فالشرّ هو جذر مُختفي في داخل القلب وفي الأعضاء، والسارق واللص موجود في داخل البيت الذي هو هيكل الإنسان في أعماق قلبه، مسيطراً على كل مراكز النفس الاستراتيجية، ليحرك جسده واعضاؤه كيف ما شاء.
فالقوة المُعادية هي قوة غير منظورة تسكن وتتسلط لتُحرك كل الأعضاء لتكون آلات إثم للخطية، لأن عُنصر الشرّ بطبيعته مثل المياه الذي نضع تحتها النار، فتفور للأعلى وتظهر على سطح الإناء وقد تتدفق منه إلى خارج، هكذا الشرّ المختفي في داخل القلب، لأنه جرثومة القصد السيء، ومثل الخميرة التي تُخمر العجين كله، فأنه ينتشر تدريجياً ويزداد ويتكاثر ويتفاقم حتى يجعل الإنسان يرتكب الخطايا ظاهراً وعلانيةً، وأن لم تتوقف مجاري الخطية، يستمر سقوط الإنسان في آلاف من الأشياء الخاطئة جداً حتى أنه يصير مثل الإنسان الذي يدخل في غيبوبة من كثرة السُكر أو غيبوبة المرض المؤدي للموت.
فلنعي يا إخوتي إذن، أن هذا ما تفعله أرواح الشرّ ضد الإنسان، لأن لا يهم عدو الخير أننا نسقط في مجرد خطية، بل يُريد ان نتورط في الشر ونهمل مدينة أنفسنا، لأننا مدينة الله الحي، فالخطية أن زحفت إلى الداخل، إذ هي نوع من أنواع القوة الغير منظورة من الشيطان، وهي قوة حقيقية قد زرعت في الإنسان كل أنواع الشرّ، وهي تعمل سراً في الإنسان الباطن دون أن يُلاحظها أحد، وتعمل في العقل، وتُحارب ضد الأفكار الصالحة والتي من الله أو حتى حسب الإنسان الطبيعي السوي...