رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحرية التي حررنا بها المسيح فاثبتوا إذا في الحرية التي قد حررنا المسيح بها، ولا ترتبكوا أيضا بنير عبودية رسالة بولس الرسول الى اهل غلاطية 5 : 1 لئلا يسئ أحد فهم الحرية كان لا بد لمعلمنا بولس الرسول ان يحدثنا عن الحرية التي حررنا بها المسيح ، فالحرية التي لنا ليست كما يتحدث عنها العالم أي هي ليست حرية إباحية يطلق فيها الإنسان العنان لشهواته. بل نحن نتكلم عن إنسان مؤمن مات مع المسيح عن العالم، صار مصلوبًا عن العالم والعالم مصلوبًا له. لا يستعبده شيء في هذا العالم (غل 14:6). ونحن بحريتنا نتشابه مع مخلصنا في بذل حياتنا عن العالم. الحرية الحقيقية هي في قيادة الروح القدس لحياتنا فيجذبنا لنتحرر من الأرضيات ونحيا في السماويات. أساء الناس فهم الحرية دائمًا. فحاول أن تقول لإنسان خاطئ: كف عن خطيتك (مثال حاول أن تنصح مدخن أن يكف عن التدخين) فستجد الإجابة المكررة من الجميع: أنا حر. وهكذا أجاب اليهود على المسيح حينما حدثهم عن الحرية وقالوا لم نستعبد لأحد قط (يو32:8ـ36) ولاحظ أنه في هذا الوقت كان اليهود مستعبدين للرومان. وهكذا كل خاطئ يتصور أنه يمارس خطيته بحرية ولا يدرى أنه مستعبد لها. والله أعطانا الوصايا ليحمينا من أن نُستعبد لغيره، فنُذل. حين يطلب الله أن نعبده ولا نعبد سواه في الوصية الأولى من الوصايا العشر، كان هذا ليس لأن الله في حاجة لعبوديتى أو لعبادتى، ولكن الله كأب يخاف على أن أعبد غيره فيذلنى هذا الآخر. سواء صنم أو شيطان أو لذة... والفلاسفة الملحدين فهموا أن الوصايا هي تحكم من الله واستعباد الله لنا. فقال بعضهم: * الله في برج عاجى لا يشعر بحاجات الإنسان. * الله خلق الإنسان ليستعبده ويذله وأن حرية الإنسان لا تأتى إلا بالإنفلات من الله والتخلص منه، لذلك ناضلوا ضد فكرة وجود الله. ولاحظ أن الإلحاد غير الوثنية. فالوثنية هي عبادة أصنام أما الإلحاد فهو رفض فكرة وجود إله أصلًا. هؤلاء اعتبروا أن الله يقيد حريتهم فرفضوه. وقالوا الإنسان موجود بقدر ما هو حر. * قالوا أبانا الذي في السموات إبق هناك (أى لا نريدك إلهًا لنا). * قالوا لنترك السماء للملائكة والعصافير (فهم يريدون الأرض). * نيتشة أعلن موت الله وأعلن الكنائس قبورًا له (ليصير هو إلهًا). * قالوا إنهم برفضهم لله يحققون ملء إنسانيتهم. ونرد عليهم 1 ـ الله خلقنا على صورته أحرارًا، فالله يريد أن نختاره بحريتنا ونحبه بحريتنا ولا نحبه كعبيد. لذلك قال: " لا أعود أسميكم عبيد بل أحباء" وإذا كان الله أعطانا الحرية فلماذا يأخذها ثانية. 2 ـ الله الذي يسمى نفسه أب وأخ وصديق وعريس... هل يريد أن يذلنا. 3 ـ كيف يستعبد الله الإنسان ويذله. وهو الذي أذل نفسه بتجسده وصلبه بل ترك العبيد يلطمونه. هو غسل أرجل تلاميذه ومازال واقف على الباب يقرع ينتظر من يفتح له، باحثًا عن الدرهم المفقود. 4 ـ بالحرية التي أعطاها الله الإنسان: أ) رفضه الفلاسفة ب) أهانه الملحدين ج) صلبه اليهود د) خالفنا وصاياه جميعًا. 5 ـ يقال إن الأكثر حبًا أكثر ضعفًا. والله محبة فهو إذًا أكثر حبًا. الإله الذى يتهمونه بأنه يستعبد البشر يقول: " حَولِى عنى عينيك فإنهما قد غلبتانى" ولذلك نجد الله يقف كمهزوم أمام يعقوب. 6 ـ رفضهم للوصايا هو رفض مريض لروشتة طبيبه. 7 ـ هم ظنوا الصلوات والأصوام عبودية. ولكن من جربها شعر بلذة الله وبقوة لا نهائية تسانده. 8ـ هم يريدون تحقيق ملء إنسانيتهم، والله يريد أن يؤلهنا " ألم أقل إنكم آلهة" فالله يريد أن يخرجنا من ذاتيتنا وقفصنا البشرى لنتحد به ونلتصق بألوهيته ونصير شركاء الطبيعة الإلهية. 9 ـ أقصى ما يحلم به هؤلاء هو أن يعيشوا في لذاتهم الحسية بحرية كالحيوانات وتنتهي حياتهم بالموت مثلهم بلا حياة بعد الموت. أما الله فيخطط لنا لحياة أبدية ومجد أبدي وفرح أبدي. 10 ـ باختصار هم يهاجمون ويرفضون إلهًا ليس هو إلهنا الذي نعرفه. لماذا الوصايا؟ الله خلق آدم حرًا. وأعطاه وصية حتى لا يفقد حريته. ولما أخطأ وسقط خسر كثيرًا ومات. ولكن الله أعطاه بعض الوصايا حتى يعيش بقدر الإمكان في سعادة ،الفترة التي سيعيشها على الأرض. إذًا هذه الوصايا ليست لصالح الله، فالله لن يزداد قداسة لو نفذنا الوصايا ولن يقل لو لم ننفذها. إنما هي لصالح الإنسان. آدم في الجنة كان كمريض بالإيدز (نقص المناعة) الموجود في غرفة معقمة. وطالما هو في الغرفة المعقمة ممكن أن يعيش ولا يموت. وقول الله له لا تخطئ، كقولنا لمريض الإيدز، لا تخرج من الغرفة المعقمة لئلا تموت. وحينما أخطأ آدم خرج من الجنة وهذه تساوى خروج مريض الإيدز من الحضّانة. حينئذ يأتي الطبيب ويقول لمريض الإيدز طالما خرجت، فخذ هذه الوصايا لتحيا أطول فرصة ممكنة في صحة: " لا تمتد يدك إلى شيء ملوث، إغسل المأكولات أولًا..."، وهكذا فعل الله إذ أعطانا الوصايا، ففائدة الوصايا هي أن نحيا سعداء وبلا عبودية وبلا مذلة. هي لصالحنا وليست لمصلحة الله. لذلك فالله في حزقيال20 حين أراد أن يظهر محبته لشعبه، قال لهم " أنا قد أعطيتكم الوصايا تحيون بها" (حز11:20). فالخطية تستعبد الإنسان. وحينما تذوق آدم من الشجرة وتلذذ بها انفصل عن الله. وهذا ما نبه له الله ألا يتذوق من الشجرة، ولم يستمع وبنفس المنطق يعطى الله الوصايا ليقول لنا: " آدم خالف الوصية فخرج من الجنة وعاش في آلام الأرض، وأنتم لا تخالفون وصاياى فتتألموا" والله هو الذي خلقنا ويعرف أننا جسد + نفس + روح. أما هؤلاء الفلاسفة فلا يروا سوى الجسد، فأرادوا أن يعطوا هذا الجسد كل ملذاته وشهواته ظنًا منهم أن هذا هو طريق السعادة للإنسان وملء إنسانيته. لكن الله الذى يعرف كخالق لنا أن هناك روح لا تشبع وترتاح سوى بطريق آخر غير اللذات الحسية، أعطانا الوصايا التي من يتبعها تشبع روحه فيجد راحة وسلام وفرح. الله خلقنا على صورته أحرارًا لسبب بسيط، فالله لا يريد عبيدًا. بل خلقنا أحرارًا وبحريتنا إما نقبل الله إلهًا نعبده أو نرفضه. والله يحترم حريتنا هذه، فمن رفضه لا يرغمه الله على شيء. والدليل بلايين البشر الذين رفضوا الله ووصاياه والله لم يتخل عنهم بل كان يطعمهم ويعولهم ويشرق بشمسه عليهم. أما العبودية لآخر (شيطان، شهوة، خطية، لذة) فهي تستعبد الإنسان، ولا يستطيع بسهولة الفكاك من هذه العبودية. والإنسان قبل المسيح استُعبد للشيطان وللخطية. وجاء المسيح ليحررنا (يو32:8ـ36) ويطلب منا أن لا نعود للخطية فنُستعبد. فطالما نحن عبيدًا لله، فنحن أبناء لله، نعيش في بيت الله. في بيت أبينا. نعيش في فرح وفي ملء البركة. أما من يرفض كالابن الضال فهو يخرج من بيت أبيه إلى المجاعة في الخارج وإلى العبودية. وللآن فهناك من يفهم الحرية خطأ، وأن الحرية هي في ممارسة الخطية، فيستعبد لها ويُحرم من بركات الله له. أما الابن الذي يحيا يعبد الله طائعًا وصاياه فيبقى في بيت أبيه مستمتعًا بالأحضان الإلهية الأبوية، لا يعود يخاف من شئ فهو في يد أبيه الإله القوى، لا يخاف إنسان ولا يخاف من الغد ولا يخاف على رزقه، هو سيتحرر من همومه ويعيش في حرية. من يستعبد نفسه لله، لن يعود يهتم بالناس بل بأن يرضى الله، فلن يُستعبد لإنسان ولن يهتم بتقدير أحد. بل سيتحرر من العواطف البشرية. فهو قد أحب الله الذي شعر بأحضانه الأبوية أكثر من الناس وأكثر من أقربائه. سيحب الله أكثر من أبيه وأمه... من يستعبد نفسه لله سيفتح الله عينيه على أمجاد السماء فلا يعود يشتهى شيئًا في الأرض. لذلك قال أغسطينوس: " جلست على قمة العالم عندما صرت لا أشتهى شيئًا في العالم". وهذا هو سر قوة المسيحية أن نرتبط بالمسيح إلهنا بقوة حب ترفعنا للسماء وتحررنا من الأرضيات ونشعر بالحرية الحقيقية، أي أن نتحرر من كل ما يجذبنا للأرضيات ويجعلنا نلتصق بها، لا يعود لشئ سلطان علينا. هذا ليس معناه أن نترك أعمالنا وبيوتنا. بل ابن البيت يأكل ويشرب ويلعب وهو مستمتع بمحبة وأحضان أبيه. ونحن نعيش ونعمل ونتزوج ونحيا حياة طبيعية ولكن القلب لله، يعبد الله، ويستمتع بمحبة أبيه وأحضانه. وهذه دعوة لكل إنسان. ومن يذهب لله ليعبده يجرى الله نحوه بالأحضان. يقول الكتاب .. تعرفون الحق والحق يحرركم: (يو32:8) طريق الحرية الحقيقية هو معرفة الحق. والمسيح هو الحق " أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو6:14). والآب هو الحق، والسماء حق. أما الأرض بكل ما فيها فهي باطل الأباطيل (سفر الجامعة). والأرض بكل ملذاتها ومجدها هي باطل الأباطيل، هي قبض الريح، هي سراب نسعى وراءه ولا ندرك شيئًا سوى أن نُستعبد لشهواتها العمر كله. أما من يتذوق معرفة الله الحق ويتذوق لذة السمائيات فيكون كمن وجد لؤلؤة كثيرة الثمن هي (الحق) فمضى وباع باقي اللآلئ (محبة العالم) وباع أى صارت بلا قيمة عنده. أصبح لا يجرى ورائها ولا يهتم بها. لكننا لن نتحرر من محبة العالم ولذاته ما لم نتذوق أولًا حلاوة المسيح أي نعرف الحق. وهذا هو جهاد المؤمن أن يجاهد في صلاته (يتغصب على الصلاة مت 12:11) ويومًا وراء يوم سيكتشف المسيح. وهكذا في دراسته للكتاب المقدس سيكتشف المسيح (الحق) ويتحرر من عبودية العالم. إذ حررنا المسيح الذي آمنا به لذلك أصبح الموضوع العملى الآن هو كيف نستخدم الحرية التي حررنا بها المسيح ملتزمين بالسلوك الأدبى والأخلاقي. وكأن الرسول يريد أن يقول لا تفهموا الحرية خطأ، فلا تتركوا أنفسكم لشهواتكم، بل بحريتكم إنقادوا للروح لتتذوقوا السمائيات. |
25 - 08 - 2012, 08:03 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: الله يريد أن نختاره بحريتنا ونحبه بحريتنا ولا نحبه كعبيد
ميرسي كتير علي المشاركة
ربنا يبارك خدمتك ويعوض تعبك |
|||
25 - 08 - 2012, 10:46 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: الله يريد أن نختاره بحريتنا ونحبه بحريتنا ولا نحبه كعبيد
ميرسي كتير للمرور الجميل
|
||||
|