08 - 05 - 2020, 02:54 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
نبغي أن نميز بالحواس الروحانية
إرشاد النفوس ليس لكل إنسان
أيها الأحباء المدعوين من الله للحياة الأبدية اسمعوا خُلاصة كلمات التقوى، التي نستقيها من كلام الوحي الإلهي المكتوب بروح الحكمة والمشورة الأزلية،
الذي يُدبر النفس حسناً ويقود طالبي الرب في طريق البرّ بهدوء دون ضجة أو تعقيد أو الدخول في صراع نفسي مرير. أنتم تعلمون من الطبيعة أن المعدة تستقبل جميع الأطعمة، بالرغم من أنه يوجد طعام أطيب من غيره، والإنسان يُميزه بالحواس الخاصة به [النظر – الشم – التذوق]، هكذا بالمثل أيضاً يُميز الإنسان المولود من فوق – بالحواس الروحانية المتقدة بالنور الإلهي – ما بين صوت الله وعمل الروح القدس وبين صوت العالم وخداع الذات، وما بين الفرح الحقيقي الذي من الله والفرح النابع من العاطفة النفسانية الهائجة التي تزول بزوال المؤثر، وأيضاً ما بين الادعاء الكاذب وضلال الشياطين وعمل الأشرار وبين عمل الصدقين وخدمة الملائكة، فقلب الحكيم مملوء بمخافة الرب، بها يكشف كلام الكذب، والقلب الخبيث – بطبعه – يُسبب الغم، ولكن الرجل الناضج الخبير يعرف كيف يتعامل معهُ، وكثيرون انخدعوا باسم التقوى بسبب المظهر الخارجي، فتسرعوا وحكموا قبل الوقت حسب كلام الإنسانية المقنع وحكمة هذا الدهر، فسقطوا في الفخ، وضلوا عن الحق، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة لا تنتهي. فالبعض أفسدهم قدرتهم على أعمال النسك المجهدة، التي اعتمدوا عليها لخلاص نفوسهم، فوقعوا في فخ الكبرياء القاتل للنفس، وعاشوا بالعجرفة، والبعض أضلتهم كثرة المعرفة اللاهوتية التي عرفوها بمعزل عن الله، ولم تتحول في حياتهم لخبرة لقاء حي معه للامتلاء منه، والآخر ارتبك بكثرة الخدمة التي بلا روح إذ قد أفسدت قلبه وأبطلت عمل النعمة المُخلِّصة فيه كما في الآخرين، والبعض فرح ببذل المحبة التي يُقدمها ببساطة قلب بكل نشاط وعزم لا يلين، فأعطى كل وقته للخدمة وانشغل بها أكثر من المسيح الرب سيده العظيم الذي يخدمه، فتاه تحت مُسمى الخدمة وضل عن طريق التقوى وهو يظن أنه يسير باستقامة، ولذلك مكتوب: لاَ تَكُنْ بَارّاً كَثِيراً وَلاَ تَكُنْ حَكِيماً بِزِيَادَةٍ. لِمَاذَا تَخْرِبُ نَفْسَكَ؟ (جامعة 7: 16) والبعض اعتمد على آراء أفكار قلبه وفرح بها فتسرع في اختيار طريقه بلا حكمة ومعرفة مستنيرة بتدبير حسن: [كون النفس بلا معرفة ليس حسناً، والمستعجل برجليه يُخطئ (أمثال 19: 2)]، والبعض استفاق من غفلته لكنه لم يقوى على التراجع عن خطأ اختياره فاستمر فيه وساءت حالته، والبعض الآخر لم يُدرك ويحس بالخطأ الذي ارتكبه فسار في طريقه بلا مبالاة، وآخر سار تحت ألم الضغط العصبي بسبب الصراع بين تتميم الوصايا من الخراج وقلبه مملوء من كل إثم، فعاش في اضطراب نفسي عظيم، فمرة تجده حزيناً مكتئباً وفي أوقات أُخرى منفعلاً وفرحاً، لذلك مكتوب: يَثُورُ السَّيْفُ فِي مُدُنِهِمْ وَيُتْلِفُ عِصِيَّهَا (أبوابها) وَيَأْكُلُهُمْ مِنْ أَجْلِ آرَائِهِمْ (أي مَشُورَاتِهِمِ الْخَاطِئَةِ) (هوشع 11: 6) فاطلبوا الحكمة بإخلاص، بكل وداعة وتواضع قلب، وبطول أناة اصبروا في الصلاة إلى أن تأتيكم من عند أبي الأنوار، ولا تجهلوا مشيئة الله بل اعرفوها من كلمته، التي هي سراج نور مُضيء لكل إنسان يخضع لها، لأنه مُرشد مُخلص في الطريق، ميزانها المحبة ومقياسها التقوى، تُهذب الأتقياء، تُقوِّم النفوس، تضبط أفكار القلب وتُظهر نياته الخفية لتُفلِّح قلب الإنسان لتنغرس فيه وتُثمر ثمراً صالحاً، تُنير العقل، تطرد الخطايا وتحل من الآثام، تنقي القلب، وتُعِدْ النفس بالقداسة لتُعاين مجد الله الحي، باختصار: كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ (2تيموثاوس 3: 16؛ عبرانيين 4: 12) تعلَّم أيها القارئ العزيز، أن تمتحن نفسك طول حياتك، ببساطة دون تكلف ولا تعقيد، على نور وصية الله وضوئها الكاشف لعيوب القلب والميول النفسية المضطربة، إذ أنها ترفع عنها ما يَضُرها وتوجهها لتختار ما هو صالح لبنيانها، لأن ليس كل شيء نافع لكل واحد حتى لو كان صالحاً جداً وشكلة روحاني عميق، بل وحسناً في عيون الجميع ونافع وفالح للبعض، فتباحث في الأمر قبل العمل به، واطلب النصيحة من القديسين عارفي الطريق المملوئين من روح الحكمة والمشورة الإلهية المشهود لهم بالتقوى والاستنارة ورجاحة العقل والتدبير الحسن المُريح للنفوس، لأنه مكتوب: حيث لا تدبير يسقط الشعب، أما الخلاص فبكثرة المُشيرين، مقاصد بغير مشورة تبطل وبكثرة المشيرين تقوم (أمثال 11: 14؛ 15: 22)، فقرار الإنسان يؤدي إلى إحدى الطريقين، الحياة أو الموت، وبالتالي الخير أو الشرّ. ولننتبه ونحذر، لأنه يوجد عينة مِنَ الناس من يعرف ويُعلِّم الكثيرين، لكنه لا يُفيد نفسه شيئاً بكون تعليمه نظري غير قابل للتطبيق البسيط في واقعية الحياة اليومية، ومنهم من يُرشد الآخرين بآرائه الشخصية التي تخص خبرته وحده ولا تنفع غيره أبداً، ومنهم من يدَّعي الحكمة في الكلام وهو ما زال طفلاً يحتاج للبن العقلي العديم الغش، بكونه لم ينضج بعد على مستوى رجال الله القديسين، والرب لم ينعم عليه بأي مواهب بعد، ولا هو من الحكمة في شيء، لأنه مثل النبتة الصغيرة التي تحتاج لرعاية خاصة ولم تنمو بعد لتصير شجرة مثمرة صالحة لإطعام الجائع، فكل شيء تحت السماء له وقت وميعاد خاص، فلا تثمر الشجرة قبل أوانها، ولا تنبت البذرة قبل دفنها في الأرض الطيبة ورعايتها بالماء والسماد اللازم. فمن هو الناضج روحياً والحكيم الذي يُعلِّم شعب الله الحي أعضاء جسد المسيح الرب، إلا الذي امتلئ بركة من الرب إذ ثبت في الإيمان وسلك بالقداسة وانتصر باسم رب الجنود الكامل الذي أحبه من كل قلبه فأطاع وصيته، وتربى وتهذب بكلمة الحياة فصارت حكمته دائمة الفائدة، وكل من يراه يمجد عمل الله ويستمع لمشورة الحكمة الخارجة من فمه بالروح القدس الناري المرشد الحقيقي للنفوس المشتاقة لحياة البر والتقوى. سامع مشورة الحكماء حكيم، ومن يعرف حقيقة نفسه الخالدة يعرف الله
ومن يعرف الله يستحق أن يعبده بالروح والحق؛ كونوا مؤمنين بالله ولا تخيبوا من نعمته
ولا تسيروا وراء أفكار القلب الخادعة أو تصدقوا الغير أمناء الذين لم ينالوا موهبة الروح
|