رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
علاج الشعور بالوحدة
لقد خُلقنا من أجل الحب والفرح- فلماذا نشعر بالتعاسة؟ إذا كنت تستمع إلى أفضل الموسيقى الريفية الغربية أو تقرأ معظم أشعار سن المراهقة، فهذا يعني أنّك تعلم أن الشعور بالوحدة مؤلم وشائع ومزمن. ومع ذلك، يبدو أن التجربة والوعي حول الوحدة يتسارعان في الوقت الحاضر. ويتحدث علماء النفس عن وباء الوحدة؛ فيتم تدريب ساعي البريد للبحث عن علامات تدل على وفاة أحد السكان بمفرده ومعرفة ما إذا كان متوفيًا منذ وقت طويل؛ ويتم تصميم إنسان آلي ليكون مرافقًا لكبار السن؛ ويتحدث الأثرياء الذين لم يرزقوا بأولاد عن حيواناتهم الأليفة وكأنها أطفالهم؛ وبالطبع، تنشغل الحكومات البيروقراطية بمعالجة مشكلة الوحدة. فعام 2018، أنشأت الحكومة البريطانية دائرة لمكافحة الوحدة، وعينت وزيرًا لها، وبدأت تقدم تقارير سنوية عنها. ماذا يجري هنا؟ أطرح هذا السؤال لأنني أجريت مقابلة في وقت سابق مع الباحث والكاتب فرنسيس إثيردج، تناولت خلالها الموضوع التالي: “متى تبدأ الحياة البشرية؟”. ثم تطور الحديث ليصبح انعكاسًا للوحدة كنوع من الغموض. باختصار: نحن البشر مخلوقون من السخاء المطلق واللانهائي من صورة الله ومثاله، أي أننا عقلانيون وحرّون وأخلاقيون واجتماعيون؛ فأجسادنا وأرواحنا هي تذكير دائم بأننا خُلقنا من أجل التعاون والعيش في مجتمع. ويشير المنطق وتؤكد الرؤية أننا خُلقنا أيضًا لتحقيق كامل بالحب. إذًا، كيف يمكن لمخلوقات من هذا الأصل والطبيعة والمصير أن تعاني من الشعور بالوحدة على نطاق واسع ومزمن؟ فلنبدأ بما هو واضح ولنعد إلى الجذور. يقول أحد المدونين المفضلين لدي وهو دين أبوت: “إن المهمة المتواصلة للإنسان المعاصر هي إخفاء مدى وحدته وخوفه وإرباكه بسبب كل زيناته”. يتفق كل من الحداثة والحكمة اللامتناهية للكنيسة على أننا لا يجب أن نعاني من الشعور بالوحدة على نطاق واسع وعسير؛ والحداثة، بوعدها بتحريرنا جميعًا من الله ومن أرواحنا، أكدت أن كل أشواقنا يمكن أن يتم إرضاءها بالألعاب والملذات. وإذا لم ينجح الأمر، فالعلاج الوحيد هو بذل المزيد من الجهد بمساعدة ألعاب أكثر لمعانًا وملذات أكثر ضخامة؛ ونحن نعلم بالفعل أن هذا ليس الحل لأننا كائنات روحانية، وليس مجرد صدف جسدية تتجول وتنتظر الموت. ويشير سي. أس. لويس إلى الاتجاه الصحيح، قائلًا: “يطلب الأشخاص الذين ينقصهم الحب وساجنو أنفسهم السماح لهم بابتزاز الكون، فيكونون بانتظار الوقت الذي سيصبحون فيه سعداء وفقًا لشروطهم الخاصة، لا يجوز لأحد أن يتذوق طعم الفرح، ويجب أن تكون السلطة النهائية لهم وأن يستخدم الجحيم حق النقض ضد الجنة”. إن الخطوة الأولى الكبيرة هي أن نعترف بأننا نعيش في ثقافة تسهل انتشار الوحدة المرضية. فعندما نرتب حياتنا الفردية والاجتماعية وفقًا لمحاولتنا بأن نكون بشرًا بحسب شروطنا الخاصة بدلاً من الانسجام مع الواقع، عندها نصبح بائسين، ثم حادّي الطباع وحاقدين إذا لم نُعالَج. لماذا نفعل ذلك؟ لننتقل مرة أخرى إلى ما يقوله سي. أس. لويس: “إذا قبلنا الملكوت، لن نتمكن من الاحتفاظ حتى بأصغر وأحمّ ذكريات الجحيم”. يحدد لنا لويس جذور المشكلة؛ فالثقافة التي تسرع وتعمق الوحدة بشكل لا إنساني وتجديفي، هي ثقافة مبنية على الوثنية، وهي إرادة تمرد ذاتية ترفض ما يقدمه الله. إذا أردنا التوقف عن كوننا بائسين وأن نبني عائلات ومجتمعات وثقافات وحضارة ذات طابع إنساني تقودنا إلى تحقيقنا الإلهي المراد، يجب إذًا أن نتحرر من أوهامنا من أجل الحصول على السعادة الحقيقية والدائمة. ولكن كيف يمكننا أن نقوم بذلك؟ إن عقولنا مظلمة وإرادتنا ضعيفة، ويبدو أن قدرتنا على علاج الأنانية والإدمان والوهم صعبة أو مستحيلة. لقد عرفت الكنيسة دائمًا أن الطبيعة البشرية تتعرض للخطر بسبب الخطيئة الأصلية، وبالتالي لا يمكنها الحصول على سعادة حقيقية ودائمة في هذه الحياة أو في الأخرى، بعيدًا عن عمل المسيح الخلاصي. تم تكليف الكنيسة بعلاج الوحدة بمساعدة الإنجيل والأسرار المقدسة؛ فالناس الذين يعرفون ويحبون المسيح ويعيشون وفقًا لتعاليم الإنجيل ويلتقون بيسوع في أسراره المقدسة، هم وحدهم يعرفون هوياتهم ولمن يتبعون. ومن خلال الشفاء والكمال بالنعمة، يمكنهم إعطاء وتلقي الحب الذي لطالما أعدّه الله للبشر. دعوا الكنيسة تعلن أن علاج الوحدة هو المسيح! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الشعور بالوحدة |
اسباب الشعور بالوحدة |
علاج الشعور بالوحدة |
الشعور بالوحدة والعزلة |
عند الشعور بالوحدة |